سياسة

مشروع الأسلحة النووية في بريطانيا يواجه أزمة تمويل وكوادر


تكاليف غامضة ونقص خطير في الكوادر يهددان برنامج الردع النووي في بريطانيا، المشروع الأكثر طموحا في تاريخ الدفاع بالمملكة المتحدة.

وبحسب صحيفة “التايمز” البريطانية، حذّر جهاز الرقابة المالية في البرلمان البريطاني من أن الخطأً في حساب عدد المهندسين اللازمين لتشغيل مقاتلات إف-35 التابعة لسلاح الجو  الملكي، ألقى بظلال كثيفة من الشك على مستقبل المشروع.

وفي تقرير حديث للجنة الحسابات العامة بمجلس العموم، أكّد النواب أن الحكومة لم تُحدد بعد موعدًا نهائيًا لتمكين الطائرات من حمل الأسلحة النووية.

كما لم تُقدّم تقديرًا واضحًا للتكلفة الإجمالية، رغم إعلان رئيس الوزراء كير ستارمر خلال قمة “الناتو” في يونيو/ حزيران الماضي نية المملكة المتحدة شراء 12 طائرة من طراز إف-35 إيه لتكون جزءًا من مهمة الردع النووي للحلف.

خطأ حسابي 

أشار التقرير إلى أن وزارة الدفاع أخطأت في تقدير عدد المهندسين المطلوبين لكل طائرة، ما تسبب في نقص فني حاد يهدد القدرة التشغيلية للأسطول القائم من طائرات إف-35.

وبحسب اللجنة، فإن هذا القصور سيؤخر قدرة المقاتلات على تنفيذ هجمات دقيقة على أهداف أرضية من مسافات آمنة حتى أوائل ثلاثينيات القرن الحالي.

وأوضح التقرير أن مشروع تسليح طائرات إف-35 إيه بالأسلحة النووية لا يزال في مراحله الأولية، وأن الوزارة بدأت مؤخرًا فقط في تحديد متطلبات الحصول على شهادة اعتماد ضمن مهمة الناتو النووية.

ورغم تأكيد الوزارة أن الطائرات الجديدة أرخص بنسبة تتراوح بين 20 في المئة و25 في المئة من النسخة البحرية إف-35 بي، إلا أن النواب حذّروا من أن تكاليف التدريب الإضافي ومتطلبات الانضمام إلى المهمة النووية قد تجعل المشروع أكثر كلفة على المدى البعيد.

فجوة

يُعدّ برنامج إف-35 أكبر مشروع تسليحي في تاريخ بريطانيا، إذ تُقدّر وزارة الدفاع أن تصل تكلفته إلى57 مليار جنيه إسترليني على مدى 56 عامًا – أي ما يقارب ثلاثة أضعاف التقديرات الأولية.

ومع ذلك، نبّه التقرير إلى أن هذه الأرقام لا تشمل تكاليف الأفراد والبنية التحتية والوقود، مرجحًا أن تتجاوز الكلفة الإجمالية 71 مليار جنيه وفقًا لتقديرات مكتب التدقيق الوطني (NAO).

وكان مكتب التدقيق الوطني قد وجه في يوليو/ تموز الماضي انتقادات حادة لإدارة البرنامج، معتبرًا أن العائد على الاستثمار «مخيّب للآمال» وأن أداء الطائرة لا يرقى لتوقعات وزارة الدفاع.

وأشار إلى أن نقص الأفراد والقرارات المالية قصيرة المدى أثّر بشكل مباشر على وتيرة تسليم الطائرات وتطوير قدراتها التقنية.

وأعادت لجنة الحسابات العامة تأكيد هذه الانتقادات، متهمة الوزارة باتباع «نمط من القرارات قصيرة النظر» زاد من الكلفة الإجمالية.

ومن بين الأمثلة، تأجيل إنشاء منشأة لاختبار قدرات التخفي للطائرة، وهو قرار وفّر 82 مليون جنيه مؤقتًا في ميزانية 2024–2025، لكنه أضاف 16 مليونًا إلى الكلفة النهائية.

كما تم تأجيل تطوير البنية التحتية لسرب البحرية رقم 809 إلى عام 2029، ما قلّل الجاهزية التشغيلية وتسبب بتكاليف إضافية تقارب 100 مليون جنيه.

وفي أول تعليق رسمي، قالت متحدثة باسم وزارة الدفاع إن «خطط الوزارة تضمن تنفيذ البرنامج في حدود الميزانية المقررة، مع تجهيز سربين كاملين من مقاتلات إف-35 بحلول نهاية العام الجاري».

وأكدت أن الحكومة ملتزمة بتطوير قدرات الردع النووي وفق أعلى معايير الكفاءة والسلامة، بحسب الصحيفة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى