سياسة

مليشيات طرابلس تتكبد هزيمة نكراء في ترهونة


لم يحدث تغيير كبير في المشهد في مدينة ترهونة غربي ليبيا، ما بين أبريل 2019 والشهر ذاته من العام الجاري، إذ تعرضت المليشيات المدعومة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لهزيمة مهولة على يد الجيش الليبي.

إن المدينة الواقعة تحت سيطرة الجيش الليبي قامت بصفع مليشيات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا مرتين بقوة في عام واحد، وصدت هجوما ضعيفا فشل بالرغم من إمدادات أردوغان في إحداث أي اختراق، مقابل تكبدها خسائر فادحة في العتاد والرجال.

وحاولت المليشيات مرارا أن تمر من حالة الدفاع التي كانت تنتهجها منذ عام كامل إلى الهجوم، مستقوية بذلك بمرتزقة الرئيس التركي وأسلحته وطائراته، غير أن الدفاعات الجوية للجيش الليبي تصدت لها، وقامت بإسقاط جميع الطائرات المسيرة التي كانت توفر الغطاء الجوي للمليشيات، وكبدتها خسائر فادحة.

ارتباك وغياب تنظيم

 

بالرغم من أن الحشد الإعلامي هجم على ترهونة والمنصات المأجورة لتقديم دعاية للمليشيات الإخوانية ومرتزقة أردوغان؛ إلا أن أسلوب العصابات الذي تنتهجه الأخيرة كشف ارتباكها وافتقادها للتنظيم منذ بداية الهجوم، وكشف أيضا أخطاء قاتلة في مسارات الاختراق المفترض.

كل من التكتيك الهجومي الضعيف، والصفوف المرتبكة تسببت في وقوع حصيلة معتبرة من المسلحين بشباك القوات الليبية، وأغلبهم من أفراد عصابات سطو مسلح، وقطاع طرق ممن تجندهم ما يسمى حكومة الوفاق غير الشرعية من أجل القتال.

هذا وقد فشلت المليشيات في قطع طرق إمدادات الجيش الليبي، من خلال بلدات واقعة بالجبل الغربي، الأمر الذي يؤمن استمرار الإمدادات من طرابلس ومدن الغرب الليبي بما في ذلك مدينة بني وليد، ويقطع على المليشيات آخر أمل بقلب موازين القوى عبر الحصار وقطع الإمدادات.

غطاء جوي ضعيف

 

وتجرأت المليشيات على تنفيذ فقط بضع طلعات قتالية خلال هجومها، وذلك قبل أن تقتنص منظومة الدفاع الجوي بمدينة ترهونة الطائرات المحلقة، وتحكم سيطرتها على سماء المعارك في العديد من محاور القتال، ولاسيما الزطارنة والقويعة والرواجح.

كما تكبدت المليشيات التي حاولت التقدم من المحاور الشمالية باتجاه حدود ترهونة، بسبب فشل الغطاء الجوي، هزيمة نكراء حيث أجبرتها على التراجع وملازمة جحورها، والعودة إلى مربع التعويل على حصار لم ينجح منذ عام كامل، بفضل منظمة إمدادات القوات الليبية، وكذا سيطرتها على قواعد اللعبة أرضا وجوا.

صراع المليشيات 

لقد اضطرت الميليشيات إلى التراجع، وانقسمت بين مؤيد للقرار ورافض له، الأمر الذي فجر انقسامات واسعة في صفوفها، لاسيما في ظل اضطرارها للعودة إلى النقطة صفر، وفشلها في تحقيق هدفها الرئيسي ألا وهو ضرب المواقع العسكرية وخطوط الإمداد لمدينة ترهونة.

إن إحباط الجيش الليبي للتقدم البطيء للمليشيات، وتشديد الخناق عليها من خلال حصد رؤوس عدد كبير من مسلحيها، أدى إلى حالة من الإحباط والتي تحولت فيما بعد إلى مناوشات وانقسامات.

إلى ذلك، تؤكد من جهتها ترهونة على فشل المليشيات في جميع خططها القتالية، خاصة تلك التي تعول على سحب قوات الجيش الليبي من المحاور الجنوبية لطرابلس، مما يدل على الهزيمة الكبيرة إذ يؤكد محللون بأنها ستدفع بما تبقى من مرتزقة أردوغان نحو ركوب قوارب الهجرة غير النظامية نحو أوروبا.

في حين أن بقية مكونات المليشيات من قطاع الطرق وأفراد العصابات، من المؤكد أنهم سيبحثون عن جماعات أو تنظيمات مسلحة أخرى للقتال في صفوفها وذلك مقابل نتائج أفضل من سلسلة الهزائم التي يتكبدونها منذ انضمامهم للوفاق.

ترهونة.. رهان ضائع

إن مليشيات طرابلس تعتبر بأن ترهونة تشكل أهم معاقل الجيش في الغرب الليبي، وبأن السيطرة الكاملة على المدينة رهان سيقلب موازين القوى لصالحها، لاسيما بأنها تعد بمثابة الامتداد الجغرافي للعاصمة.

وتشكل أيضا المدينة قاعدة إمدادات لمحاور القتال بالنسبة للجيش الوطني في جنوبي طرابلس، مما يجعلها بمرمى المليشيات التي تأمل في السيطرة عليها بهدف وقف الإمدادات، وبذلك تضييق الخناق على الجيش في الغرب الليبي، وهذا ما فشلت المليشيات بشكل ذريع في تحقيقه، ليكون رجة جديدة تهز مخططات الوفاق وأردوغان، ومن المنتظر أن تبرز ارتداداتها في شكل مشهد جديد يستعد الجيش لكتابته بالأيام القليلة المقبلة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى