سياسة

هل يصلح الكاظمي ما أفسده المالكي؟


يبدو لي أن زيارة السفير السعودي إلى بغداد لها ما بعدها، فهي زيارة مهمة تستكمل العلاقات المتطورة مع ‫العراق وإعادته إلى حاضنته العربية، وتدخل ضمن الجهود الكبيرة للمملكة العربية السعودية للتعاون مع العراق الذي ينمو باضطراد في ظل التحديات الراهنة، لا شك أن العراق تجمعنا به روابط عميقة، أخذت من التاريخ رسوخاً ومن المستقبل طموحاً، وفيها دعم لجهود الكاظمي لتحقيق كل مافيه خير للعراق وأهله، وأنها مستعدة لتقديم الكثير للعراق وشعبه إن هو أراد ذلك عمليا، وهي ‏زيارة مهمة في وقت مهم وحساس لدولة نتمنى أن تعود إلى مكانها الطبيعي بين أشقائها دول الخليج العربي، وهي زيارة فرح لها كل عربي حر أصيل، وغضب منها كل عميل موال لنظام الملالي، لاسيما أن ردود الفعل الإيجابية الصادرة من العراقيين دقت ناقوس الخطر في قلب طهران ومليشياتها، كما أن استمرار الزيارات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين لهو مؤشر كبير على جدية الجانبين في المضي قدما نحو إعادة توثيق العلاقات الثنائية، والدفع بالعراق لاستعادة ثقله بالحفاظ على سيادته، وإحياء اقتصاده بما يعود بالنفع على الشعب العراقي بعيدًا عن تدخلات ‫إيران من الشرق وعدوان تركيا ‫المتكرر من الشمال.

هذه الزيارة وجهت لها سهام الهجوم الإعلامي الإيراني، مما يؤكد الرفض الإيراني لها، وأن السعودية غير مرحب بها في العراق بأمر خامنئي ونظامه الطائفي، وهو ما يجعل السعودية تبدو وكأنها أمام اختبار ليس سهلًا لإعادة العراق إلى محيطه العربي؛ بوجود مليشيات وأحزاب سياسية في العراق تعلن جهرًا ولاءها إلى إيران والمرشد، رافضة أي تقارب عراقي مع السعودية، مثبتة تغلغلها لدرجة السيطرة، ليس ذلك فقط بل أصبحت تشكل دولة موازية في العراق من أهدافها : قطع كل العلاقات مع دول الجوار والعالم، وتحويل العراق إلى قرية معزولة عن العالم تحت سيطرة المليشيات؛ لتمارس إجرامها بحرية، وهو ما يضع حكومة الكاظمي أمام تحد صعب جدًا في بناء العراق الجديد، نظرا للأهمية الإقليمية الكبيرة للعراف في محيطه العربي، لاسيما وأن الوقت مناسب لإبعاد طهران عن بغداد.

الملفات العراقية التي تتطلب الحوار والنقاش والإصلاح متعددة ومتداخلة، ولكن الأهم فيما يعتقده الكثير ” الملف الأمني وسيادة العراق “، ثم إصلاح الوضع الاقتصادي في بلد غني بالثروات، لكنه غارق بالفساد، إضافة إلى تحجيم نفوذ المليشيات، فكل مشاكل العراق في هذا المسار، لم يعرف العراق مقومات ثابتة عملت على ضبط توازنه الأمني وسيادته وضبط اقتصاده منذ دخول القوات الأمريكية إلى بغداد عام 2003م، لتأتي مرحلة الطائفية والتفجيرات والاغتيالات وعصر هيمنة المليشيات و ممارسة الإرهاب.

عموماَ كل المؤشرات تقول إن العراق يمضي قدما نحو التحرر من الارتهان لإيران لأكثر من سبعة عشر عاما، لاسيما أن ‫الكاظمي أبلغ ‫قآني كما ذكرت وكالة فرانس برس “علاقتنا يجب أن تكون دولة أمام دولة و ليس دولة مقابل ‫مليشيات فاسدة مدعومة إيرانيا”، وحتى وإن كان ذلك يجري بخطى بطيئة، فالسير نحو العمق العربي هو خيار وليس رفاهية، فخطوات الكاظمي الحثيثة تحتاج الكثير من الإرادة الصادقة والدعم الشعبي.

بين هذا وذاك يبقى السؤال المطروح: هل يستطيع الكاظمي إصلاح ما أفسدته الحكومات الطائفية السابقة؟ لاسيما وأن التوجه نحو السعودية هو مفتاح العراق نحو الاندماج مع العالم وعودته إلى وضعه المستقر؛ ليعود العراق إلى أيامه الجميلة وتاريخه العظيم.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى