سياسة

مواجهة الإرهاب في أوروبا: استراتيجيات وتدابير جديدة لكبح جماح الجماعات المتطرفة


تشهد أوروبا شكلاً جديدًا من التطرف والإرهاب من الداخل، يتماشى مع متطلبات الجماعات المتطرفة التي تقوم على استقطاب الشباب عن بُعد وعبر الإنترنت أكثر من المنابر الحقيقية، كما تسعى الجماعات المتطرفة إلى تحقيق أهداف سياسية وإيديولوجية مختلفة، وتتبنّى استراتيجيات متشابهة في ممارسة العنف، وجميعها تعتمد على نشر الخوف والرعب.

وتعمل الجماعات المتطرفة، وفق الدراسة الصادرة عن المركز الأوروبي لمكافحة الارهاب التي جاءت تحت عنوان: “مكافحة الإرهاب ـ نشاط داعش في أوروبا، ما طبيعته وما المعالجات؟”، تعمل بشكل منظم على استغلال وسائل التواصل والإنترنت واستثمار أدوات العولمة لنشر أفكارها، وهذا ما يمثل تحديًا كبيرًا للحكومات وأجهزة الاستخبارات.

مواجهة حاسمة

ويساهم الاتحاد الأوروبي، بحسب الدراسة، في جهود مكافحة الإرهاب من خلال الكشف عن مسارات الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، وقد أثرت الهجمات الإرهابية بشكل مباشر على الدول الأعضاء خاصة في غرب أوروبا، ونجحت بعض الدول الأوروبية، خاصة ألمانيا، بتنفيذ عمليات استباقية، وأخرى وقائية، لمنع وقوع عمليات إرهابية. وما تزال الدول الأعضاء تنظر إلى الإرهاب الإسلاموي “الجهادي” باعتباره التهديد الإرهابي الأكثر بروزًا للاتحاد الأوروبي. 

ويوضح الباحث جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، أنّ الجماعات المتطرفة، بعد أن كانت تعتمد على أن تكون تنظيماتها مركزية، وهي من تقوم بإدارة فروعها وتمويلها، وترتكز هذه التنظيمات والفصائل على “كاريزما” وعلاقات زعاماتها وقياداتها، تجعلنا الآن أمام إرهاب غير مركزي، مناطقي يترك للتنظيمات اختيار الأهداف والتشغيل المناطقي، والمقصود هو أنّ هذه الجماعات المتطرفة المناطقية هي من تخطط وتنفذ وتحصل على التمويل من مصادرها التي تتركز في “الجزية والإتاوات وقطع الطرق والرهائن وتهريب البشر وسوق السلاح السوداء والعملات المشفرة”. 

وأضاف أن مشهد التطرف والإرهاب في أوروبا، ومن ضمنه دول الاتحاد الأوروبي، بتنفيذ هذه الجماعات المتطرفة عمليات الذئاب المنفردة؛ بسبب عدم قدرتها على تنفيذ عمليات إرهابية واسعة، بسبب الجهود التي تبذلها الاستخبارات الأوروبية في مكافحة الإرهاب.


تحديات جديدة

وتابع، شهدت أوروبا خلال عام 2015 موجة إرهاب عابر للحدود، أثرت كثيرًا على واقع الأمن والاستقرار في أوروبا، وأحدثت الكثير من الانقسامات داخل مجتمعات أوروبا، من خلال نشر الكراهية والعنف والتطرف والإرهاب. 

لكن اليوم اختلف الإرهاب في أوروبا، ليكون في الغالب عمليات “ذئاب منفردة” محدودة وتقليدية، وأصبح تنظيم (داعش، ولاية خراسان)  يستهدف التأثير والتجنيد على جيل جديد من الشباب داخل أوروبا، في الغالب يكونون من المراهقين، وتحت سن الـ (20) عاماً، وربما يكونون من أصول مهاجرة، من جنوب ووسط آسيا ومن الشرق الأوسط، وهذا يعني أنّ الإرهاب في أوروبا أصبح محلياً من الداخل، غير مستورد، رغم أنّه يقع تحت تأثير الدعاية المتطرفة على الإنترنت من الخارج، وفق الدراسة. 

عرضة للتهديد

ولفت احمد سلطان الخبير المتخصص في شئون الجماعات الإرهابية، أنّ أوروبا تظل عرضة للتهديد الإرهابي ونشر الدعاية “الجهادية” ضمن مساعي الجماعات المتطرفة لتجنيد عناصر جديدة وكسب أنصار جدد من داخل أوروبا. 

وأضاف إنّ استهداف أوروبا، بتنفيذ عمليات إرهابية فيها، يعني الكثير لهذه الجماعات، ويعطيها الكثير من “المصداقية أو الحضور في المشهد الجهادي” والحصول على المزيد من التمويل.

وأكد، أنّ ما يحصل الآن من تطرف وإرهاب في أوروبا هو نتيجة سياسات أوروبية متراخية ولينة سابقة، والبعض منها ربما كانت مقصودة، لتفريغ أوروبا من “الجهاديين”، واستقطاب الإرهاب في منطقة الشرق الوسط، وأحيانًا يتداخل ذلك في أجندات جيوسياسية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى