ملف المصالحة على طاولة الملك


يقود البروفيسور الأكاديمي عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، حملة الحديث عن مصالحة خليجية، وقال مؤخراً: “المصالحة الخليجية كالساعة قادمة لا ريب فيها”، وقال قبل ذلك: “إن قطر قدمت عدة عروض ”سخية“ مقابل المصالحة، وإن جميعها قيد النقاش مع دول الرباعي العربي”.

وبين حقيقة ما تسعى الدوحة لتحقيقه، واقعياً وعملياً، وبين القمة الخليجية بعد غد الثلاثاء في الرياض، ثمة فجوة تظهر جلية على شاشات قناة الجزيرة، التي اختارت التهدئة مع دول والتصعيد مع أخرى، في محاولة ثانية، سبقتها محاولة تفكيك التحالف العربي في اليمن، للدخول إلى الرياض، بالعروض تارة والاستجداء تارة أخرى، ومع صحة ومتانة نظرية أن “الحل في الرياض”، لكنها من وجهة نظري، ليست كافية كمخرج للتحايل وتسطيح الأصول الحقيقية التي قرر بسببها الرباعي العربي مقاطعة قطر.

لا أعتقد أن فريق إدارة المصالحة الخليجية في الدوحة يغفل عن هذه التفاصيل المهمة، الذي يعني أن هناك تقصّداً يدفع نحو مسار لا يؤدي إلى الرياض، حين يتجاوز مثلاً، المنامة وأبوظبي والقاهرة، متعمداً، ففي الجانب الآخر مثلا، يتحدث وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، عن “تطلع الإمارات إلى قمة الرياض بكل تفاؤل وأمل” وقال: “هي القمة التي تستمد أهميتها مما يحمله الموقع والمكان من وزن وثقل استراتيجي. وإيماننا نحن بدور المملكة العربية السعودية الشقيقة الخليجي والعربي راسخ، ومعه التزامنا الوطيد بنجاح مسيرة مجلس التعاون في زمن التشتت والقلق” وهنا الفرق الشاسع بين الطريقتين والعقليتين وفريقي إدارة الأزمة والمصالحة في البلدين المتجاورتين.

هل الرهان على الوساطة الكويتية وحده قد يكون كافياً لتحل الطائرة القطرية في الرياض؟ كما قال رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح “إن قمة الرياض ستكون محطة مهمة جداً للمصالحة الخليجية”. أم أن على الدوحة أن تفصح عن نيتها الحقيقية تجاه جميع دول الرباعي العربي، وترك عهد الغموض والتردد الذي كانت وما زالت تستعمله حتى الآن، وتقدم ولمرة واحدة على الأقل، طرحاً شفافاً يتمتع بالموثوقية والمصداقية، تلتزم فيه بما يرد في طلب الوساطة دون انتقاص، وعلى رأسه وقف دعم الإرهاب وترحيل الإخوان وإغلاق الجزيرة، أو على الأقل عدم الطعن في أي من دول الرباعي، لا تلميحاً ولا تصريحاً، وكذلك مشروعاً لإغلاق القواعد العسكرية التركية، ولو على مراحل؟

ملك الحزم، خادم الحرمين الشريفين، ومع حرصه البالغ على اللحمة الخليجية، وتأكيده أن تكون هذه القمة محطة بناء وتعزيز الترابط والتعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، كما ورد في رسالة الدعوة لقمة الرياض، حيث بلغت الجهود “مرحلة متقدمة”، إلا أن العروض القطرية غير المكتملة، أو غير الناضجة، أو التي تتحرك في مسارات لا تؤدي حقاً إلى الرياض، ستجعل مهمة من يقدمون ملف المصالحة على طاولة الملك، في حيرة بشأن التوصيات، ما قد يعيد ذلك الملف إلى المربع الأول..!

لست متشائمة، لكني غير متفائلة أن رسالة سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر إلى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، التي قال فيها “إن هذا التجمع الأخوي يمثل إحدى الخطوات المنشودة نحو الطريق الصحيح لإعادة اللحمة الخليجية لسابق عهدها وتعزيز وشائج وأواصر الأخوة” قد تدفع، وخلال زمن قياسي، لا يتعدى اليومين، أن تتحرك الدبلوماسية القطرية، للملمة شتاتها، وتصويب أوضاعها، وتقديم طرح يتلائم مع حجم الأزمة، ويتناسب مع مفرداتها وتفصيلاتها ورؤى مخرجاتها.

صحيح أنه قال إن “الساعة قادمة لا ريب فيها”، لكنه لم يحدد لها زمناً، فقد تقصر أو قد تطول..!

نقلا عن العين الإخبارية

Exit mobile version