هل يتخلى الدبيبة عن السلطة في حال توصل إلى اتفاق بشأن حكومة جديدة؟
بات حديث المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي. حول ضرورة وجود حكومة «موحدة» تقود البلاد إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية مهيمناً على مجمل نقاشات النخبة السياسية في ليبيا.
كما أن التوجه الأممي، الذي عُزِّز بموقف واشنطن بالانفتاح على وجود حكومة جديدة، خلفاً لحكومتي عبد الحميد الدبيبة وأسامة حماد. بات يطرح تساؤلات كثيرة تتعلق بسيناريوهات كيفية تسليم السلطة. وما إذا كان الدبيبة سيقدم على ذلك بشكل سلمي ودود حدوث مواجهات، أم أنه سيواصل تشبثه بموقعه.
ورأى عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني، أن قرار التشكيلات العسكرية المتمركزة بالعاصمة بالاستمرار في دعم الدبيبة من عدمه. سيكون العامل الرئيسي المحدد لحسابات الأخير في المرحلة المقبلة، ما بين نقل السلطة بشكل سلس للحكومة الجديدة أو مقاومتها.
وأكد الجهاني «قيادات تشكيلات بالعاصمة ستحاول قياس وتقدير حجم القوى السياسية والعسكرية المعارضة للدبيبة أولاً». موضحاً أنه «في حالة استشعارهم أن كفة الميزان ستميل لهؤلاء المعارضين، وأن هناك استمرارية في الدعم الدولي والأممي لإيجاد حكومة جديدة، فإنهم لن يترددوا حينذاك بالتخلي عنه».
ورفض الجهاني تفسير البعض لحديث باتيلي عن الحكومة «الموحدة» بكونه دعوة للدمج بين حكومتي الدبيبة وحماد. وقال: «إلى الآن هناك استبعاد بشكل كبير لسيناريو دمج الحكومتين».
بالمثل استبعد عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، حدوث دمج بين الحكومتين. إلا أنه أكد في المقابل استمرار حكومة الدبيبة في عملها لحين تحقيق الخطوة الأولى بمسار تشكيل الحكومة الجديدة، التي أشار إليها باتيلي، وهي التوافق حول القوانين الانتخابية ما بين مجلسه و«النواب».
وعبَّر معزب عن أسفه لوجود «فجوة كبيرة بين المجلسين حول نقاط الخلاف الرئيسية بالقوانين؛ وهي ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للرئاسة». وقال بهذا الخصوص: «نحن اقترحنا في المجلس أن يقدم مزدوج الجنسية ما يثبت من الدولة المانحة للجنسية أنه تنازل عنها، ليسمح له بالترشح».
وتابع معزب مستدركاً: «لكن مجلس النواب يصر على أن يطبق هذا الأمر في الجولة الثانية، في حال فاز المترشح بالجولة الأولى، وهو أمر غير مطبق في أي مكان بالعالم». وتساءل: «كيف يكون المترشح لرئاسة البلاد يحمل جنسية أجنبية. كما أن التنازل عن جنسية بعض الدول، كالولايات المتحدة، يتطلب شهوراً طويلة».
وذهب معزب إلى أنه «حال حدوث توافق على القوانين الانتخابية فإن تشكيل حكومة جديدة قد يكون ممكناً؛ لكن بشروط. وهي أن تكون حكومة مصغرة، وبعيدة تماماً عن المحاصصة السياسية، وألا يسمح لرئيسها بالترشح للسباق الرئاسي، والأهم أن تحظى بتوافق الفاعلين الرئيسيين في الساحة كافة، ومنهم الدبيبة».
ويرى معزب أنه في حال تحقق هذا السيناريو – وإن لم يكن سهلاً وسيتطلب بعض الوقت – فإنه سيكفل «انتقال السلطة بلا معوقات، وسيتقبلها الدبيبة. وذلك لتطلعه لخوض السباق الرئاسي؛ أما إذا لم يتحقق هذا السيناريو فمن غير المستبعد حدوث توترات».
وبالمقابل، قال المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، إن الدبيبة تجاهل في أول تعليق له على إحاطة باتيلي الحديث عن الحكومة الجديدة، واكتفى بتأييده مسار إنجاز الاستحقاق الانتخابي.
ورأى المهدوي أن «الحل يكمن في توجيه واشنطن رسالة تحذيرية شديدة الوضوح للدبيبة، وهو ما قد يكون كفيلاً بتغيير خططه، إذا ما حاول إحداث أي معارضة لنقل السلطة»، وقال إن «تكرار التلويح بالعقوبات الدولية لن يجدي نفعاً». مؤكداً أن الأزمة «تكمن في تذبذب مواقف واشنطن من الأوضاع بليبيا، وقد تدفعها التطورات بمنطقة الساحل الأفريقي إلى قبول المزيد من توغل الأتراك بالمنطقة الغربية، وبالطبع فالجميع يعرف التحالف الوثيق بين أنقرة والدبيبة».
وبدوره، قال المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، إن مواجهة التشكيلات المسلحة والقوى الخارجة عن الشرعية كافة بعموم البلاد «تتطلب وجود حكومة منبثقة عن برلمان منتخب يحظى بالشرعية الكاملة».
الكبير أكد أن مواجهة التشكيلات المسلحة «تتطلب وجود حكومة منبثقة عن برلمان منتخب» (النواب)
وشدد الكبير على أن «أي خطوة بملف تغيير السلطة التنفيذية ترتهن بدرجة كبيرة بحجم الإنجاز بالقوانين الانتخابية. وضمان قبولها من القوى السياسية كافة»، متوقعاً «استمرار حكومة الدبيبة في عملها لحين حدوث هذا التوافق، خصوصاً في ظل ما يحظى به من دعم محلي ودولي».
وفي هذا السياق، لفت الكبير إلى «وجود تيار عريض من الليبيين يرفض فكرة الحكومة الجديدة، ليس حباً أو تمسكاً بالدبيبة وطاقمه الوزاري. وإنما لتخوفه من أن تكون تلك الحكومة أداة لتمديد المرحلة الانتقالية، وابتعاد حلم إنجاز الانتخابات».