سياسة

هل ستنفذ جماعة الإخوان وعدها بتحويل تنظيمها إلى تيار عام؟


ما يزال عدد من المراقبين يتعاطون تحليلياً مع جماعة الإخوان المسلمين، كونها ذات كيان تنظيمي واحد، يخضع لقيادة عليا واحدة، ووحدة فكرية وسياسية جامعة، كما كانت عليه قبل الإطاحة بحكمهم في مصر، منتصف العام 2013، وهو ما يؤدي إلى أخطاء فادحة في نتائج التحليل، وقراءة مواقف الجماعة السياسية، ورؤيتها للواقع والمستقبل.

لم تعد جماعة الإخوان المسلمين المصرية، تنظيماً ذا مركزية واحدة، بعد أن شكلت الجماعة لجنة بديلة لمكتب الإرشاد، الذي زجّت السلطات المصرية بأغلبيتهم في السجون، على خلفية اتهامهم بقضايا “عنف وإرهاب”، وتولّى قيادة هذه اللجنة في البداية، عضو مكتب الإرشاد، محمد كمال، حتى منتصف العام 2015.

انهيار المركزية
بعدها دبّت الخلافات بين القيادات القديمة في مكتب الإرشاد، وأعضاء اللجنة الإدارية العليا، التي يقودها “كمال”، متّهمين إياه بمحاولة “خطف” الجماعة والطموح في تنصيب نفسه مرشداً، وأخذها في اتجاه العنف المسلّح العلني والصريح، وهو ما أدّى بـــ “كمال” إلى الاستقالة من منصبه، في تسجيل صوتي نشرته مواقع الجماعة التابعة له، إلا أنّه دعا في التسجيل نفسه، إلى أن يحذو أعضاء المكتب حذوه، لكنّهم تجاهلوا دعوته.

وبعد أن تشكّلت لجنة إدارية عليا ثانية، تمرد أغلب أعضائها على القادة القدماء، فما كان منهم إلا أن نحّوها جانباً دون إجراء عملية انتخابية، وقاموا باسترداد صلاحيتهم، وتعيين محمود عزت قائماً بأعمال مرشد الجماعة.

من هنا انشطرت الجماعة تنظيمياً إلى شطرين؛ الأول يمثله ما يسمى بالقيادات التاريخية، وأبرزهم القائم بأعمال المرشد، محمود عزت، والأمين العام، محمود حسين، والقيادي في التنظيم الدولي، إبراهيم منير، ويستندون في شرعيتهم بالسبق في الانتماء للجماعة، وجهادهم من أجلها عشرات الأعوام، فضلاً عن أنّهم يمثلون ما تبقى من مكتب الإرشاد القديم.

أما الشطر الثاني؛ فتمثله ما يُطلق عليها إعلامياً “جماعة المكتب العام”، وهي التي تشّكلت قيادتها بعد حلّ مكتب الإرشاد، وتشكيل لجنة مفوضة بديلة عنه، بعد أحداث الثلاثين من حزيران (يونيو)، وبدء الشتات الثاني للجماعة.

وامتلكت كلّ جماعة منابرها الإعلامية الخاصة، ومتحدثيها الرسميين، وبياناتها المتباينة، التي تصدر غالباً في مناسبات وتوقيتات واحدة، بيد أنّ المدقِّق في بيانات الفريقين سيخلص إلى الفروقات الواضحة بينهما، خاصّة فيما يتعلق بدرجة العنف والتشدد.

فالموقع الرسمي لــ “المكتب العام”، الذي يشرف عليه المتحدث الرسمي، عباس قباري، يضع على ترويسته صوراً لعدد من رموز الجماعة، يأتي في مقدمتهم، سيد قطب، ثم حسن البنا، ومحمد مرسي، يأتي بعده مباشرة محمد كمال، الذي يسبق في الترتيب، مهدي عاكف، المرشد السابق للجماعة، ثم يتجاهل وضع صورة للمرشد المسجون، محمد بديع، وغيره من رموز الجماعة، فيما وضع موقع الجماعة الموالية لــ “عزت” صور مرشدَي الجماعة من حسن البنا حتى محمد بديع.

رمزية “قطب

إلا أنّ دلالة الاحتفاء بسيد قطب، ومحمد كمال، تعني أنّ الأخير هو السائر على منهجية الأول، في الأفكار التي دشّن لها، مثل: الحكم على المجتمعات بالجاهلية، وشرعنة الدفاع المسلّح عن الجماعة، وحتمية المواجهة، وضرورة المفاصلة.

في شباط (فبراير) من العام الجاري، نشر موقع “المكتب العام”، المحسوب على محمد كمال، بياناً جاء فيه: “أيّها الأبطال؛ إنَّا والنظام في مفاصلةٍ، وقد وصلنا وإياه لمنتصف الطريق، واعلموا أنَّه إذا تراجعتم لن تحيوا ما مضى، ولن تنقذوا ما تبقى، فاجمعوا أمركم على ثورةٍ لا تبقي من الظالمين دياراً، فتقتصّوا لشهداء مضوا على الدرب، وتنقذوا بها أهليكم، ووطنكم”.

نقف هنا عند مصطلح “المفاصلة”، وهي المفردة التي شاعت في أدبيات سيد قطب، والمودودي؛ بل وفي منهجية التغيير عند الشيخ الألباني، والعديد من التيارات السلفية، وهي تعني إعلان الحرب ضدّ النظم والشعوب الممتنعة عن تطبيق شرع الله، وذلك في لحظة تراها الجماعة المؤمنة مواتية لذلك، وبعد أن يقسم الناس إلى فسطاطين؛ فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان.

كما أنّ مفردة “الثورة” تحمل معنى مختلفاً لدى هذا الفريق؛ فهي لا تعني المعارضة السلمية للنظام، بل تعني المعارضة العنيفة، وردود الأفعال الانتقامية الدموية.

وهو المعنى الذي يوضحه القيادي في تلك الجبهة، مجدي شلش، على فضائية “مكملين”، قريبة الصلة من هذا التيار؛ إذ يقول شلش: إنّ “الأمن المصري يصرّ على تسمية الحراك الثوري ضدّه بـ “اللجان النوعية”، لكن مسمّاه في الأصل هو “اللجان الثورية”. لكن الأخطر في هذا اللقاء، هو تبنّي شلش لكتاب كان مجهول النسب إلى هذا الوقت وهو الكتاب المعنون “فقه المقاومة الشعبية”؛ إذ حكى الرجل قصة هذا الكتاب، وكيف كلفت اللجنة الإدارية العليا، بقيادة محمد كمال، لجنة شرعية لصياغته وإعداده.

يخلص هذا الكتاب إلى الحكم على النظام الحاكم في مصر، بأحكام متنوعة، يرى أنّها تنطبق عليه جميعها (خوارج، بغاة، محاربون لله ورسوله)، ثم يعود للتأكيد على أنّ وصف من أسماهم بــ “الانقلابيين” بالخوارج فقط “شرف لا يستحقونه”، ويرى أنّهم “يستحقون حدّ الحرابة بجدارة”.

أدبيات جهادية
واستخدم الكتاب مصطلحات لم تكن تستخدمها جماعة الإخوان من قبل؛ إذ إنّه استرسل في شرح مفهوم “دفع الصائل” الذي يصل إلى حدّ القتل في أحوال عدة قام بشرحها، مدشّناً علنياً لشرعية العمليات الإرهابية في مواجهة الدولة.

ورأى شلش؛ أنّ كتاب “فقه المقاومة الشعبية” بمثابة التأسيس الثالث للجماعة، الذي بُني على معادلة تقضي بامتلاك القوة، وتأتي عن طريق خطة لــ “الإرباك والإنهاك والإفشال، ثم السيطرة على المفاصل، وإسقاط النظام”، وفق قوله.

وتحدّث شلش عن “دفع الصائل” بوصفه “بديهية من بديهية الإسلام لا ينكره إلا من انتكست فطرته”، بينما شدّد على أنّ “السلمية ليست ثابتاً من ثوابت الإخوان”، وأنّ “شعار سلميتنا أقوى من الرصاص تغيّر الآن وأصبح سلميتنا أقوى بالرصاص”.

وكشف أنّ ما أسماها “الهيئة الشرعية” فرقت بين المشاركين فيما أسماه “الانقلاب”، فمنهم من يستحق القتل ومنهم من يستحق التحذير الذي هو ما دون القتل.

ولا تخلو بيانات هذا الفريق من لهجة جهادوية حشدية واضحة، فجاء في أحد بياناته: إنَّ “المكتبَ العام لجماعةِ الإخوان المسلمين يمدّ يديه، ويفتحُ أبواب مؤسساته مشرَّعة أمامَ كلّ غيور ضمن إعداد لم ولن يتوقف إلا بنصرٍ تقرّ به أرواح الشهداء، ويُذهب به الله غيظ قلوب المؤمنين..”.

ويقول، مستخدماً أشعار سيد قطب الجهادية: إنَّ “وصايا الشهداء، ورسائل الثبات والتحدي من الأحرار خلف القضبان في كلّ السجون تستصرخكم أنْ لا تحيدوا وإنْ عظُم الثمن، واجعلوا لسان حالكم كلمات الشهيد القائد سيد قطب: أخي إنَّني اليوم صلبُ المراسِ.. أدُكّ صخورَ الجبال الرواسي.. غدًا سأشيح بفأس الخلاص.. رؤوس الأفاعي إلى أن تبيد”.

انفصام فكري
فجأة، في أواخر الشهر الماضي، أصدر هذا الفريق بياناً حمل عنوان “بيان من الإخوان المسلمين إلى الأمة حول الواقع الجديد للقضية المصرية”، وهو خطاب ليس موجهاً على الأخص للشعب المصري؛ بل إلى “الأمة” بشأن ما يراه مَن صاغ البيان واقعاً جديداً للقضية المصرية.

في المحور الثاني من البيان، تشدّد الجماعة على أنّها لن تقبل الحوار مع السلطة، ولن تقترب منها، مستخدمة تعبير “ولا نشتبك معه سياسياً”، لكنّ الجماعة كانت ستكون قد برأت نفسها لو قالت: “ولا نشتبك معه عسكرياً أيضاً”، لكنها لم تشجب يوماً عمليات قامت بها حركتا حسم ولواء الثورة ضدّ الدولة المصرية، بل ولم تعلن تبرّؤها من تلك الحركات، ولم تقل يوماً إنّها ليست تابعة لها، عكس الفريق الآخر الذي صرّح مؤخراً بأنّ “حسم” ليست تابعة له، وإن لم يشجب أفعال حسم الإرهابية.

وإذا كانت هذه الجماعة تؤكد أنّها لن “تشتبك مع النظام سياسياً” فإنّها ترى في بيانها أنّ “الخروج من الأزمة التي يعيشها الوطن هو إنهاء الحكم العسكري” فإنّها لا تؤكد على الطريق السلمي في إنهائه؛ بل تتحدث عن مرحلة ما بعد انتهائه مباشرة، وفرض عدد من الشروط، منها عودة العسكر إلى الثكنات، وهو شعار رُفع بُعيد ثورة الثالث والعشرين من حزيران (يونيو) عام 1952، ومنها تطهير الإعلام والقضاء “المؤيدين لثورة يونيو” وعودة الشركات الاقتصادية “المملوكة للجماعة”.

في المحور الثالث، يتحدث البيان، عما أسماها “إستراتيجية النضال ضدّ الحكم العسكري”، والتي لا يأتي فيها على كلمة “السلمية” أيضاً فيقول: إنَّ “أطر التغيير في الدول، وفق التجارب عبر التاريخ، لها ثلاثة أشكال؛ إما النضال الدستوري، وإما النضال الثوري، وإما النضال العسكري”.

الثورية المسلّحة
ثم يستبعد ما يسميه هو “النضال الدستوري” في الحالة المصرية؛ بل يذهب إلى اختيار النضال الثوري، وهو هنا يحمل تعريفاً مختلفاً عند هذا الفريق في الجماعة، إلا أنّه يضيف إليه كلمة “الشامل”، ليبقى “النضال الثوري الشامل”، والذي لا يعطينا تعريفاً له في بيانه، إلا أنّه يظهر أنّه ليس سلمياً، تلك الكلمة التي لم ترد في بيانات تلك الجبهة منذ ظهورها.

يقول البيان: “وترى جماعة الإخوان المسلمين أنّ الحكم العسكري في مصر، وتكوين المجتمع المصري ونخبته السياسية والاتجاه الشعبي العام لا يتناسبُ معه إلا الخيار الثوري الشامل والتغيير الكلي لمنظومة الحكم في مصر، ومواجهة آلتها العسكرية بالمنهجية الثورية التي شهدها العالم بامتلاك أدوات المقاومة المدنية المشروعة للشعوب للخلاص من النظم الديكتاتورية العسكرية، والتي دعمتها قرارات الشرعية الدولية في عدة دول مرات عديدة، وهذا هو الخيار الإستراتيجي للإخوان المسلمين في مصر، حتى وإن طال الزمن في ذلك الطريق”.

هنا، ترى الجماعة أنّ من حقها استخدام “الخيار الثوري الشامل”، من أجل “التغيير الكلّي لمنظومة الحكم في مصر”، كما أنّه بمقدور تلك الثورة الشاملة أن تواجه الآلة العسكرية، ومن حقّها امتلاك أدوات مقاومة مدنية باعتبار ذلك حقّاً مشروعاً للخلاص من النظام.

يتطرق البيان بعد ذلك إلى الأهداف التي تعمل من أجلها الجماعة، فيتحدث عن ضرورة “تحرير سجناء الرأي بشكل منهجي وعاجل”، وبغضّ النظر عن كلمة “تحرير”، التي يحاول البيان من خلالها الإيحاء بأنّ السجناء المنتمين للجماعة هم تحت قبضة سلطة احتلال لا دولة تقوم على مؤسسات عتيقة، فإنّ السلطات المصرية طالما نفت أن يكون لديها معتقلون أو سجناء رأي، إنما سجناء جنائيون متهمون أو محكومون على خلفيات قضايا جنائية.

بيد أنّ البيان يفصح عن الهدف من تحرير هؤلاء، وهو أنّهم “يمثلون دعماً حقيقياً لأيّ عمل ثوريّ مرتقَب”.

مهادنة وممالأة
يعود البيان ليدعو إلى “توحيد المعسكر الثوري ونبذ الخلاف” حتى للشطر الثاني في التنظيم “جماعة عزت”، فيقول: “وهو ما نقدمه كطرح عام إلى كلّ الرافضين للحكم العسكري، بمختلف الأيدولوجيات والأفكار، وفي القلب منهم إخواننا في الطرف الآخر من الإخوان المسلمين لتجاوز مرحلة الخلاف”.

وهنا، نقف لنتساءل: ما الذي يجعل هذا الجناح، الأكثر تشدداً، والذي كان يستعمل لوقت قريب أدبيات دفع الصائل، ويتوعد لأخذ الثأر لمقتل زعيمه، محمد كمال، أن يدعو الفصائل المعارضة، الليبرالية منها واليسارية، لأن تصطفّ معه في معسكره، بحجّة نبذ الخلاف، وما عساها تكون تلك المشتركات الفكرية بينه وبين تلك الفصائل، التي ترفض الأدبيات الجهادية، وتمتلك رؤية مخالفة لشكل الدولة ونظامها الأساسي وآدابها العامة؟!

يعود البيان ليكشف عن مراجعات قامت بها الجماعة مؤخراً، لتؤكّد لمن تدعوهم بالتحالف معها بأنّها اكتشفت أخطاء قامت بها في مرحلة الثورة والحكم: “ومع تقديم هذا الطرح؛ فإنّنا قد قمنا بمراجعات داخلية متعددة، وقفنا خلالها على أخطاء قد قمنا بها في مرحلة الثورة ومرحلة الحكم، كما وقفنا على أخطاء وقع فيها الحلفاء والمنافسون من مكونات الثورة، وقد تسبّبت تلك الأخطاء والخلافات في تمكين الثورة المضادة من زمام الأمور”.

لكنّ الجماعة التي تصرّ على أنّ منافسيها ارتكبوا أخطاء بدورهم، كما ارتكبت هي، لا تفصح عن ماهية تلك الأخطاء، إذ ربما كانت تقصد عدم التبكير بالقضاء على التحالف المناهض لها، والذي استطاح الإطاحة بها في الثلاثين من حزيران (يونيو).

وإذا كانت تلك المراجعة لا تشمل الاعتراف والاعتذار عن الأفعال العنيفة التي قامت بها والجماعات المسلحة المنبثقة عنها، فما هي يا ترى قيمة تلك المراجعات وجدواها، في ظلّ كراهية عنيفة ما تزال الجماعة تستخدمها حتى في هذا البيان.

الوعد المشروط
وفي النهاية؛ تقدم الجماعة الوعد لقوى المعارضة، وهي أنّها ستتخلى عن العمل التنظيمي، لصالح العمل كتيار عام، لكنّها تشترط ذلك بعد الإطاحة بالنظام القائم، ولا تجيب على سؤال محوري هو: لماذا ليس الآن؟

يقول نصّ البيان: “لذا فإننا نعلنُ أنَّ جماعة الإخوان المسلمين تقفُ الآن على التفريق بين العمل السياسي العام وبين المنافسة الحزبية الضيقة على السلطة، ونؤمن بأن مساحة العمل السياسي العام على القضايا الوطنية والحقوق العامة للشعب المصري، والقيم الوطنية العامة وقضايا الأمة الكلية، هي مساحة أرحب للجماعة من العمل الحزبي الضيق والمنافسة على السلطة”.

ومع ذلك؛ فإنّ تحوّل الجماعة لتيار عام، لا يمنعها من ممارسة العمل السياسي العام، وهو المعنى العام الفضفاض الذي لم تضع له تعريفاً منضبطاً: “وسنعمل في مرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب العسكري كتيار وطني عام ذي خلفية إسلامية، داعمين للأمة، ونمارس الحياة السياسية في إطارها العام، وندعم كلّ الفصائل الوطنية التي تتقاطع مع رؤيتنا في نهضة هذا الوطن في تجاربها الحزبية، ونسمح لأعضاء الإخوان المسلمين والمتخصصين والعلماء من أبنائها بالانخراط في العمل السياسي من خلال الانتشار مع الأحزاب والحركات التي تتقاطع معنا في رؤيتنا لنهضة هذه الأمة”.

لكنّ الجماعة لا تجيب عن العديد من الأسئلة المحورية منها: ماذا عن الدماء التي سفكت بأيدي التنظيمات المنبثقة منها؟ ولماذا يثق الشعب بوعود الجماعة بتحويل نفسها لتيار عام بعد أن أعطت العديد من الوعود ونكثت بها؟

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى