متابعات إخبارية

بغداد على وقع حادثة جديدة.. وفاة إمام جامع تثير جدلاً طائفياً


 

أثارت حادثة وفاة الشيخ عبدالستار القرغولي، إمام وخطيب جامع كريم الناصر في منطقة الدورة جنوبي العاصمة بغداد، إثر تعرضه لاعتداء داخل الجامع وفق ما أكده شهود، جدلا واسعا في العراق، فيما وجهت اتهامات لجماعة “المدخلية” السلفية بالتورط في الحادثة، وسط تحذيرات من تداعيات الواقعة على السلم الاجتماعي عموما والمساجد على وجه التحديد.

وأعادت هذه الحادثة إلى الواجهة الصراع الطائفي بين المكونات الدينية، خاصة وأن التقارير الأولية تشير إلى أن الاعتداء وقع في سياق خلافات على إدارة المسجد بين مجموعات دينية مختلفة.

ونقلت وكالة “شفق نيوز” الكردية العراقية عن رئيس مجلس أئمة وخطباء منطقة الأعظمية وضواحيها مصطفى البياتي قوله إن “القرغولي تعرض لاعتداء بلطجي داخل المسجد من قبل ثلة من عصابة متطرفة قامت بضربه مما أدى إلى وفاته”.

واتهم البياتي “المدخلية” بالمسؤولية المباشرة عن الواقعة، قائلاً إن “هذه الجماعة تعمل على تبديع وتفسيق العلماء والدعاة”، مؤكدا أنها “تحمل فكراً متطرفاً يحارب كل ما سواه”، محذرا من “مخاطرها على البيت السني خاصة والعراق بصورة عامة”.

أما الشيخ ذاكر الحساوي، إمام وخطيب جامع النوري الكبير في مدينة الموصل، فقد وصف الحادثة بأنها “اغتيال متعمد من قبل مارقين”، معتبرا المدخلية “أبشع من داعش”، منبها من مساعيها لفرض نهجها المتطرف على المساجد.

ونفى المصدر نفسه أن تكون وفاة الشيخ القرغولي بسبب نوبة قلبية إثر المشادة التي سبقت الاعتداء. وكان الشيخ أحمد دحّام، إمام وخطيب مساعد في نفس الجامع، أكد في مقطع فيديو، إن “المتوفى كان يعاني من مشاكل قلبية”.

وتنتمي “المدخلية”، إلى تيار سلفي تأسس في السعودية على يد الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، ويرتكز فكره على الطاعة المطلقة للحاكم ورفض المعارضة السياسية أو المسلحة.

ويعرف عن هذا التيار عداؤه الشديد لجماعة الإخوان المسلمين وكل الحركات الإسلامية الأخرى التي تتبنى العمل السياسي، ويعتبرها “أهل فتن ومشاكل”.

وظهر هذا التيار في العراق عام 2003، مستفيدا من الفراغ الأمني وتمكن من ترسيخ حضوره في المساجد والمراكز الدينية السنية، لا سيما في مناطق حزام بغداد وغرب العراق، بقيادة محلية أبرزها أبومنار العلمي، الذي حرّم قتال القوات الأميركية مبرراً ذلك بـ “درء الفتنة”.

وأشارت تقارير إلى أن “المدخلية” حظيت بدعم ضمني من الحكومات المتعاقبة نظراً لخطابها المهادن، وتمكنت من النفاذ إلى مؤسسات دينية رسمية مثل ديوان الوقف السني، حيث مارست ضغوطا في التعيينات والمساجد، وهو ما أثار غضب أطراف دينية سنية أخرى، اتهمت التيار بإقصاء المخالفين واستبعاد العلماء والدعاة.

وكانت مستشارية الأمن القومي صنفت في مايو /أيار الماضي “المدخلية” كحركة تهدد السلم المجتمعي، ووجهت بتفعيل إجراءات قانونية ضدها في عدد من المحافظات.

لكن هذا القرار لم يصمد طويلاً، حيث نشر النائب مصطفى جبار سند في الشهر نفسه مقطع فيديو على صفحته في “فيسبوك” يظهر فيه خميس الخنجر، زعيم تحالف “السيادة”، معلنا أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، استجاب لمطالب التيار وأوقف الإجراءات ضد الجماعة، واصفا المنهج المدخلي بأنه “صحيح ويدافع عن العقيدة”.

وأثار هذا القرار ردود فعل واسعة، حيث اعتبره البعض خطوة لترتيب المشهد السني، بينما رأى فيه آخرون “تجاوزًا خطيرًا” على الحريات الدينية والفكرية.

وأدان المجمع الفقهي العراقي، وهو من أبرز المؤسسات الدينية السنية، الحادثة وطالب بتحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين، كما ندد بها الوقف السني ووصفها بأنها “عمل إجرامي جبان”، فيما أعلنت “الدعوة السلفية” براءتها من جماعة “المدخلية”، معتبرة إياها جماعة متطرفة لا تمثل السلفية الحقيقية، واتهمت جهات سياسية وأمنية بتمكينها.

 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى