مسؤول أمني يفتح الصندوق الأسود لإخوان تونس
كشف الصندوق الأسود بعد أكثر من عقد على رجوع إخوان تونس للمشهد في تطورات تعري حقيقة تنظيم إرهابي قائم على الخراب والفتنة.
حيث استعرض الأميرال المتقاعد ومستشار الأمن القومي السابق في تونس، كمال العكروت، جزءا من جرائم الإخوان بحق التونسيين، وكشف عن الهدف الحقيقي لزعيم التنظيم راشد الغنوشي من عودته إلى تونس في 2011.
الغنوشي الذي زعم لدى عودته بعد سنوات طويلة قضاها في بريطانيا، بأنه لن ينخرط في أي عمل سياسي، سرعان ما ناقض نفسه باحثا عن منصب سياسي ينتقم به من فشله في الوصول إلى الحكم عقب انقلاب كان يزعم تنفيذه العام 1987.
وفي تصريحات إذاعية أدلى بها مؤخرا، تحدث العكروت حول تفاصيل إقالته من منصبه مديرا عاما للمخابرات في 2013 بقرار من الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي، حليف الإخوان.
وقال: “توقعت قرار إقالتي، تحركاتي أقلقتهم”، في إشارة إلى الإخوان ممن كانوا حينها يعملون على محاولة أخونة مؤسسات الدولة، خصوصا الجيش والأمن.
وأضاف العكروت: “تنقلت للشعانبي (جبل يشكل معقلا للإرهابيين) والقصرين لطمأنة الجنود. كنت في الطريق لقفصة (محافظة جنوبي البلاد) حين تلقيت اتصالا لإعلامي بالقرار”.
وتابع: “التقيت وزير الدفاع الذي أعلمني بأن المرزوقي قام بتغييري وينوي إرسالي لطرابلس في ليبيا“، موضحا أن تلك الخطوة كانت ترمي للزج به في منطقة صراع بهدف التخلص منه.
“عاد لينتقم”
في السياق نفسه، قال العكروت متحدثا عن دوافع الإطاحة به في عهد المرزوقي، إنه و”خلال توليه منصب مدير عام المخابرات. سعى جاهدا للنأي بالمؤسسة العسكرية (الجيش) عن التجاذبات السياسية”، وهو ما تسبب في عزله من مهامه.
وشدد: “أردنا أن تكون المؤسسة العسكرية بعيدة عن التجاذبات السياسية، لذلك وقع طردي”.
وفي حديثه، تطرق العكروت إلى فترة حكم الإخوان. مشيرا إلى أن زعيم التنظيم راشد الغنوشي عاد محملا “بأفكار أيديولوجية هدامة لتونس“.
وقال: “إنسان جاب (أتى) أيديولوجيا وأفكارا هدامة لدولة مدنية بُنيت على أسس حرية المرأة والاستقلال وأراد أن يقلبها كلها وهو كان يعيش في إنجلترا”.
واعتبر أن “راشد الغنوشي خرج مفريِس (أفكار هدامة) من تونس وزاد اتفريِس (تفاقم حاله) في إنجلترا وعاد لينتقم من تونس”.
وبالنسبة للعكروت، فإن الغنوشي ساهم في ضرر كبير لتونس خاصة حين تولى رئاسة البرلمان. مؤكدا أنه حتى في حال قام الغنوشي بمراجعات فلن يسعه أن يشعر بالراحة تجاهه.
وشدد على أنه قام بالنأي بالمؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية ومنع تشكيل نقابات في الجيش، كما حظر اللباس الإسلامي والحجاب للعسكريين. مخالفا بذلك “ما طلب منه بضغط”، في إشارة إلى مساعي الإخوان للسيطرة على الجيش وأخونته.
وشدد العكروت على أن “للمؤسسة العسكرية طقوسا، واللباس واضح منذ البداية”.
لغز “تسميم” السبسي
في تطرقه لـ”وفاة” الرئيس التونسي الأسبق الباجي قايد السبسي، اعتبر العكروت أن التعامل مع فرضية تسميمه كان “غير مهني”. دون الإدلاء بتفاصيل أكثر باعتبار أن الملف لا يزال طور التحقيق.
وأكد أنه “فخر لنا أنّ يعالج رئيسنا في مستشفى تونسي بقدرات وكفاءات محلية.. هو اختار المستشفى العسكري. رغم أنّ أغلب الرؤساء يختارون العلاج في دول أوروبية على حساب دولهم”.
واعتبر العكروت أنّ السبسي حقق نجاحا دبلوماسيا لتونس، بعد أن كانت منهارة إثر فترة حكم المنصف المرزوقي، وفق تعبيره، قائلا: “الباجي أرجع الاعتبار لتونس..”.
كما حقّق السبسي نجاحا لتونس على المستويين الأمني والدفاع، وفق قول العكروت، الذي أشار إلى أنّ أوّل قرار تمّ اتّخاذه إثر أوّل اجتماع للمجلس الوطني للأمن في 12 فبراير 2015. هو التسريع في إصدار قانون مقاومة الإرهاب واستراتيجية وطنيّة لمكافحة الارهاب وغسل الأموال، وهو ما جعل تونس تشهد نجاحات أمنية ضدّ الإرهاب، وفق قوله.
ومطلع 2022، أعلنت السلطات التونسية فتح تحقيق في ملابسات وفاة السبسي. حيث وجهت وزيرة العدل حينها بفتح تحقيق استنادا لأحكام الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية بعد ما أثاره القيادي الإخواني السابق محمد الهنتاتي حول وفاة الرئيس السابق وملابساته.
وفي أكتوبر الماضي، قال الناشط السياسي والمحامي منذر بالحاج علي المقرب من الرئيس الراحل. إن قصر قرطاج كان مُخترقا، وإن السبسي يمكن أن يكون قد تم تسميمه.
واعتبر أنه غير مقتنع بأن السبسي توفي بشكل طبيعي. وأكد أنه التقى الرئيس الراحل أياما قبل مرضه وأعلمه بأنه قرر الدخول في معركة مع الجهاز السري لحركة النهضة. مضيفا أن الغنوشي أعلم آنذاك السبسي بانتهاء التوافق بينهما.
وتحدث بالحاج عن اللقاء الذي جمع السبسي والغنوشي عندما تم إنهاء التوافق بين “النهضة” وحزب الرئيس الراحل “نداء تونس”. وقال إنه علم من السبسي أن “الغنوشي زاره ليعلمه بأن التوافق بين الحزبين انتهى”.
وفي 25 يوليو 2019، تُوفي الرئيس الباجي قايد السبسي عن عمر ناهز 92 عاما إثر “وعكة صحية”.