سياسة

من الجهاد إلى السياسة.. مسيرة أبو محمد الجولاني


محاولا تبني خطابا مغايرا عما اعتاد عليه لسنوات لتغيير الصورة النمطية التي التصقت به لفترة طويلة لارتباطه بالتنظيمات المتطرفة، قاد المعارضة السورية المسلحة حتى إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.

إنه أحمد حسين الشرع الذي تخلى عن اسمه الحركي «أبو محمد الجولاني» الذي ارتبط بتلك التنظيمات المتطرفة، وانتهج خطابا ليزيل من الأذهان تلك السنوات تنقل بها بين الكثير من التنظيمات والانشقاق عنها.

وكان الجولاني قد أعلن قبل قيادة فصائل المعارضة المسلحة أن هدفه إسقاط بشار الأسد الذي يتولى السلطة منذ العام 2000.

من هو «الجولاني»؟

ولد أحمد حسين الشرع في العام 1982، ونشأ في حي المزة بدمشق، في كنف عائلة ميسورة وبدأ دراسة الطب، لكنه لم يكمل دراسته.

ويعود اسمه الحركي «أبو محمد الجولاني»، بحسب ما أخبر محطة «بي بي إس» الأمريكية في 2021 إلى «أصول عائلته المتحدّرة من مرتفعات الجولان» مؤكدا أن «جدّه نزح من الجولان بعد احتلال إسرائيل لجزء كبير من هذه الهضبة السورية عام 1967».

بدأت أولى علامات «التطرف» تظهر في حياته بعد اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة، وبدأ بحضور خطب دينية واجتماعات سرية في ضواحي دمشق، وفق «ميدل إيست آي».

وبعد الاجتياح الأمريكي للعراق في العام 2003، توجه للقتال في العراق المجاور لسوريا، حيث انضم إلى تنظيم القاعدة بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، قبل أن يُسجن لمدة 5 سنوات.

ومع بدء الحراك ضد الأسد في العام 2011، عاد إلى سوريا ليؤسس «جبهة النصرة» التي أصبحت فيما بعد «هيئة تحرير الشام».

وفي 2013، رفض التقرّب من أبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش وفضّل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.

براغماتي 

تخلّى الجولاني الطويل القامة ذو البنية القوية واللحية السوداء والعينين الثاقبتين، تدريجيا عن العمامة البيضاء التي كان يضعها في بداية الحرب ليرتدي زيا عسكريا وأحيانا الزي المدني.

ويرى أنصاره أنه “واقعي”، فيما يقول خصومه إنه “براغماتي”، لكنه حاول تغيير الصورة النمطية عنه منذ العام 2015 عندما قال إنه «لا ينوي شنّ هجمات ضد الغرب، كما يفعل تنظيم داعش، أو كما فعلت القاعدة».

وانفصل عن القاعدة في العام 2016، وأوضح عندما انفصل عن التنظيم، أنه فعل ذلك “لإزالة ذرائع المجتمع الدولي” لمهاجمة تنظيمه، وحاول تغيير صورته وتقديم نفسه في مظهر أكثر اعتدالا.

وفي 2017 تخلى عن مسمى جبهة النصرة التي ارتبط اسمها بالقاعدة ودشن «هيئة تحرير الشام»، وفرض على الفصائل في شمال سوريا الانخراط في صفوفها، بعد مواجهات بين المجموعات المسلحة وتوترات.

ثم شكّل إدارة مدنية لإدارة المناطق التي تسيطر عليها الهيئة في شمال غرب سوريا.

ويقول المتخصص في الجماعات الإسلامية في سوريا توما بييريه لوكالة فرانس برس «إنه براغماتي، واصل خطّ مساره كرجل دولة».

وفي مؤشر جديد على رغبته في تغيير صورته، بدأ بعد بدء هجوم الهيئة والفصائل ضد القوات الحكومية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بتقديم نفسه باسمه الحقيقي أحمد الشرع، بدل اسمه الحركي.

طمأنة «الأقليات»

وبعد بدء هجوم المعارضة المسلحة الأخير، سعى الجولاني إلى طمأنة سكان حلب التي تضم نسبة كبيرة من المسيحيين، داعيا مقاتليه إلى الحفاظ على “الأمن في المناطق المحررة”.

وجال الأربعاء الماضي بقلعة حلب التاريخية، ثاني أكبر مدن سوريا، بعدما سيطر مقاتلوه عليها، وأرسل تطمينات إلى المسيحيين بـ«أنهم لن يتعرّضوا للأذى».

ويقول المتخصص في المجموعات الإسلامية في سوريا توما بييريه لوكالة فرانس برس “إنه متطرف براغماتي”.

وكانت المعارضة السورية المسلحة قد بثت، أول أمس الأحد، أول بيان لها على التلفزيون السوري الرسمي، مؤكدة «إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد».

وأطلت مجموعة من 9 أشخاص عبر شاشة التلفزيون الرسمي من داخل استوديو الأخبار، وتلا أحدهم بيانا نسبه إلى “غرفة عمليات فتح دمشق”، أعلن فيه “تحرير مدينة دمشق وإسقاط بشار الأسد“.

وأعلن كذلك «إطلاق سراح جميع المعتقلين في السجون» ووصفتهم بـ«المظلومين».

وأهاب متحدث المعارضة المسلحة بالمسلحين والأهالي بعدم الاقتراب من المؤسسات العامة للدولة، والمحافظة عليها.

وخرج رئيس الحكومة السورية محمد غازي الجلالي، عبر فيديو، معلنا أنه مستعد لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة.

وقال الجلالي، في مقطع فيديو بثه عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه سيظل في منزله، وإنه مستعد لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة بعد مغادرة الرئيس بشار الأسد دمشق مع دخول المعارضة المسلحة إلى العاصمة.

وأكد الجلالي أن حكومته «مستعدة للتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب»، مشيرا إلى أنه سيكون «في مجلس الوزراء صباح الأحد ومستعدا لأي إجراءات للتسليم».

وبعدها بدقائق، خرجت المعارضة السورية المسلحة في بيان عبر حساباتها على «تيلغرام»، أعلنت فيه «إسقاط» نظام الرئيس السوري بشار الأسد، داعية عناصرها إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة في دمشق، التي أسندت إدارتها إلى رئيس الحكومة (السابق) محمد غازي الجلالي.

وفي رسائل نشرتها على حساباتها عبر تطبيق تليغرام، قال أحمد الشرع الملقب بـ أبومحمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام فجر الأحد «إلى كافة القوات العسكرية في مدينة دمشق، يُمنع منعا باتا الاقتراب من المؤسسات العامة، التي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسميا، كما يُمنع إطلاق الرصاص في الهواء».

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى