هل تغرق عملية الفارس الخشن في المستنقع الحوثي؟

على وقع أزيز الطائرات ووهج الصواريخ، تلقى الحوثيون ضرباتٍ جوية غير مسبوقة من قبل الولايات المتحدة، في حملة وُصفت بأنها الأعنف منذ سنوات.
وبينما تؤكد إدارة دونالد ترامب أن الحوثيين المدعومين من إيران «تعرضوا للتدمير بسبب الضربات المتواصلة». تشير التقديرات العسكرية السرية إلى أن البنية القتالية للحوثيين لم تتأثر بالشكل المطلوب.
لكن وراء دخان الانفجارات وصور الطائرات المقاتلة. يتصاعد سؤال سياسي واستراتيجي ضخم: هل تستحق هذه الضربات—التي التهمت أكثر من 200 مليون دولار من الذخائر في ثلاثة أسابيع فقط—كل هذا الثمن؟ وهل اقتربت واشنطن من شلّ قدرة الحوثيين؟
-
قواعد وأنفاق الحوثي في مرمى الضربات الأمريكية مركزة
-
التصعيد في اليمن.. اختبار صعب لواشنطن أمام تهديدات الحوثيين
فهل حققت الضربات أهدافها؟
في إحاطات مغلقة في الأيام الأخيرة، أقر مسؤولون في البنتاغون بأن النجاح في تدمير ترسانة الحوثيين الضخمة من الصواريخ والطائرات بدون طيار والقاذفات لم يكن بالشكل المطلوب.
ويقول المسؤولون الذين اطلعوا على تقييمات الأضرار السرية إن القصف كان أثقل باستمرار من الضربات التي نفذتها إدارة جو بايدن. وأكبر بكثير مما وصفته وزارة الدفاع علنًا، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
إلا أن مسؤولا كبيرا، تحدث أيضًا بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المسائل العملياتية، قال إن الغارات الجوية تجاوزت هدفها في المرحلة الأولى من الحملة. مما أدى إلى تعطيل قدرة كبار قادة الحوثيين على التواصل، وحد من استجابة الجماعة لعدد قليل من الضربات المضادة غير الفعالة. ومهّد الطريق لمراحل لاحقة، وهو ما رفض مناقشته. وأضاف المسؤول: «نحن على المسار الصحيح».
-
إجراءات مشددة: مليشيات الحوثي تخفي زعيمها من “الجحيم الأمريكي”
-
حالة هلع في صفوف الحوثيين.. ما الذي يجري خلف الكواليس؟
وقال مسؤولون أمريكيون إن الضربات ألحقت ضررًا بهيكل القيادة والسيطرة للحوثيين. وصرحت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، في بيان بأن الضربات كانت «فعالة» في قتل كبار قادة الحوثيين، الذين لم تكشف هويتهم. وأضافت أن العملية أعادت فتح حركة الملاحة في البحر الأحمر.
غابارد أضافت: «تؤكد تقييمات أجهزة الاستخبارات أن هذه الضربات قتلت كبار القادة الحوثيين .ودمرت العديد من المنشآت التي قد يستخدمها الحوثيون لإنتاج أسلحة تقليدية متقدمة».
وتُشكّل هذه الضربات محورَ فضيحةٍ تورط فيها هيغسيث ومسؤولون كبار آخرون في إدارة ترامب، حيث ناقش هؤلاء المسؤولون تفاصيلَ حساسةً حول الغارات الجوية الأولية في اليمن في 15 مارس/آذار في دردشةٍ جماعيةٍ على تطبيقٍ للمراسلة التجارية. أنشأ مايكل والتز، مستشار الأمن القومي، هذه المجموعة، لكنه أضاف إليها صحفيًا عن طريق الخطأ.
-
تصعيد جديد.. الطائرات المسيرة الأمريكية تغير معادلة المواجهة مع الحوثيين
-
عقوبات أمريكية جديدة لتجفيف منابع تمويل الحوثيين
ويقول مسؤولون في إدارة ترامب إن الضربات الجوية والبحرية تهدف إلى الضغط على الحوثيين لوقف الهجمات التي عطلت ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر لأكثر من عام.
ونفذت إدارة بايدن ضربات ضد الحوثيين، لكن على نطاق أضيق، واستهدفت في الغالب البنية التحتية والمواقع العسكرية. ويقول مسؤولون في إدارة ترامب إن الضربات الحالية تهدف أيضًا إلى قتل كبار المسؤولين الحوثيين.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو للصحفيين الأسبوع الماضي: «يجب على الجميع أن يدركوا أننا نقدم للعالم خدمة عظيمة بملاحقة هؤلاء الأشخاص، لأن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر».
ولم تذكر إدارة ترامب سبب اعتقادها بأن حملتها ضد الجماعة ستنجح بعد أن فشلت جهود إدارة بايدن التي استمرت لمدة عام إلى حد كبير في ردع هجمات الحوثيين، والتي استهدفت إسرائيل أيضًا.
-
أصوات خلف الجدران.. كيف تنزف الصحافة اليمنية تحت سطوة الحوثي؟
-
تصعيد في اليمن.. القبائل تتحرك بقوة والحوثي يسعى لتأجيل “ساعة الخلاص”
كلفة باهظة
قال مسؤولون، إن البنتاغون استخدم خلال ثلاثة أسابيع فقط ذخائر بقيمة 200 مليون دولار في عملية «الفارس الخشن» ضد ميليشيا الحوثي.
لكن مليشيات الحوثي، عززت العديد من مخابئها والمواقع المستهدفة الأخرى. مما أحبط قدرة الأمريكيين على تعطيل الهجمات الصاروخية التي تشنها الميليشيات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، وفقا لثلاثة مسؤولين في الكونغرس والحلفاء. تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المسائل التشغيلية.
وقال المسؤولون إن البنتاغون استخدم في غضون ثلاثة أسابيع فقط ذخيرة بقيمة 200 مليون دولار، بالإضافة إلى التكاليف التشغيلية .والبشرية الهائلة لنشر حاملتي طائرات وقاذفات بي-2 إضافية وطائرات مقاتلة، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي باتريوت وثاد في الشرق الأوسط.
-
جنازات قتلى الحوثيين.. مراسم وداع أم منصات تجنيد جديدة؟
-
أوجه التعاون بين الحوثيين والإخوان.. التفاصيل
مسؤول أمريكي، أضاف أن التكلفة الإجمالية قد تتجاوز مليار دولار بحلول الأسبوع المقبل. وربما يضطر البنتاغون قريبا إلى طلب أموال إضافية من الكونغرس.
وأشار إلى أن الأسلحة التي تستخدمها البحرية الأمريكية في تايوان كثيرة للغاية، وخاصة الأسلحة المتطورة بعيدة المدى. لدرجة أن بعض مخططي الطوارئ في البنتاغون أصبحوا يشعرون بالقلق إزاء المخزونات الإجمالية للبحرية .وتداعيات أي موقف يتعين فيه على الولايات المتحدة صد «محاولة غزو الصين لتايوان».
وقال مسؤولون إن الضربات الأمريكية التي أطلق عليها وزير الدفاع بيت هيغسيث اسم عملية “راف رايدر” نسبة للقوات. التي قادها الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت في كوبا خلال الحرب الإسبانية الأمريكية، قد تستمر ستة أشهر على الأرجح.
رفض مسؤول كبير في البنتاغون مساء الخميس التقييمات التي وصفها مسؤولون من الكونجرس والحلفاء.
-
400 سجن في صنعاء: الوجه المظلم لسيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية
-
منظمة حقوقية: هجمات الحوثيين لا تبرر قصف الحديدة
سيناريوهات غامضة
وكتب السيناتوران جيف ميركلي، الديمقراطي من ولاية أوريغون. وراند بول الجمهوري من ولاية كنتاكي، في رسالة إلى ترامب هذا الأسبوع: «يجب على الإدارة أيضًا أن تشرح للكونغرس والشعب الأمريكي المسار المتوقع للمضي قدمًا في ضوء فشل مثل هذه الجهود السابقة».
ولم يقدم البنتاغون تفاصيل عن الهجمات منذ 17 مارس/آذار، عندما قال إنه تم ضرب أكثر من 30 هدفا للحوثيين في اليوم الأول.
وقال متحدث باسم القيادة المركزية للجيش في 24 مارس/آذار. إن الضربات «دمرت مرافق القيادة والسيطرة وأنظمة الدفاع الجوي ومرافق تصنيع الأسلحة ومواقع تخزين الأسلحة المتقدمة».
-
استهداف غير مسبوق.. الحوثيون يهاجمون مقاتلة “إف 16” أمريكية لأول مرة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ غارات على مواقع الحوثيين في ميناء الحديدة
وبحسب مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية، في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز: «بدأنا بالفعل نلمس آثار الضربات المكثفة ضد الحوثيين. على سبيل المثال، انخفضت هجمات الصواريخ الباليستية التي يشنها الحوثيون على إسرائيل خلال الأسبوع الماضي».
وأضاف المسؤول الكبير أن الحوثيين «أصبحوا أكثر رد فعل مع تدهور قدراتهم وإمكاناتهم بسبب الغارات الجوية الأمريكية».
ونفى المسؤول الكبير، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المسائل التشغيلية. أن يكون المتحدثون باسم البنتاغون قد أبلغوا المسؤولين في الكونغرس .والحلفاء أن الضربات قد تستمر ستة أشهر، قائلاً إن هذه المدة «لم تتم مناقشتها أبدًا».
-
الاعترافات تكشف سرًا خطيرًا: الحوثيون ينهبون مساعدات اليمنيين
-
أمريكا تكذب ادعاءات الحوثيين بشأن استهداف «أيزنهاور»
وتنشر القيادة المركزية صورا على وسائل التواصل الاجتماعي لطائرات مقاتلة تقوم بمهام ضد الحوثيين، لكنها رفضت مرارا وتكرارا الكشف عن عدد الأهداف. التي تم ضربها حتى الآن أو تحديد هوية العديد من القادة الحوثيين، بما في ذلك خبير الصواريخ الأعلى، الذين تقول إنها قتلتهم.
وتُظهر مقاطع فيديو نشرتها القيادة المركزية الأمريكية على مواقع التواصل الاجتماعي أنواع الأسلحة بعيدة المدى التي أطلقتها طائرات إف/إيه-18 سوبر هورنت التابعة للبحرية الأمريكية على اليمن. وتشمل هذه الأسلحة قنبلة AGM-154 المشتركة الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وصواريخ كروز تُطلق جوًا.
ويمكن إطلاق القنابل الانزلاقية، التي تحمل كلا منها 200 رطل من المتفجرات. لمسافة تزيد على 70 ميلًا بحريًا من أهدافها. أما الصواريخ المجنحة التي تطلقها طائرات البحرية الحربية، فيمكنها أن تحلق لمسافة تزيد على ضعف هذه المسافة.
-
مأرب تحت النيران.. الحوثيون يصعّدون للهروب من الأزمة الاقتصادية
-
طهران تعترف بدعم هجمات الحوثيين على سفن الشحن
يأتي استخدام هذه الأسلحة بعيدة المدى ردًا مباشرًا على التهديد. الذي تُشكله أنظمة الدفاع الحوثية، والتي أسقطت عدة طائرات عسكرية أمريكية مُسيّرة في المنطقة، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ويرى القادة الأمريكيون المُشاركون في التخطيط لمنطقة آسيا .والمحيط الهادئ أن هذه الأسلحة بالغة الأهمية لأي صراع مُحتمل مع الصين.
وبدأت الولايات المتحدة هجومها الجديد في 15 مارس/آذار في مناطق شمال اليمن التي يسيطر عليها الحوثيون. وصرح مسؤولون أمريكيون ويمنيون بأن طائرات هجومية تابعة للبحرية من حاملة الطائرات ترومان وطائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الأمريكي. تنطلق من قواعد في الشرق الأوسط، تنفذ ضربات ضد أهداف حوثية يوميًا منذ ذلك الحين.
-
«فرزات الحوثي» وحواجزه.. أداة مزدوجة بين التجسس والابتزاز
-
بعد استغلالهم في المعارك.. الحوثي يتنكر لجرحاه
وكانت الضربات الأولية بمثابة البداية لما وصفه كبار المسؤولين الأمريكيين بأنه هجوم جديد ضد المسلحين ورسالة إلى إيران في الوقت .الذي يسعى فيه ترامب إلى التوصل إلى اتفاق نووي مع حكومتها.
وواجهت أجهزة الاستخبارات الأمريكية صعوبة في تحديد مواقع أنظمة أسلحة الحوثيين، التي تُنتج في مصانع تحت الأرض وتُهرَّب من إيران. في أواخر عام 2024. خصصت إدارة بايدن المزيد من طائرات المراقبة لجمع معلومات عن أهداف الحوثيين.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن مسؤولي ترامب ورثوا تلك المعلومات الاستخباراتية. كما زودتهم إسرائيل بمعلومات عن الأهداف.