سياسة

مقتل سليماني خامنئي يضع علي خامنئي أمام خيارات صعبة


إن النظام الإيراني قد خسر ثاني أهم رجل في البلاد، وذلك بمقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وتعرضت صورة التمرد والردع التي حرص على تصدريها للمجتمع الدولي، لشرخ دائم وخطير، وضع قادة البلد، أبرزهم المرشد علي خامنئي، في مأزق بخصوص خيارات الرد المناسب.

وقد تم قتل قاسم سليماني في غارة نفذتها طائرة أميركية من دون طيار، فجر يوم الجمعة، وقد استهدفت سيارة كانت تقله بالقرب من مطار بغداد الدولي، فور وصوله إلى العاصمة العراقية.

إن سليماني ليده ثقل كبير في العراق، نظرا لأنه هو المخطط والآمر والناهي في كثير من الأمور السياسية والعسكرية والأمنية، لاسيما في ظل علاقاته المتشعبة وهيمنته على الكثير من الميليشيات، التي يحركها هنا وهناك لتخوض حربا بالإنابة ضد الولايات المتحدة وغيرها ممن يعارضون النظام الإيراني.

ومن جانبه، فقد تحدث الخبير في الشأن الإيراني هاني سليمان، عن أهمية سليماني في العراق، حيث قال: يتمتع سليماني بمكانة رمزية، وله ثقله في قلب النخبة والعناصر الثورية، بالإضافة إلى موقعه الأمني والاستراتيجي على الأرض كأحد أهم أدوات إيران في تعميق نفوذها الإقليمي، بما يمتلكه من علاقات ونفوذ في العراق ولبنان وسوريا.

وأضاف أيضا لموقع سكاي نيوز عربية: نفوذ سليماني تجاوز كل الخطوط؛ فهو يعين ويقيل ويرفض ويقبل مسارات سياسية، وله تأثير كبير على جملة الأحداث والتوازنات في الإقليم، من خلال تحالفاته مع ميليشيات موالية لإيران، وقيادته لفيلق القدس، وهندسة ورسم جملة المصالح الإيرانية.

نقطة فاصلة في الصراع

وبذلك تظهر أهمية الرد الذي قد تلجأ إليه إيران على التصعيد الصادم للرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي كان ردا على الهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية في بغداد، بأوامر إيرانية.

وهنا يصعب الأمر حيث أن خيارات طهران تنحصر في شقين، فإما التصعيد، على الأقل لحفظ ماء الوجه أمام المجتمع الدولي، مما يضعها في مأزق أكبر نظرا لأنها الكفة الأضعف أمام واشنطن، أو تلتزم بخفض التصعيد والسعي للتهدئة.

واعتبر أيضا سليمان بأن مقتل سليماني هو حدث فاصل في العلاقات الأميركية الإيرانية وطبيعتها، وأضاف بأن مرحلة ما بعد سليماني في العلاقات بين البلدين، لن تكون كالمرحلة التي سبقتها.

وتابع القول بأنه رغم تعقيداتها (علاقات البلدين) وجملة الخلافات التي تعتريها، فإن هناك ضوابط وخطوط حمراء لما يمكن أن يتجاوزه كل طرف، غير أن مقتل سليماني يعد تحولا كبيرا في الاستراتيجية الأميركية، وإعلان عن حالة تحد وكسر لتلك الخطوط، في مواجهة سلوك إيران، وهو بمثابة إعلان عن بداية مرحلة جديدة.

اختبار صعب

ومن جهته، يرى الخبير في الشأن الإيراني، بأن النظام في طهران يواجه اختبارا صعبا، فهو بين حالة ارتباك ورغبة انتقامية كبيرة، كونه يريد أن يوجه رسالة مفادها أن إيران قادرة على الرد وأنها ما زالت تسيطر على الأوضاع.

وأضاف أيضا: كما يريد النظام أن يكون الرد مقنعا داخليا في مواجهة الشعب الساخط أصلا، وخارجيا للحفاظ على صورة إيران القوية المتمردة القادرة على الردع والرد.

ووفق سليمان فإن تلك الاحتمالات والخيارات المرة أمام إيران، تجعل خامنئي في مأزق شديد وتضعه بين المطرقة والسندان، خاصة أن تبعات مقتل سليماني سيمتد أثرها بعيدا، في ظل مشهد خطير ومعقد تخسر فيه إيران في الداخل العراقي وفي لبنان. معتبرا بأن مقتل سليماني سيشكل حافزا قويا للمتظاهرين وحلفاء واشنطن، لممارسة مزيد من الضغط على طهران.

في حين رأى مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية، حسن راضي، بأن النظام الإيراني سيتجه إلى التصعيد، حيث قال: النظام الإيراني لا يسعى إلى التهدئة، على الأقل من أجل الحفاظ على ماء الوجه، ولأن الشخصية التي تم استهدافها هي ثاني أهم شخصية بإيران، والأقوى في العراق على الصعيد الأمني والعسكري والسياسي، إذ لا يمكن لأية شخصية أن تخالفه، بمن فيهم رئيس الوزراء.

 

خيار الميليشيات

 

ووفق راضي، إذا ما قرر النظام في طهران الرد على الضربة الأميركية الموجعة، فإن استخدام الميليشيات سيكون أول تلك الخيارات، مضيفا: إيران تخشى المواجهة المباشرة مع أميركا، وبالتالي إذا دخل النظام حربا مع الولايات المتحدة فسيسقط بالتأكيد، فهو في وضع صعب على الصعيد الاقتصادي، وهناك تفكك بالنظام نفسه، كما أنه لا يمتلك الميزانية الكافية لمثل هذه المواجهة.

وأشار أيضا راضي لموقع سكاي نيوز عربية، إلى أن تحريك ميليشيات العراق، سيكون خيار طهران الأول، حيث قال: إيران تمتلك عشرات المليشيات في العراق، ولدى أميركا تواجد كبير هناك، سواء دبلوماسيا أو عسكريا، لذا قد تستهدف الميليشيات تلك المواقع. منوها إلى أن هذا لا يعني عدم لجوء إيران إلى ميليشيات حزب الله أو الميليشيات اليمنية، للرد بصورة غير مباشرة. أما السيناريو الثاني، والذي يرتكز على المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة عن طريق الحرس الثوري الإيراني، فاستبعد راضي وقوعه، واعتبر بأنه سيكون بمثابة انتحار لنظام طهران.

صدمة داخلية

بينما ركز عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، موسى أفشار، على التبعات التي خلفتها الضربة الأميركية على الداخل الإيراني. وقال لموقع سكاي نيوز عربية: تلقى نظام الملالي ضربة صادمة، وقبل أن يفكر بكيفية الرد على أميركا، فهو يفكر بلم شمله وكيف يمكن له أن يمنع تساقط قواته، في ظل الإحباط الشديد لمعنويات قوات الحرس والباسيج، التي يعتمد عليها خامنئي لمواجهة المد الشعبي والانتفاضة الداخلية للشعب الايراني.

كما اعتبر أفشار بأن الخيار الذي سيلجأ له النظام الإيراني، بالتصعيد من عدمه، يتوقف على موقف المجتمع الدولي تجاه هذا النظام والجرائم التي يرتكبها منذ 3 عقود بالمنطقة.

وتابع القول: إذا شعر النظام في الوقت الحاضر أن هناك نوع من التهاون فقد يفكر بالتصعيد، لكن إذا شعر أن الصرامة التي استخدمتها الولايات المتحدة، لها امتدادات إقليمية ودولية، فسيُجبر على أن يفكر مليا قبل أي تصعيد، خاصة إذا كان التصعيد يهدد الأمن الإقليمي.

قائد فيلق القدس الجديد.. والخطوة المرتقبة

وتتجه الأنظار كلها إلى بعد مقتل سليماني، إلى خلفه العميد إسماعيل قاآني، وأولى خطواته بعد توليه هذا المنصب، غير أن راضي اعتبر بأنه لن يتمتع بنفوذ سليماني وسطوته في العراق. مضيفا : قاآني لن يكون بديلا لسليماني لأنه لا يمتلك السطوة والنفوذ بالعراق كما كان لسليماني، كما أنه شخصية غير بارزة بالرغم من أنه شخصية متشددة وشارك بالحرب العراقية الإيرانية، لكنه لا يمتلك الأدوات والسطوة بالمنطقة.

وأشار أيضا راضي إلى أن الساحة الأولى لقاآني ستكون بالعراق، بسبب الولاء الكبير من الميليشيات العراقية للنظام الإيراني.

بينما اعتبر سليمان، بأن تعيين قاآني سيشكل ضغطا إضافيا، خاصة في ظل الترقب الإقليمي والضغط المفروض عليه لتقديم أوراق اعتماده، ومحاولة إعادة الهيبة لـفيلق القدس، وحالة المقارنة التلقائية التي ستفرض نفسها بينه وبين سليماني.

إنه بالتغاضي عن طبيعة الردود التي قد يقبل عليها النظام الإيراني، فكلها مرة، حيث ستكون دفعا باتجاه الزوال، ووفق أفشار الذي قال: إذا صعّد نظام الملالي بالحروب النيابية، فإنه يدفع تلك الميليشيات إلى الحرق، كما فعل بدفعها في العراق لاقتحام السفارة الأميركية. بينما خيار التصعيد المباشر، فهو مستبعد، وقد اعتبر أفشار بأنه سيصب في خانة انتفاضة الشعب الإيراني في الداخل.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى