مناورة التوقيت.. حماس تُطيل عمر التفاوض بشروط المرحلة الأولى
اشترطت حركة حماس إلزام إسرائيل بتنفيذ كافة التزاماتها بشأن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، قبل الانتقال إلى أي نقاش يتعلق بالمرحلة الثانية، فيما يبدو تكتيكا تفاوضيا يهدف إلى ربح الوقت، خاصة وأن الحركة ترفضا رفضا قاطعا نزع سلاحها وهو من أبرز أهداف إسرائيل والولايات المتحدة.
وتسعى حماس إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وترفض أي اتفاق يسمح باستئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية بعد انتهاء الهدنة، بالإضافة إلى الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة وإعادة الإعمار ورفع الحصار وفتح المعابر.
ورفض عضو المكتب السياسي للحركة حسام بدران تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، التي قال فيها إن “الخط الأصفر يمثل حدود غزة الجديدة”، متهما الدولة العبرية بالتنصل من بنود الاتفاق، ومحاولة فرض وقائع جديدة على الأرض.
ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكان من المفترض أن ينهي حربا شنتها إسرائيل على غزة على مدار عامين بدءا من 8 أكتوبر 2023، لكن تل أبيب خرقت الاتفاق مرارا، موقعة مئات المدنيين الفلسطينيين بين قتيل وجريح.
ورجحت وسائل إعلام إسرائيلية، أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن البدء بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة قريبا، فيما أشار بعضها إلى أن واشنطن “فوجئت” بالتزام حركة حماس بالاتفاق.
وقالت القناة 12 العبرية اليوم الثلاثاء إن “إسرائيل تلقت رسالة واضحة من الأميركيين مفادها أن ترامب يريد الإعلان عن بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار حتى قبل عيد الميلاد (25 ديسمبر/كانون الأول الجاري). ويتوقع البعض أن يتم ذلك يوم الخميس المقبل”.
وتابعت القناة “يريد ترامب الإعلان عن التشكيلة الحكومية التي ستدير غزة، والبدء بنموذج سكني في رفح جنوبي القطاع”. وبشأن موقف تل أبيب، أشارت إلى “خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة هذه الأيام حول قضية القطاع الفلسطيني، وأهمها مسألة نزع سلاح حماس”.
ولفتت إلى أن إدارة ترامب “أبلغت إسرائيل مؤخرًا بأن هذه العملية ستكون تدريجية ومطولة، بينما تُصرّ إسرائيل على نزع السلاح فورًا وسريعًا”.
وأشارت إلى أنه “في نهاية هذا الشهر، سيصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى منتجع ترامب في مار-إيه-لاغو (فلوريدا)، وهي المرة الخامسة التي يلتقي فيها الرجلان خلال العام الجاري”.
وقالت “هذه المرة، ستكون زيارة طويلة، تمتد خلال عطلة عيد الميلاد في أميركا، ووفقًا للخطط الحالية، ستستغرق الزيارة ثمانية أيام ومن المتوقع أن يعقد اجتماعين مع الرئيس ترامب: الأول فور وصوله، والثاني لاحقا”.
كما سيلتقي نتنياهو بنائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هاسيغاوا، وسيسعى إلى توسيع جدول أعماله ليشمل لقاءات مع الجاليتين اليهودية والمسيحية، وفق المصدر نفسه.
وبحسب مكتب نتنياهو، فإنه سيلتقي مع ترامب في الولايات المتحدة في 29 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وسط تقديرات بأن إعلان الرئيس الأميركي سيحدث على الأرجح قبل عيد الميلاد في الثلث الأخير من الشهر الجاري.
من جهته، نقل موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي، عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، لم يسمه، قوله “من المتوقع أن يُصدر البيت الأبيض سلسلة من الإعلانات المهمة في الأسابيع المقبلة”.
ووفقًا للمسؤول نفسه، فإن إدارة ترامب “عازمة على التوصل إلى نموذج لحكومة مؤقتة في قطاع غزة، تقوم على لجنة فلسطينية تكنوقراطية بعيدة عن الانتماء السياسي، تكون مسؤولة عن التشغيل اليومي للخدمات العامة والأنشطة البلدية لسكان القطاع”.
وتابع أن اللجنة “ستتألف من خبراء فلسطينيين ودوليين محترفين، وستعمل تحت الإشراف المباشر لهيئة دولية جديد برئاسة الرئيس ترامب نفسه تحت مسمى مجلس السلام”.
كما رجح الموقع “أن يُعلن ترامب عن إنشاء مجلس السلام وقوة الاستقرار الدولية قبل عيد الميلاد، على أن يكون ذلك في نهاية الأسبوع المقبل”.
وأكد أن “واشنطن تضغط على نتنياهو للمضي قدمًا والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، لكن نتنياهو يريد في البداية عودة آخر المدنيين المختطفين (الأسرى)، ران جويلي، ويصر على ضرورة نزع سلاح حماس، وبعد ذلك تأتي مرحلة إعادة بناء القطاع”.
بدورها، قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية “رغم كثرة علامات الاستفهام، يعتزم ترامب إجبار الطرفين على الانتقال إلى المرحلة الثانية، والتي من المرجح أن تشمل انسحابًا إسرائيليًا إضافيًا من غزة”.
وبحسب الصحيفة، “تفاجأت الإدارة الأميركية بالتزام حماس بتعهداتها، وتحديدًا نجاحها في العثور على جثث جميع الرهائن القتلى وإعادتها، باستثناء الشرطي ران جويلي. ولا تزال إسرائيل تطالب بإعادته، وهو مطلب تدعمه واشنطن”.
وبشأن الانسحاب المحتمل لتل أبيب من غزة، قالت “هآرتس” “قد تدفع أميركا نحو اتفاق ينشر بموجبه الجيش الإسرائيلي قواته على مقربة من الحدود، ما يعني انسحابه إلى محيط أمني محدود الاتساع داخل غزة”. ووفق الصحيفة “يعترف الجيش بأن عدد الانتهاكات الفلسطينية للاتفاق لم يكن مرتفعًا بشكل ملحوظ”.
وقالت “يطلق الجنود النار على عناصر حماس الذين يحاولون عبور الخط الأصفر لجمع معلومات استخباراتية عن مواقع قوات الجيش الإسرائيلي، وأحيانًا لشن هجمات، لكن لم تكن هناك أي محاولة منظمة من حماس للاشتباك مع الجيش الإسرائيلي”.
ورجحت “هآرتس” صدور إعلان ترامب “بين 15 ديسمبر وعيد الميلاد، وتم التوصل إلى اتفاق بشأن أعضاء الحكومة التكنوقراطية، ورغم أن هذا لن يُعلن رسميًا، إلا أنه سيضم شخصيات مرتبطة بحماس والسلطة الفلسطينية وحركة فتح”.
ووفقًا لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية، فقد قال نتنياهو خلال لقائه بسفراء إسرائيليين الأحد، إن “أصدقاءنا في الولايات المتحدة يريدون إقامة قوة دولية لتنفيذ المهمة، قلت لهم تفضلوا، ولكن ليست كل الأمور يمكنهم القيام بها، وربما لا يستطيعون تنفيذ الأمر الأهم”.
وأضاف أن “ثمة مهام محددة يمكن لتلك القوة تنفيذها، لكن ليس كل شيء، وربما ليس الهدف الرئيسي تجريد حماس من سلاحها”، في إشارة إلى محدودية قدرة القوة الدولية المقترحة على تحقيق ما تطمح إليه إسرائيل في القطاع.
وترهن تل أبيب بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية باستلامها ما تقول إنها آخر جثة لأسير إسرائيلي بغزة، والتي يتواصل البحث عنها.







