سياسة

هل حان وقت الثورة التركية؟


بات من الواضح أن الأوضاع في الداخل التركي تتجه بسرعة هائلة نحو اختناق سياسي واحتقان شعبي قد يفضي إلى ثورة سياسية شاملة على حكم حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه رجب طيب أردوغان.

فمن ناحية سياسية يعاني النظام التركي من إخفاقات خارجية كبرى ناتجة عن مقامراته العسكرية في سوريا وليبيا خصوصاً بعد مقتل عشرات الجنود الأتراك في إدلب أخيراً، وهو أمر وضع نظام أنقرة في موقف شديد الحرج أمام الشعب التركي الذي أصبح على قناعة بأن السياسة الأردوغانية الخارجية استحالت وبالاً عليه، ولا بد من إيقاف هذا الرئيس الشعاراتي المغامر عن استخدام مقدرات البلاد وأبنائها في محرقة طموحه السياسي الكارثي.

أما على الصعيد الاقتصادي، فيمكن القول إن الاقتصاد التركي دخل مرحلة الاحتضار، فمع تهاوي قيمة الليرة التركية وفشل كل المحاولات السابقة لإنقاذها، باتت المسألة مسألة وقت فقط لتنزلق في انهيار تاريخي غير مسبوق، وهي كارثة حقيقية بدأت بوادرها بالظهور، إذ أشهرت نحو 3000 شركة تركية إفلاسها خلال عام 2019 فقط نتيجة التضخم وسوء الأوضاع الاقتصادية، وهذا رقم كبير جداً مقارنة بعام 2018 الذي لم يتجاوز فيه عدد الشركات المفلسة 800 شركة.

وقبل أيام قليلة أعلنت إحدى أكبر شركات إنتاج الكهرباء في تركيا إفلاسها وهي شركة “ياني” التي تمتلك محطة ضخمة لإنتاج الكهرباء بقدرة 850 ميجاوات بعد أن تجاوزت مديونياتها مبلغ 4 مليارات ليرة، مع العلم بأنها شريك بنسبة 60% في شركة “Unit” التركية الكبرى التي باتت على محك الإفلاس.

هذا يعني بطبيعة الحال أنه أصبح هناك مئات الآلاف وربما أكثر من المواطنين الأتراك الذين فقدوا وظائفهم ومصادر دخلهم، وهم طبعاً يعولون أسراً يصل أعداد أفرادها الإجمالي إلى رقم مليوني يشكل تهديداً كبيراً للنظام الحاكم وينذر بثورة جياع قريبة، خصوصاً مع تزايد الاحتقان الشعبي من عمليات الفساد التي يديرها أشخاص مرتبطون بالرئيس أردوغان، ولعل آخرها ما كشف عنه صديق أردوغان القديم ومنافسه الحالي أحمد داود أوغلو (رئيس حزب المستقبل) حين تطرق لفضيحة فساد جديدة تتمثل في تورط الهلال الأحمر التركي في نقل تبرع من شركة الغاز بـ8 ملايين دولار إلى وقف يشرف عليه بلال نجل أردوغان مقابل إعفاء الشركة من الضرائب الحكومية، وقد تم إخراج هذه الأموال من تركيا سريعاً واستخدمت في بناء مسكن فاخر في الولايات المتحدة.

أما على الصعيدين الاجتماعي والأمني فالأوضاع ليست أقل سوءاً، إذ تعيش تركيا حالة احتقان شديدة من دكتاتورية النظام وتلاعبه بالمؤسسة القضائية منذ ما وصف بعملية الانقلاب الفاشلة، وهي حالة تغذي أهداف المعارضة وشعاراتها وتعزز من شعبيتها وتدفع باتجاه تغيير شعبي ثوري، فقد وصل عدد سجناء المعارضة في تركيا إلى رقم كبير وغير مسبوق في تاريخ البلاد، وهو ما دعا بعض المراقبين لوصف هذه الدولة بأنها أصبحت محكومة من قبل نظام مافيوي وليس سياسياً.

وحتى على صعيد حرية الصحافة والإعلام توصف تركيا اليوم بأنها أكبر سجن للصحفيين في العالم، وهذا ما أكدته تقارير دولية من ضمنها تقرير أصدره المركز الدولي لحقوق الإنسان (IOHR)، كما كشفت دراسة لمركز أبحاث دولي بالتعاون مع شبكة زمان التركية أن “319 صحفياً معتقلاً يقبعون في سجون النظام التركي، كما صدرت مذكرات اعتقال بحق 142 صحفياً آخرين مشردين في خارج البلاد”، مشيراً إلى أن 839 صحفياً حُوكِموا قضائياً خلال عام واحد فقط على خلفية تقارير صحفية أصدروها أو شاركوا في إعدادها، طبقاً لما أوردته مؤسسة الصحفيين الأتراك.

كل ما سبق يجعل الإجابة سهلة عن أي أسئلة من نوع “هل حان وقت الثورة التركية؟” والأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت.

نقلاً عن “عكاظ”

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى