مرونة أميركية تجاه تونس قد تسرع الاتفاق مع النقد الدولي
أعطى وزير الخارجية الأميركية انطوني بلينكن إشارات ايجابية تعكسان انعطافة ولو طفيفة في مواقف بلاده المتشددة تجاه تونس.
وبعد ضغوط حاولت واشنطن ممارستها على الرئيس التونسي قيس سعيد بعد الإيقافات التي طالت سياسيين من المعارضة بينهم رئيس حركة النهضة التونسية بتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة والتحريض على الاقتتال وبعد تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني بمقر وزارة الخارجية الأميركية، إنه يود أن تقدم تونس خطة إصلاح معدلة إلى صندوق النقد الدولي، مضيفا أنه “من الواضح أنها بحاجة إلى مزيد من المساعدة إذا كانت تريد تجنب انهيار اقتصادي”.
وتابع “نرحب بشدة بتقديم الحكومة التونسية خطة إصلاح معدلة إلى صندوق النقد الدولي وبأن يتمكن الصندوق من العمل على الخطة المقدمة، لكن هذه قرارات سيادية”.
وتوقفت محادثات تونس مع صندوق النقد الدولي بشأن إنقاذ وضعها المالي منذ شهور على ما يبدو وليس هناك ما يشير إلى استعداد الرئيس قيس سعيد للموافقة على اتخاذ الخطوات اللازمة للتوصل لاتفاق ومساعدة البلاد على تجنب أزمة مالية.
وكانت تونس قد توصلت لاتفاق على مستوى الخبراء مع الصندوق في سبتمبر للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار لكنها لم تف بالتزامات كبيرة. ويعتقد مانحون أن الوضع المالي في الدولة مغاير تماما عن الأرقام التي أُبرم الاتفاق على أساسها.
وبدون هذا القرض، ستواجه تونس أزمة كبيرة في ميزان المدفوعات ومعظم ديون البلاد الداخلية، لكن هناك مدفوعات مستحقة عليها لسداد قروض خارجية في وقت لاحق من هذا العام. وتقول وكالات التصنيف الائتماني إن تونس قد تتخلف عن السداد.
وتأتي تصريحات بلينكن بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي أمس الأحد أنه قد يقرض تونس ما يزيد على مليار يورو (1.07 مليار دولار) لمساعدة اقتصادها المتعثر على النمو وإنقاذ ماليتها العامة وتمكينها من مواجهة أزمة الهجرة، لكن أغلب تلك الأموال مرهونة بالموافقة على إصلاحات اقتصادية.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين العرض خلال زيارة لتونس مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني القلقة من موجات الهجرة عبر المتوسط إلى بلادها.
ويأتي هذا المسعى الذي حفزه قلق متزايد في أوروبا إزاء استقرار تونس، في إطار محاولة أخيرة من مانحين كبار لإقناع سعيد بالموافقة على شروط صندوق النقد لتقديم حزمة إنقاذ مالي.
ويرفض الرئيس التونسي قيس سعيد رفضا قاطعا الاملاءات الخارجية واعتبر أن المساس بمنظومة الدعم تسبب في السابق في اشتعال الجبهة الاجتماعية وفي سيل الدماء وشبه هذا الوضع بعود ثقاب قرب مواد شديدة الانفجار.
وقال خلال زيارته نهاية الأسبوع الماضي محافظة صفاقس قبل ساعات من وصول الوفد الأوروبي، إنه يجب على التونسيين التعويل على الذات واصفا تونس بأنها دولة فقيرة في بلد ثري.
والأسبوع الماضي قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن “بلاده تعمل مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لمنح قرض لتونس”. معلنا أنه “سيزور واشنطن للقاء رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا”، مشيرا إلى أنه “سيصر على الاقتراح الإيطالي بالبدء بتمويل تونس ثم نرى كيف تسير الإصلاحات المطلوبة قبل مواصلة التمويل”، وفق وكالة “آكي” الإيطالية.
وتابع “إما أن تنفذوا الإصلاحات أو أنكم لن تحصلوا على التمويل، فهذا الأمر يبدو لي وكأنه أمر تذرع لا يمكن أن يقبله التونسيون. يجب أن نسير جنبا إلى جنب على طريق التمويل والإصلاحات”. مشددا على “التزام إيطاليا بقوة مع تونس حتى يتسنى لهذا البلد الحصول على الدعم اللازم وتفادي انهيار مالي”.