سياسة

من يمسك خيوط السلطة في إيران؟


يُنظر إلى بنية السلطة في إيران على أنها معقدة ومتعددة الطبقات، وقد تشكل تحديا يصعب على المتابعين للداخل فهمها، ناهيك عن العالم الخارجي

فمع وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بحادث تحطم مروحية، الليلة الماضية، يسأل كثيرون: من الذي يملك القرار في إيران؟، وهل يتمتع المرشد الأعلى علي خامنئي بسلطة اتخاذ القرار النهائي؟

الإجابة، وفق صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، هي أن إيران التي يبلغ عدد سكانها حوالي 90 مليون نسمة، تخضع لسيطرة صارمة من رجل دين واحد وهو المرشد الأعلى.

دور المرشد الأعلى

وتقول الصحيفة إن “خامنئي بشكل لا لبس فيه صانع القرار الأعلى لجميع السياسات الداخلية والخارجية الكبرى”.

ويرفض الرجل البالغ من العمر 85 عاما بشدة الأوصاف التي يلصقها الغرب به، لا سيما من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة “المستبد”، أو “المتحكم في القرار”.

وفي الواقع، يتحمل خامنئي مخاطر محسوبة عندما يتجاوز الخصوم خطوطه الحمراء. فبعد أن قتلت الولايات المتحدة في عام 2020 قاسم سليماني، قائده المفضل في الحرس الثوري، سمح بهجوم صاروخي على قاعدة أمريكية في العراق، ما أدى إلى إصابة أكثر من 100 جندي، لكنه لم يتسبب في سقوط قتلى. وفق الصحيفة.

وكان قراره الأخير – الذي مثّل الخروج عن النهج الراسخ المتمثل في الصبر الاستراتيجي – في أعقاب هجوم إسرائيلي مشتبه به على القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل/نيسان، وتمثل في الموافقة على أول ضربة إيرانية مباشرة على تل أبيب.

وعلى الرغم من تقدمه في السن، لا يزال خامنئي نشطا، حيث يلقي خطابات مطولة ويظهر علانية في بعض الأحيان دون عصاه المعتادة لإظهار صحته البدنية.

هل خامنئي تحت سيطرة الحرس الثوري؟

يسيطر خامنئي على الحرس الثوري وساعد في تحويله إلى المؤسسة الأكثر  صرامة في إيران، وتقول “فايننشال تايمز” إن “قادة الحرس مخلصون له كرئيس للقوات المسلحة ولأيديولوجيته”.

لكنه يستمع إلى نصائحهم، بمن في ذلك ما يتعلق بالشؤون غير العسكرية.

ويعتبر الحرس الثوري بمثابة جهاز خامنئي الأساسي لممارسة السلطة في إيران والشرق الأوسط، ويمتد تأثيره عبر السياسة الخارجية والاقتصاد والمسائل الثقافية والاجتماعية والسياسة الداخلية، وهو في جوهره حكومة ظل قوية، وفق الصحيفة.

هل يندفع خامنئي والحرس الثوري نحو حرب واسعة النطاق مع أمريكا أو إسرائيل؟

وقد سعى خامنئي، الذي اتخذ موقفا تصادميا طوال فترة ولايته التي امتدت لنحو 35 عاما، إلى محاربة وتقويض الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل منهجي – لكن دون إثارة حرب مفتوحة.

ومن خلال دعم وكلاء مثل حماس وحزب الله في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تعهد بإخراج الولايات المتحدة من المنطقة.

وفي حين، لم تجد الاستخبارات الأمريكية أي دليل على أن إيران شاركت في هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، “فقد دعمت طهران الهجمات على إسرائيل بسبب حرب الأخيرة في غزة”، وفق الصحيفة البريطانية.

لكن حزب الله اللبناني، الوكيل الأكثر أهمية لإيران، مارس الحذر في مناوشاته مع إسرائيل، وأطلق الصواريخ بشكل متكرر عبر الحدود، في حين لم يصل إلى حد الصراع الشامل.

ولفت تقرير الصحيفة البريطانية إلى أن تحذير خامنئي بشأن حرب واسعة النطاق ينطبق أيضا على بعض كبار الحرس الثوري، الذين خدموا عادة خلال الحرب الإيرانية العراقية وتعرضوا لإصابات أو فقدوا رفاقهم.

فعندما أطلقت إيران صواريخ على إسرائيل في 13 أبريل/نيسان، كان الحرس الثوري، وليست وزارة الخارجية، هو الذي استدعى السفير السويسري لنقل رسالة إلى الولايات المتحدة، تشير إلى إحجام إيران عن تصعيد الأعمال العدائية، وفقا لأحد كبار المسؤولين الذي تحدثت معه “فايننشال تايمز”.

ما هو دور رجال الدين؟

وحسب التقرير، يوفر رجال الدين في إيران الشرعية الدينية لحكام البلاد، بما في ذلك المرشد الأعلى، الذي يشترط أن يكون رجل دين مسلما شيعيا.

لكن معظمهم ليس لديهم أي تأثير يذكر في القرارات اليومية. ويتولى مجلس الخبراء، الذي يضم 88 من رجال الدين، مسؤولية تعيين المرشد التالي بعد وفاة خامنئي. ومن المفترض أيضا أنه يراقب تصرفاته، رغم أنه “لم يمارس أي رقابة (فعلية) على الإطلاق”، وفق فايننشال تايمز.

ويتركز معظم رجال الدين في مدينتي قم ومشهد، ويعطون الأولوية للدراسات الدينية ويركزون على القضايا الثقافية والاجتماعية مثل دور المرأة، وفرض الحجاب، والقيود على الموسيقى وحظر الكحول.

أين يقف الإصلاحيون والوسطيون؟

منذ عام 1997، حاول الليبراليون والوسطيون الإيرانيون إقناع خامنئي بالسماح بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية.

لكن مبادرات الإصلاح التي أطلقها الرئيس السابق محمد خاتمي قابلتها مقاومة من قبل المتشددين الذين وصفوها بأنها مخططات لتقويض الجمهورية الإسلامية وضمها إلى الغرب.

وحينما وصل الرئيس “الوسطي” حسن روحاني إلى الرئاسة لفترتين، ساعد ذلك في التوصل إلى الاتفاق النووي عام 2015 مع القوى العالمية الكبرى، مما خفف من العقوبات المفروضة على طهران.

وساعد فشل هذا الاتفاق، الذي نسفه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، المتشددين على تعزيز سيطرتهم على جميع فروع الدولة، وفق فايننشال تايمز التي لفتت إلى أن الإصلاحيين يريدون الحد من التوترات مع الولايات المتحدة ومختلف أنحاء الشرق الأوسط، لإعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية وجذب الاستثمار الأجنبي.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى