هل دبلوماسية الإخوان الفاشلة هي السر وراء غياب تونس عن مؤتمر برلين؟


تعقد العاصمة الألمانية برلين، الأحد المقبل، مؤتمرا بشأن ليبيا بحضور عدة دول عربية، تغيب عنها تونس، ويقول خبراء إن غيابها يعود إلى الفشل الذريع للدبلوماسية التونسية في عهد الإخوان، وعجزها عن لعب أي دور متقدّم في الملف.

ونقلت العين الإخبارية عن الخبراء توضيحهم أن العجز التونسي عن اقتناص فرصة للعب دور متقدّم في الملف الليبي على مدى السنوات الماضية كان واضحا، رغم أنها الطرف المعني بشكل مباشر بما يحدث في جارتها.

فشل الإخوان في السياسة الخارجية، وعجزهم عن إرساء مقاربة دبلوماسية قادرة على فرض وجهة نظر البلاد في ملف محوري وبارتدادات مدوية لا تستثني تكلفة انهيار الأوضاع الأمنية في جارتها، عليها.

وفي قائمة غابت عنها تونس، أعلنت ألمانيا، الدول المدعوة لحضور المؤتمر، ما خلف صدمة وأسفا بالغين في الأوساط التونسية، وتساؤلات لا تنضب عن أسباب الغياب وتداعياته.

وسيقتصر الحضور، بحسب ألمانيا، على الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والإمارات وتركيا والكونغو وإيطاليا ومصر والجزائر، في حين لم توجّه الدعوة إلى تونس، أما بخصوص المؤسسات الدولية والإقليمية، فستشارك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية في المؤتمر.

كذلك، وُجهت الدعوة إلى كل من قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الإخوانية فايز السراج.

وبهذا الخصوص، رأى الدبلوماسي التونسي السابق، أحمد بن مصطفى، أن غياب تونس عن مؤتمر برلين ليس سوى نتيجة حتمية لمسار دبلوماسي فاشل بدأه الإخوان ممثلين في حركة النهضة منذ استئثارهم بمفاصل الدولة بعد 2011، مضيفا أن الموقف التونسي الفعلي من الأزمة الليبية كان منحازا منذ البداية إلى مليشيات الإخوان في الغرب الليبي، وذلك رغم أن المعلن يتمسك بحياد كاذب يقف على نفس المسافة من طرفي النزاع بدولة الجوار، وفق ما أوردت العين الإخبارية.

وأضاف بن مصطفى أنه جرى توظيف تونس عبر الإخوان، في نقل السلاح إلى ليبيا، وهذا ما جعل البلد الأول يدخل في عمق الأزمة ويتحول إلى طرف فيها، حيث بات العالم ينظر إليها كامتداد للأزمة متماهي مع الامتداد الجغرافي بين البلدين.

وخلص الدبلوماسي التونسي إلى أن دبلوماسية بلاده الفاشلة جعلت من تونس طرفا «متواطئا» يحرمه من صبغة الحياد التي من المفترض أن تمنحه وزنا يخول له المشاركة في مؤتمرات حل الأزمة الليبية، مؤكدا أن بلاده فلشت دبلوماسيا وسياسيا في التعامل مع ملف ليبيا الذي بقي مهمشا على أجندة الإخوان، كما أن حضور البلاد في مؤتمري 2011 و2013 حول نفس الملف كان بلا تأثير يذكر.

إقصاء سيكون الضربة التي قد تدفع تونس نحو الاستفاقة من غفوتها الدبلوماسية، لكن حتى لحظة الوعي المتأخرة، إن حدثت بالفعل، فلن تمكنها من تدارك الوضع، وفق الدبلوماسي السابق، مع أنه كان لديها لديها العديد من الأوراق لاستثمارها مثل عمقها التاريخي، وامتدادها الجغرافي، وموقعها الإستراتيجي، ولكنها فشلت مع ذلك في تسويق هذه المعطيات للحضور في مؤتمر برلين.

وتنتظر الأوساط التونسية تعقيبا رسميا من رئاستها على الاستبعاد، لكن يسود حتى الآن صمت رسمي حول الموضوع، في الأثناء، أعرب السفير التونسي لدى ألمانيا، أحمد شفرة، في حوار جرى الأربعاء الماضي، مع موقع «دويتشه فيله»، عن استغراب تونس من إقصائها عن حضور المؤتمر، قائلا: حتى الآن، لم نفهم ولم نتفهم هذا الموقف، ولم نفهم أي توضيحات أو مبررات بشأن إقصاء تونس، وما قدم للجانب التونسي غير مقنع…ما أثار دهشتنا أكثر كونه (الموقف) يأتي من ألمانيا الشريك الذي تربطه بتونس علاقات جيدة وممتازة وقائمة على الثقة.

وباستثناء هذه المقابلة التي لم يتابعها السواد الأعظم من التونسيين، يسود انزعاج محلي بشأن تغييب دولتهم عن المؤتمر، يفاقمه عدم توضيح الرئاسة التونسية لأسبابه.

ورغم الحماسة التركية والإيطالية لمشاركة تونس والجزائر، لكن يبدو أن المواقف التونسية المرتبكة والمتضاربة بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتونس، قلّصت من تلك الحماسة.

مصطفى اعتبر أن مؤتمر برلين «مولود ميت» لن ينبثق عنه أي مخرجات قادرة على وضع خارطة طريق فعلية لحل الأزمة الليبية.

وأكد أن كل ما سيحدث لن يخرج عن نطاق استعراض روتيني للمواقف، في إطار بروباجاندا إعلامية وخطوة ترنو لكسب بعض الوقت لتحديد بوصلة الأهداف والخطوات المقبلة، في ظل وقف إطلاق النار الهش السائد حاليا بالعاصمة الليبية طرابلس.

مخرجات شدد الخبير على أنها ستضاف إلى لائحة طويلة من البيانات الختامية لمؤتمرات سابقة عقدت وفشلت في التوصل لاتفاق نهائي قادر على التطبيق على الأرض، في ظل تشابك وتعقيد المشهد الليبي، وصعوبة الحصول على توافق حول العديد من النقاط الخلافية، وسط تدخلات أجنبية حولت الصراع عن طابعه المحله ومنحته أبعادا أخرى.

Exit mobile version