من التبعية إلى المناورة.. أوروبا تشكل دفاعها الخاص وسط شكوك في واشنطن

بعد عقود من التبعية العسكرية لواشنطن، ووسط احتمال تراجع الدعم الأمريكي. تصاعدت التساؤلات حول جدوى إنشاء مؤسسات دفاعية أوروبية جديدة، لتعزيز أمن القارة العجوز.
وتبذل دول الاتحاد الأوروبي جهودًا لزيادة الإنفاق الدفاعي. حيث اقترحت المفوضية الأوروبية إعفاء هذا الإنفاق من قيود العجز المالي لمدة أربع سنوات. مما قد يسمح بضخ ما يصل إلى 650 مليار يورو سنويًا، بحسب صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية.
بالإضافة إلى ذلك، تُدرس خطة لإنشاء صندوق قروض بقيمة 150 مليار يورو لتمويل المشتريات العسكرية المشتركة. لكن دولا مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا تواجه عقبات في الاقتراض بسبب مستويات الديون المرتفعة، مما يحد من فاعلية هذه الخطط.
-
تحولات السياسة الدفاعية الأميركية.. تراجع في أوروبا لصالح جبهات أخرى؟
-
اقتصاديون: المغرب خارج دائرة الضرر المباشر من رسوم ترامب
هياكل جديدة
ولحل تلك المعضلة، ظهرت عدة أفكار لتعزيز البنية الدفاعية الأوروبية. منها اقتراح إنشاء «بنك دفاع أوروبي» على غرار البنك الأوروبي لإعادة الإعمار. يتمتع بصلاحية الاقتراض من الأسواق الدولية لتمويل مشتريات الأسلحة وتوحيد الصناعات العسكرية.
كما دعمت المملكة المتحدة فكرة إنشاء كيان فوق وطني لتخزين الأسلحة نيابة عن الدول الأعضاء. لتقليل التكاليف المباشرة على الحكومات.
إلى جانب ذلك، طرح مركز «بروغل» البحثي، آلية دفاع أوروبية بقيمة 700 مليار يورو. مشابهة لآلية الاستقرار المالي، لشراء أنظمة دفاعية استراتيجية مثل الدفاع الجوي والصواريخ بعيدة المدى، مع إعطاء أولوية للدول الواقعة على حدود روسيا في التمويل.
-
الخدمة العسكرية الإلزامية تعود.. أوروبا بين المخاوف الأمنية والتجنيد الإجباري
-
ترامب يعيد رسم خريطة التجارة العالمية في مواجهة التنين الصيني
تحديات رئيسية
إلا أن إنشاء سوق دفاعية أوروبية موحدة على غرار النموذج الأمريكي. -الذي يضم 50 ولاية تحت إطار قانوني ومالي واحد- يعد مهمة مستحيلة، في ظل وجود 30 دولة أوروبية ذات سيادة وثقافات دفاعية متنوعة، بحسب «فايننشال تايمز».
ومع ذلك، يُمكن تحقيق تقدم كبير عبر توحيد المعايير الفنية والمواصفات العسكرية، وهو مسار بدأت بعض الدول -خاصة الصغيرة منها- في سلوكه بنجاح.
-
الاتحاد الأوروبي يقدم الدفعة الأولى من المساعدات المالية الطارئة للسلطة الفلسطينية
-
مباحثات الاتحاد الأوروبي في نواكشوط.. التفاصيل
فعلى سبيل المثال، اتفقت مجموعة من الدول على توحيد مواصفات البنادق العسكرية. مما سمح بتحقيق وفورات في التكاليف وزيادة الكفاءة التشغيلية.
ويمكن تعميم هذا النهج على أنظمة أخرى مثل الذخائر، وأنظمة الاتصالات العسكرية. والمركبات المدرعة، مما يُقلص التكلفة الإجمالية بنسبة 20-30%، وفقًا لتقديرات معهد بروغل.
-
جيش أوروبي موحد.. هل أصبح ضرورة في ظل التحديات الراهنة؟
-
الحرب بدون واشنطن.. هل تصمد أوكرانيا أمام هذا السيناريو؟
دور الناتو ومستقبله
ورغم الدعوات لتعزيز الاستقلال الاستراتيجي، يُجمع القادة الأوروبيون على أن الناتو يظل حجر الزاوية للدفاع الجماعي. لكنهم يدرسون سيناريوهات لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، مثل نقل عبء الدفاع الإقليمي إلى أوروبا خلال 5 إلى 10 سنوات. بينما تركز واشنطن على الأدوار الاستراتيجية كالردع النووي. إلا أن عدم وضوح نوايا الولايات المتحدة بشأن مدى تقليص التزاماتها يزيد من حالة التردد الأوروبي.
وأشار التقرير إلى أن أوروبا تعاني من غموض في الرؤية. حيث يُروج لإنشاء “ركيزة أوروبية” داخل الناتو دون تحديد آليات تنفيذها. كما يُعتبر الحديث عن انسحاب أمريكا من الدفاع عن أوروبا “تابوها” سياسيًا، خوفًا من تسريع انفصالها.
-
أوروبا تتحرك لتعزيز أمنها.. هل اقتربت من الاستقلال عن المظلة الأمريكية؟
-
قبل مقترح ترامب.. أوروبا تسعى لتعزيز دفاعات أوكرانيا
ورغم إدراك الحاجة إلى تعزيز القدرات الذاتية. تظل الدول الأعضاء حريصة على عدم إثارة قلق واشنطن بإظهار الاستقلالية المفرطة.
-
تقارير تكشف: واشنطن تسعى لتقليص دور الأوروبيين في محادثات إيران النووية
-
واشنطن تعيد تفعيل برامج المساعدات الخارجية: 5 دول عربية ضمن المستفيدين
-
ما الذي تريده واشنطن من ثروات أوكرانيا؟ جولة مفاوضات ترفع سقف التوقعات