هل تنهي “كينشاسا” أزمة سد النهضة بين الدول الثلاث؟
بعد عشر سنوات من مفاوضات لم ترض جميع الأطراف، يدخل ملف سد النهضة مرحلة الحسم، بعد اقتراب إثيوبيا من عملية الملء الثاني لسد النهضة وتخوفات دولتي المصب مصر والسودان من تداعياتها، حيث لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنه رغم جولات التفاوض المتعددة والتي رعتها واشنطن تارة، والاتحاد الأفريقي تارة أخرى، علاوة على اجتماعات ثلاثية لم تسفر عن حل للقضايا الشائكة.
وتواجه المفاوضات جمودا منذ 11 يناير الماضي، بعد أن وصلت الدول الثلاث إلى طريق مسدود بشأن كيفية ملء وتشغيل السد الذي أعلنت أديس أبابا أنها ستبدأ عملية الملء الثانية في يوليو المقبل خلال موسم الأمطار.
تأكيدات إثيوبيا على المضي في عملية الملء، قابلتها تصريحات للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الإثنين، قال فيها إن الأسابيع المقبلة ستشهد تحركات بشأن سد النهضة، متعهدا بالحفاظ على حق بلاده من مياه النيل، مؤكدا على أن المساس بالمياه المصرية خط أحمر ورد فعلنا حيال ذلك سيؤثر على أمن المنطقة بالكامل.
تلك التصريحات تلاها إعلان السفير الإثيوبي بالقاهرة ماركوس تيكلي ريكي أنه سيتم استئناف المفاوضات بشأن ملف سد النهضة مع مصر والسودان قريبا، برعاية الاتحاد الأفريقي بعد نحو 3 أِشهر من الجمود، قبل أن يوجه الاتحاد الأفريقي دعوة إلى وزراء خارجية الدول الثلاث؛ لبحث الأزمة خلال اجتماع يُعقد غدا السبت لمدة 3 أيام في عاصمة الكونغو الديمقراطية كينشاسا التي ترأس حاليا الاتحاد الأفريقي.
وقالت مجلة جون أفريك، في تقرير الخميس، إن الاجتماع هو بالفرصة الأخيرة لتجاوز حالة التوتر بين الأطراف الثلاثة خاصة مع فشل وساطات عديدة أبرزها الأمريكية، مشيرة إلى أنه بعد عشر سنوات من المواعيد المهدورة وإعادة إطلاق المفاوضات ثم تأجيلها والزيارات الرسمية التي تلتها تهديدات مبطنة، تبدو مصر وإثيوبيا أبعد عن التوصل إلى اتفاق، ما يجعل لقاء كينشاسا تحت رعاية رئيس الاتحاد الأفريقي فيليكس تشيسكيدي، لقاء الفرصة الأخيرة.
وأشارت إلى أن السد نفسه بمجرد ملئه لن يشكل تهديدا كبيرا لتدفق النيل إلى مصر، لكن تتعلق نقطة الصراع بشكل أساسي بمسألة معدل ملء السد الذي تأمل إثيوبيا في إكماله في أقل من سبع سنوات، وهي سرعة تجعل القاهرة تخشى حدوث انخفاض حاد في تدفق النهر على المدى القصير.
وفي تغريدة لوزير الري الإثيوبي، سيلشي بقلي، قال إن المفاوضات ستكون بحضور خبراء ومراقبين من الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى خبراء وفنيين من الدول الثلاث، مؤكدا على التزام بلاده بالاستخدام العادل والمنصف لموارد نهر النيل من غير أن تلحق الضرر بمصر والسودان.
ومع تعثر المفاوضات، اقترح السودان تشكيل آلية رباعية تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة الأمريكية، لرعاية المفاوضات، وهو ما لاقى قبولا مصريا حيث أكدت القاهرة ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، قبل موسم الأمطار المقبل، فيما اعترضت أديس أبابا على الاقتراح حيث اعتبرته غير مجد، متمسكة بالوساطة الأفريقية فقط.
والأربعاء، طالبت الولايات المتحدة، على لسان المتحدث الإقليمي للخارجية الأمريكية، ساميويل وربيرغ، أطراف أزمة سد النهضة باللجوء للحلول التفاوضية وتجنب الخطوات أحادية الجانب، قائلا: نحث أطراف أزمة سد النهضة على التوصل إلى حل تفاوضي وتجنب الخطوات أحادية الجانب…ندرك أهمية نهر النيل لشعوب مصر والسودان وإثيوبيا، ومستعدون لتقديم أي مساعدة للوصول إلى حل سلمي لأزمة سد النهضة.
ونقلت جون آفريك عن مسؤولين في الكونغو الديمقراطية أن وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان سيجتمعون في كينشاسا، غدا السبت، لإجراء محادثات بشأن سد النهضة، مشيرة إلى أن الاجتماع الذي يستمر 3 أيام سيستضيفه الرئيس فيليكس تشيسيكيدي الذي تولى رئاسة الاتحاد الأفريقي الشهر الماضي.
وذكرت الصحيفة أنه من المتوقع أن يحضر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، تلك المباحثات.
ووفق مراقبين فإن اجتماعات كينشاسا حاسمة خاصة بعد حالة التوتر المتصاعدة جراء تعثر المفاوضات وتأكيد إثيوبيا على المضي في ملء السد وسط تخوفات مصرية سودانية وترقب دولي لإنهاء الملف العالق منذ عقد من الزمان.