سياسة

مخاوف من نفوذ إيران وروسيا يستحث حضورا أميركيا قويا في ليبيا


قال وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن اليوم الأربعاء إن الولايات المتحدة تعمل “بنشاط” لاستئناف حضورها الدبلوماسي في ليبيا على الرغم من امتناعه عن تحديد موعد لإعادة فتح سفارة بلاده في طرابلس المغلقة منذ العام 2014، بينما لا يمكن النظر لهذا الإعلان في توقيته ومضمونه إلا في سياق قلق من روسيا التي بدأت تتسلل دبلوماسيا إلى غرب ليبيا بعد أن كان وجودها يقتصر على شرقها.

وتأتي تصريحات بلينكن بعد أن أبدت موسكو قبل فترة رغبة قوية في تعزيز حضورها في ليبيا، في الوقت الذي يتنامى حضورها في إفريقيا في مناطق تعرف تقليديا بأنها مناطق نفوذ لقوى غربية تتقدمهم واشنطن.

وكان ممثل سفارة روسيا لدى ليبيا فاسيلي فافيلين، قد قال في وقت سابق إن بلاده تستعد لعودة دبلوماسييها إلى طرابلس لاستئناف عمل البعثة الدبلوماسية الروسية تدريجيا من العاصمة الليبية من دون أن يحدد تاريخا بعينه لإعادة فتح السفارة بالكامل. لكنه أكد أن الجهود مستمرة لبلوغ الهدف المعلن. كما أعلن أن السفارة ستعمل بشكل مؤقت من راديسون بلو في العاصمة طرابلس.

ووجهت الولايات المتحدة في السنوات الماضية في ذروة نشاط جماعات إسلامية متطرفة في ليبيا ضربات جوية دقيقة في غرب وشرق ليبيا. خاصة بعد مقتل سفيرها كريس ستيفنز وثلاثة من موظفي السفارة في هجوم على القنصلية الأميركية ببنغازي.

لكن الحضور الأميركي الدبلوماسي والسياسي في الساحة الليبية بقي دون مستوى ما يقتضيه الوضع في بلد نفطي مؤثر في السوق العالمية.

كما يأتي إعلان بلينكن عن تنشيط الدبلوماسية الأميركية في ليبيا عقب ترتيبات لفتح السفارة الإيرانية في طرابلس على ضوء الاتفاق استئناف العلاقات مع السعودية. وتتوجس واشنطن من الحضور الروسي الإيراني في ليبيا على وجه الدقة وفي إفريقيا بصفة عامة.

والأسبوع الماضي بحث والسفير الإيراني لدى ليبيا محمد رضا مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش استئناف العلاقات بين البلدين وتنشيط الروابط الدبلوماسية والاقتصادية.

روسيا بدأت مبكرا في التسلل إلى غرب ليبيا بعد أن كان حضورها يقتصر أكثر على شرقها
روسيا بدأت مبكرا في التسلل إلى غرب ليبيا بعد أن كان حضورها يقتصر أكثر على شرقها

وذكر بيان صادر عن الخارجية الليبية حينها أن المنقوش ومحمد رضا ناقشا “تفعيل لجنة اقتصادية مشتركة وبدء الترتيبات لعودة السفارة الإيرانية ومباشرة مهام عملها من طرابلس”. 

وقال بلينكن اليوم الأربعاء خلال جلسة استماع بلجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ “لا يمكنني أن أعطيكم جدولا زمنيا بخلاف القول إن هذا شيء نعمل بنشاط كبير عليه. أريد أن أرى أن لدينا قدرة على استئناف حضور مستمر في ليبيا”، لكنه لم يقدم أي تفاصيل بخصوص العمل النشط الذي أشار إليه.

وتقوم باربرا ليف مساعدة الوزير وكبيرة الدبلوماسيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بجولة في المنطقة حاليا إذ تزور الأردن ومصر وليبيا ولبنان وتونس في الفترة من 15 إلى 25 مارس.

وقالت وزارة الخارجية إن ليف ستلتقي بكبار المسؤولين الليبيين “لتأكيد دعم الولايات المتحدة للجهود التي تيسرها الأمم المتحدة لتعزيز التوافق الذي يؤدي إلى الانتخابات في 2023”.

وأضاف بلينكن “هناك أيضا لحظة مهمة، إذ من خلال عمل مبعوث الأمم المتحدة قد يكون هناك، وأؤكد ربما، طريق للمضي قدما في تحريك ليبيا في اتجاه أفضل بما في ذلك إجراء انتخابات لحكومة شرعية، ويشارك دبلوماسيونا بقوة في ذلك”.

وتواجه ليبيا عضو منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، مأزقا سياسيا منذ أواخر عام 2021 عندما أُلغيت انتخابات مقررة بسبب خلافات حول القواعد. وسحب مجلس النواب الذي يتخذ من الشرق مقرا له دعمه للحكومة المؤقتة.

وتركز جهود صنع السلام على جعل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة يتفقان على أساس دستوري للانتخابات وعلى قواعد التصويت.

وتحرك مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا عبدالله باتيلي الشهر الماضي لتولي مسؤولية العملية السياسية المتوقفة لتمكين الانتخابات التي يُنظر لها على أنها الطريق لإنهاء الصراع المحتدم منذ سنوات.

ولم تشهد ليبيا سلاما يُذكر منذ انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بمعمر القذافي. وانقسمت في 2014 بين فصائل شرقية وغربية متنافسة قبل انتهاء آخر جولة صراع كبيرة في 2020 بوقف إطلاق النار.

وأغلقت واشنطن سفارتها في طرابلس عام 2014 وانتقل أعضاؤها إلى البعثة الأميركية في تونس المجاورة في أعقاب تصاعد العنف بين الفصائل المتنافسة. وعمل المبعوث الأميركي الخاص لليبيا ريتشارد نورلاند، من العاصمة التونسية ويقوم بزيارات عابرة إلى ليبيا.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى