محكمة لبنانية تقضي بإعدام عنصر في حزب الله بتهمة قتل جندي باليونيفيل

أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان حكما بالإعدام غيابيا في حقّ متهم بقتل جندي ايرلندي من قوة الأمم المتحدة المؤقتة “يونيفيل”، بعد أكثر من ثلاث سنوات من بدء المحاكمات في القضية التي اتُهم عناصر من حزب الله بالضلوع فيها، فيما يبعث هذا الحكم برسالة إلى الداخل والخارج تؤكد التزام الحكومة اللبنانية بوضع حد للإفلات من العقاب، بعد أن أنهى تراجع نفوذ الجماعة المدعومة من إيران عقودا من التدخل في عمل القضاء.
كما يعكس هذا القرار محاولة لإثبات مصداقية القضاء اللبناني وقدرته على محاسبة المتورطين في جرائم خطيرة، حتى لو كانت ذات حساسية سياسية.
ويأتي هذا الحكم بعد فترة طويلة من بدء المحاكمات، فيما تحدثت تقارير في وقت سابق عن تسوية سياسية محتملة في الكواليس بخصوص تسليم المتهم، ما يشير إلى التعقيدات التي تحيط بمثل هذه القضايا في لبنان.
وبالنظر إلى أن القضية اتُهم عناصر من حزب الله بالضلوع فيها، فإن الحكم، وخاصة الإعدام الغيابي، قد يثير تساؤلات حول مدى تطبيق العدالة بشكل كامل، خاصة وأن المتهم الرئيسي كان قد أُخلي سبيله لأسباب صحية ولم يحضر جلسات المحاكمة.
وقتل الجندي الإيرلندي في القوة الأممية العاملة في لبنان شون روني في ديسمبر/كانون الأول 2022، وأصيب ثلاثة آخرون من رفاقه بجروح خلال حادثة تخللها إطلاق رصاص على سيارتهم المدرعة أثناء مرورها في منطقة العاقبية في جنوب البلاد.
وأفاد مصدر، تحفظ عن ذكر هويته، بأن “المحكمة العسكرية في لبنان أصدرت منتصف ليل الاثنين حكمها بقضية قتل روني وقضت بإنزال عقوبة الإعدام غيابيا بحق المتهم الرئيسي محمّد عيّاد”.
ورحّبت اليونيفيل من جهتها باختتام إجراءات المحاكمة وبالتزام الحكومة اللبنانية تقديم الجناة إلى العدالة.
وكان القضاء اللبناني اتهم في يونيو/حزيران 2023 خمسة عناصر من حزب الله بجرم القتل عمدا، وفق ما أفاد مصدر قضائي حينها. وكانت الجماعة سلمت بعد نحو أسبوعين من الاعتداء مطلق النار الأساسي إلى الجيش اللبناني، بحسب مصدر أمني.
إلا أن الحزب استنكر حينها إقحام عناصره في التحقيقات. وأخلي سبيل عيّاد في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 “لأسباب صحية”، ولم يحضر أي جلسة من جلسات المحاكمة مذّاك.
وإضافة إلى حكم الإعدام بحق عيّاد، استجوبت المحكمة خمسة أشخاص آخرين سلّموا أنفسهم للمحكمة قبل الجلسة بساعات بعدما كانوا تواروا عن الأنظار منذ وقوع الحادثة، بحسب المصدر نفسه الذي أكد أن أحكاما مخففة صدرت بحق أربعة منهم تراوحت بين السجن لأسابيع أو أشهر وغرامات مالية، بينما برأت الخامس.
وتقع بين الحين والآخر مناوشات بين دوريات تابعة لليونيفيل ومناصري حزب الله. لكنها نادرا ما تتفاقم وسرعان ما تحتويها السلطات اللبنانية.
ويوجه الحزب وأنصاره أحيانًا اتهامات لقوة حفظ السلام بالتجسس لصالح إسرائيل، أو بخرق ولايتها من خلال محاولات التحرك في مناطق حساسة دون تنسيق أو مرافقة من الجيش اللبناني، وهو ما يُستخدم كمبرر للعرقلة.
وعلى الرغم من أن الجماعة اللبنانية لا تصدر تهديدات مباشرة وواضحة لليونيفيل في بياناتها الرسمية، إلا أن تصريحات بعض مسؤوليها وأنصارها، وكذلك الممارسات على الأرض، تعكس عدم رضاهم عن بعض جوانب عملها، وخاصة محاولاتها لتوسيع نطاق عملياتها أو تطبيق القرار 1701 بشكل أكثر صرامة.
وتنتشر القوة الأممية منذ العام 1978 في الجنوب للفصل بين لبنان وإسرائيل. وتضم أكثر من عشرة آلاف جندي من حوالي خمسين دولة.