ملفات فساد ضخمة تلاحق أردوغان وأسرته وتفضح تورطهم
ملفات فساد ضخمة، تلاحق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأفراداً من عائلته، خاصة ابنه بلال الذي يظهر كأحد أكبر الفاسدين في تركيا، فيما يلجأ أردوغان إلى السلطات المطلقة التي يكفلها له النظام الرئاسي من أجل تحجيم أيّ تحرّك لكشف فساده أو فساد عائلته والمقربين منه.
وخلق أردوغان شبكة من الفاسدين والمنتفعين من حوله، ولاسيما من المسؤولين في حكومة العدالة والتنمية، وذلك من منطلق توريطهم، كي لا تكون لديهم أيّة فرصة لمواجهته أو اتهامه بالفساد، باعتبارهم غارقين في المستنقع نفسه.
ويأتي تنصيب أردوغان لصهره بيرات البيرق وزيراً للخزانة والمالية لإحكام قبضته على اقتصاد البلاد، وكي يتمكن من تحجيم أية محاولة تكشف فساد المقربين منه.
ولفت الكاتب التركي إلهان تانير في مقال له بموقع أحوال تركية أنّ دور البيرق جاء في المكتب البيضاوي، حين التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين، المسؤول عن وزارة من المتوقع أن تفرض غرامات بمليارات الدولارات على أكبر بنك مملوك للدولة في تركيا، والذي تورط العام الماضي في مخطط للالتفاف على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران. وكان صهر ترامب والمستشار البارز جاريد كوشنر هناك أيضاً. وقال البيرق، الذي كان جالساً بين منوشين وكوشنر، إنه نقل رسائل والد زوجته إلى ترامب.
وعادت مؤخراً قضية فساد بلال أردوغان إلى الواجهة، بعد إصدار محكمة تركية أحكاماً بالسجن المؤبد بحق أشخاص قاموا بفضح فساد أردوغان وعائلته ومقربين منه.
وأصدرت محكمة تركية في إسطنبول، في مارس الماضي، حكما بالحبس مدى الحياة بحق 15 شخصا كانوا قد اتّهموا مقرّبين من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتورّط في فضيحة فساد في العام 2013، بحسب تقارير إعلامية.
ولجأ أردوغان إلى استخدام الأجهزة الضاربة للدولة للتنكيل بمَن يكشفون فساد ابنه أو أسرته، وكانت التهم الجاهزة تدور حول الاتهام بالإرهاب، أو الانتماء لتنظيم إرهابي، أو أن المعتقلين على صلات بجماعة غولن، أو حزب العمال الكردستاني، أو بتهمة إهانة الرئيس..
وتلاحق ملفّات الفساد الرئيس أردوغان بعد ربع قرن من رئاسته لبلدية إسطنبول، التي تمثّل قناة للنظام لتركيز قوة اقتصادية وسياسية ورمزية كبيرة، والتي فاز بمنصب رئيس بلديتها مرشّح المعارضة أكرم إمام أوغلو في الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 من مارس الماضي، تظل السلطة فيها تمثل واحدة من القوى الأساسية لهذا النظام.
ويلفت الكاتب جنكيز أكتار في موقع أحوال تركية بأنّ هناك احتمال الكشف عن المعاملات الفاسدة التي استمرت لمدة 25 عاماً في سلطة بلدية إسطنبول منذ أن أصبح أردوغان رئيس بلدية المدينة في عام 1994. وإذا تم الكشف عن هذه المخالفات، فسوف يرقى هذا إلى الانتحار السياسي للنظام.
وفي مارس الماضي أعلنت السلطات التركية أحكاما بالسجن المؤبد على مجموعة من السياسيين والمعارضين الأتراك الذين أبدوا شجاعة استثنائية في فضح ملفات فساد خطيرة، طالت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عندما كان رئيسا للوزراء هو والدائرة الضيقة المحيطة به وذلك في مطلع العام 2014.
وهزّت قضية فساد بلال أردوغان الرأي العام التركي، وكانت أولى الحلقات التي تم فضحها مرتبطة بنجم الدين بلال أردوغان – مواليد عام 1981 – وعلى الرغم من أنّه ليس الابن الأكبر للرئيس، إلا أنه كان الأبرز ظهوراً ونشاطاً طول السنوات الماضية، وتركزت ضده الاتهامات والمناكفات الداخلية والخارجية، كونه الأقرب لوالده، ولديه أنشطة تجارية كبيرة لا تنكرها العائلة. في المقابل لم يظهر بوراك الابن الأكبر للرئيس في وسائل الإعلام وبقيت حياته طي الكتمان والمعلومات المتوفرة عنه قليلة.
وجاءت الاتهامات ضد بلال أردوغان من روسيا وعلى لسان مسؤولين كبار بالدولة ووسائل الإعلام التي ذكرته بالاسم عندما لم تكن العلاقات بين البلدين على ما يرام، وقالت انه يتاجر بشكل مباشر بنفط تنظيم داعش الإرهابي.
وشهدت تركيا في شهر فبراير 2014، ضجة إعلامية كبيرة بعد انتشار تسجيل صوتي على موقع يوتيوب قيل إنه يسجل مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وابنه بلال، حدثت صباح يوم 17 ديسمبر 2013 بالتزامن مع حملة الاعتقالات التي طالت عددا من الشخصيات المقربة من أردوغان.
وطلب أردوغان من نجله (وفق مزاعم من نشروا الشريط) أن ينقل الأموال من منزله، ويخفّض مبلغها إلى “الصّفر” بتوزيعها على مختلف رجال الأعمال، فيما أجاب بلال أنه مازال نحو 30 مليون يورو (أي ما يعادل 40 مليون دولار أميركي) ينبغي التخلص منها.
وبسبب قيام منصة التواصل الاجتماعي تويتر ببث التسجيلات هدّد أردوغان عندما كان بمنصب رئيس الوزراء، أنه سيقضي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بعد أن بث مجهولون عددا من التسجيلات الصوتية على الموقع قيل إنها تكشف عن الفساد بين المحيطين به.
وقال أردوغان في تجمع لحزبه “سنقضي على تويتر. لا يهمني ما يقوله المجتمع الدولي”. وأضاف “سيرون قوة الجمهورية التركية”.
ويقول مقربون من حكومة أردوغان إن نجله بلال لم يترك قطاعا اقتصاديا إلا وكان له فيه دور وتأثير سواء من خلال التدخل للمنفعة الشخصية أو خدمة لأفراد العائلة أو أصدقاء أو قيادات من الحزب الحاكم.
وسبق أن فجرت صحيفة “يديعوت احرونوت” الإسرائيلية فضيحة أخرى في سجل نجل أردوغان حين كشفت أنه قام بعقد عدد من الصفقات التجارية مع إسرائيل في أعقاب حادثة مرمرة التي راح ضحيتها عدد من الأتراك ذهبوا لمساندة غزة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر من المعارضة التركية قولها إن سفينتين تابعتين لشركة “إم بي” التي يملكها “نجل أردوغان” كانتا تنقلان المواد التجارية بين موانئ تركيا وإسرائيل خلال السنوات الأخيرة.
وعلق معارضون أتراك بالقول إن علاقات بلال مع إسرائيل تكشف نفاق أردوغان نفسه الذي ينتقدها في العلن، لكنه يقود العلاقات معها في السر، إلى درجة أن المعاملات التجارية بين البلدين خلال أزمة مرمرة بلغت 4 مليارات دولار بارتفاع يصل إلى نسبة 30 بالمئة عما كانت عليه في السابق.
ويحمل بلال النصيب الأكبر من فضائح عائلته فقد قام في السابق بارتكاب حادث سيارة قتل خلاله مغنية تركية ما أثار الرأي العام هناك ضده.