هل تشكل عودة البرلمان التونسي لنشاطه عهدا جديدا للغنوشي أم فصلا أخيرا؟
في ظل استئناف البرلمان التونسي لنشاطه بعد عطلة استمرت لشهرين، إحداثيات تطفو على أرض متحركة، وتشدد الخناق على راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، المتهم بتحويل البرلمان إلى غرفة سرية للعمل الإخواني، وتوظيف موقعه للتخابر مع جهات أجنبية ضد الأمن القومي التونسي، وفتح المجال أمام إرهابيين للدخول إلى المجلس السيادي.
ووفق مراقبين، يواجه الغنوشي اتساع دائرة المعارضين له بالمؤسسة التشريعية، في ظل تنامي نوايا إعادة طرح مسألة سحب الثقة منه، رغم أن زعيم الإخوان أفلت من عريضة طالبت بسحب الثقة منه، في 30 يونيو الماضي، إلا أن مصادر سياسية داخل البرلمان أكدت أن عددا من الكتل ستقوم بإيداع عريضة جديدة مناهضة له.
ونقلت العين الإخبارية عن ذات المصادر توضيحها أن أكثر من ثلاث كتل برلمانية ستجتمع في الأيام الأولى لاستئناف عمل البرلمان، لتنسيق إعداد عريضة جديدة لسحب الثقة منه.
يرى متابعون أن الغنوشي سيواجه صعوبات جمة في تسيير البرلمان، خاصة في ظل توسع الحزام المعارض لوجوده على رأس المؤسسة، بشكل كبير بالآونة الأخيرة، حيث يعارضه كل من كتلة الإصلاح (16 مقعدا من أصل 217)، والدستوري الحر (16مقعدا)، إضافة إلى الكتلة الديمقراطية (38)، وتحيا تونس (11)، إلى جانب العديد من النواب المستقلين، فيما يدعمه قلب تونس (26 مقعدا)، الحزب الليبرالي الذي فجّر تحالفه مع الإخوان استفهامات عديدة بالأوساط السياسية المحلية.
ويبقى الحزب الدستوري الحر في طليعة القوى السياسية التي تشدد على ضرورة إزاحة الغنوشي من موقعه، مستندا إلى حقيقة أن تاريخه الإرهابي لا يشرف تاريخ البرلمان التونسي، ووعد بمواصلة عمله من أجل كشف الملفات الخطيرة لإخوان تونس والشبكات الإرهابية التي تدور في فلكهم، ومدى ارتباط زعيمهم بالجماعات المسلحة بين تونس وليبيا.
وكانت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، قد كشفت في مؤتمر صحفي سابق، عن وجود ثغرات كبرى في عملية تهريب الأموال من ليبيا إلى تونس، بالسنوات الأخيرة، تحت إشراف حركة النهضة الإخوانية.
وأوضحت موسي أن ما يعادل نحو 100 مليون دولار تقريبا وقع تهريبها من المعبر الحدودي راس جدير (بين تونس وليبيا) في السنوات الأخيرة، مشيرة إلى أن عمليات تهريب الأموال تستخدم لدعم الهجمات الإرهابية التي استهدفت التونسيين.
مصادر برلمانية مطلعة أفادت بوجود خلافات عميقة في صفوف كتلة النهضة بالبرلمان (54 مقعدا)، بسبب انقسام المواقف حول فرضية التمديد لرئاسة الغنوشي للحركة.
تصدع مرشح أن يرتفع منسوبه، خصوصا عقب تقديم أكثر من 100 قيادي إخواني عريضة تطالب الغنوشي بعدم الترشح لرئاسة الحركة بمؤتمرها المزمع تنظيمه أواخر ديسمبر المقبل.
وقالت المصادر، في تصريحات متفرقة للعين الإخبارية، إن انقسام الكتلة الإخوانية بات أمرا واقعا (كتلة مساندة للغنوشي وأخرى مناهضة له)، خاصة وأن أكثر من قيادي عبّر عن رغبته في الاستقالة من حركة النهضة.
تطورات تثير تساؤلات حول مدى قدرة الغنوشي على الصمود أمام معارضة حزبية واسعة داخل البرلمان، ومطالبة داخلية من أبناء حزبه له بالاستقالة، ورفض شعبي واسع جعله أسوأ شخصية سياسية في استطلاعات الرأي.