سياسة

مبادرة الأطلسي تحظى بدعم أفريقي قوي.. تعاون متزايد


يمضي المغرب بثبات على طريق تأسيس شراكات جديدة مع محيطه الافريقي على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة. فيما تقيم مبادرة تحالف الدول الإفريقية الأطلسية، وأنبوب الغاز المغرب ـ نيجيريا الذي يمر من 13 دولة، الدليل على ترسيخ مكانته كبوابة على أفريقيا.

وفي 6 فبراير/شباط الجاري، أعلن المغرب تشكيل شبكة من ممثلي برلمانات 23 دولة إفريقية أطلسية للمساهمة في تفعيل المبادرة المغربية التي تهدف إلى تسهيل وصول دول الساحل الافريقي إلى المحيط لتحقيق التكامل الاقتصادي، وتوفير جاذبية استثمارية دولية.
يأتي ذلك في سياق بناء المغرب تحالفات جديدة عبر ورقة الاقتصاد، في ظل تعدد الأقطاب إقليميا ودوليا، وعقب اجتماعين وزاريين عقدا على التوالي في الرباط ونيويورك عام 2022، وآخر استضافته المملكة في 2023.
وتبرز أهمية مبادرة تحالف دول الأطلسي في الاستفادة من إمكانات البلدان الـ23 المطلة على المحيط الأطلسي، وبفضل طوله البالغ نحو 15 ألف كلم.
ويرجع أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة عبدالمالك السعدي بطنجة شمالي المغرب العمراني بوخبزة. “انخراط البرلمانات في المشروع بسبب الحاجة إلى اتفاقيات ومعاهدات بين الدول”.

ويقول بوخبزة إن المبادرة “ستعالج كثيرا من الإشكالات التي تعانيها الدول الإفريقية. خاصة إشكالات التنمية والأمن ومشاكل الحدود”.
وعقب اجتماعهم بالرباط، أكد 20 من رؤساء وممثلي برلمانات تلك الدول “إعطاء الزخم السياسي بما يسرع تفعيل مشروع تحالف الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي على الأرض في مشاريع ملموسة تجسد طموح شعوب القارة في التقدم وتحقيق الاندماج الإقليمي والقاري”.
وأشاد “إعلان الرباط” الصادر عقب انتهاء الاجتماع “بالمراحل التي قطعها هذا المشروع من أجل تحويل الواجهة الأطلسية الإفريقية إلى فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي، والجاذبية الاستثمارية الدولية”.
ولفت إلى أنه “من أجل المساهمة في هذا الجهد ومأسسته قررت الدول المشاركة إحداث شبكة برلمانية تمثل فيها البرلمانات الوطنية لتنسيق الاتصالات، وتوثيق الأعمال في هذا الاتجاه”. كما قرر المشاركون إحداث كتابة تقنية لتتبع الخطوات المقبلة للشبكة.

مشروع مبادرة الأطلسي قطع خطوات متقدمة 

وفي يونيو/حزيران 2022، احتضنت الرباط الاجتماع الوزاري الأول لدول إفريقيا الأطلسية.
وأكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في تصريح حينها على ضرورة “هيكلة الفضاء الإفريقي الأطلسي والعمل على تحويله إلى قطب استراتيجي واقتصادي”. داعيا إلى “تحويل واجهة إفريقيا الأطلسية لمنطقة ترابط وتعاون واتحاد”.
وتم تنظيم الدورة الثانية لهذا الاجتماع الوزاري بمدينة نيويورك في سبتمبر/أيلول 2022، في حين احتضنت الرباط الدورة الثالثة في يوليو/تموز 2023.
ويضيف بوخبزة أن “التخطيط لهذا المشروع انطلق منذ سنوات”. متابعا “كانت هناك ترتيبات واستعدادات ولقاءات وتفكير أولي حول المشروع إلى غاية الوصول إلى مرحلة تنفيذه”.

ويتابع أن المغرب “يعمل حاليا لتنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع. والذي يحتاج إلى انخراط كل الدول المعنية ومؤسساتها”.
ويشير إلى أن “مرحلة التنفيذ تشمل لقاءات على المستوى الحكومي والتشريعي”. لافتا إلى أن المشروع “قطع خطوات متقدمة في هذه المرحلة”.
ويعتبر أن “انخراط البرلمانات في المشروع يأتي بحكم أنه يحتاج إلى موافقة المؤسسات البرلمانية للدول المعنية، لأنه ستكون هناك اتفاقيات ومعاهدات خاصة بالمشروع لأنه متعدد الأبعاد والجوانب”.
ويصف بوخبزة خطوات المغرب بخصوص المشروع بأنها “مدروسة. خاصة أنه لا يدخل في مبادرات إلا إذا توفرت ضمانات نجاحها، وإمكانية تنفيذها على أرض الواقع”.
وتعمل الرباط منذ مدة على عقد تحالفات عبر ورقة الاقتصاد، وهو ما تبينه المبادرات الأخيرة التي أطلقتها البلاد ويرى بوخبزة أن “تحديات التنمية هي التي تدفع المغرب للانخراط في هذه البرامج، في ظل صعوبات كثيرة أمام التنمية بالقارة. والتي تحتاج إلى إستراتيجيات قائمة على التعاون بين الدول الإفريقية”.

ويكمل أن المغرب “يؤمن بقدرات هذه البلدان لمواجهة التحديات المطروحة وأن القارة لم تعد بحاجة إلى مساعدات. بل إنها تزخر بإمكانات تسمح لها أن تواجه كل هذه التحديات بمبادرات مندمجة لمواجهتها”.
ويلفت بوخبزة إلى أن “المبادرات المغربية تستهدف معالجة قضايا وإشكالات كبرى تعانيها القارة الإفريقية، عبر الاقتصاد والمساهمة في التنمية”.

تحديات التنمية هي التي تدفع المغرب لطرح هذه المبادرات

وتعاني القارة السمراء مشكلات على مستوى البنى التحتية والأمن، إذ لا تزال الكهرباء تشكل هاجسا لدى العديد من دولها، حيث “لا تتوفر لـ600 مليون إفريقي”، وفق البنك الإفريقي للتنمية.
ولا تزال مشكلة الأمن بمنطقة الساحل والصحراء الإفريقية تؤرق بلدان المنطقة والمسؤولين الأمميين. إذ يعتبر عدد ضحايا الإرهاب في منطقة الساحل “الأكبر” عالميا خلال السنوات الثلاث الماضية.

وأعلن مركز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد الإفريقي تسجليه أكثر من 3200 هجوم إرهابي أسفرت عن مقتل 8400 مدني في دول القارة بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر 2024.
ويعتبر الأكاديمي المغربي أن المبادرات التي أطلقتها الرباط خاصة على مستوى القارة الإفريقية “مندمجة ومتكاملة”.
ويلفت إلى أن “المبادرات تكمل بعضها، وغير موجهة لإقصاء طرف معين. ولا تقطع الطريق عن جهة معينة”.
ويرى بوخبزة، أن هذه البرامج “تحاول أن تشمل أكبر عدد من الدول” الإفريقية.مشيرا إلى أن “أنبوب الغاز يستهدف 13 دولة. ومبادرة الدول الأطلسية تضم بلدانا كثيرة لأن عملية الاندماج التي تستهدفها ستعالج إشكالات كثيرة تعانيها دول القارة، خاصة النقص في مجال التنمية وضعف الأمن، ومشاكل الحدود”.
وجرى الاتفاق على إحداث مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا. خلال زيارة الدولة التي أجراها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى نيجيريا، في ديسمبر/كانون الأول 2016.

وسيمتد أنبوب الغاز على طول يناهز 5660 كلم. وسيتم تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجة المتزايدة للبلدان التي سيعبر منها وأوروبا.
وسيمر هذا الأنبوب بكل من بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون. بالإضافة إلى غينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.
وفي مبادرة أخرى، دعا ملك المغرب في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إلى تمكين مجموعة دول الساحل الإفريقي من الولوج إلى المحيط الأطلسي للاستفادة منه. معتبرا نجاحها “رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي”.
وبحسب بوخبزة، فإن هذه المبادرات “تجمع كثيرا من الدول. وتعالج إشكالات مطروحة كثيرة، خاصة على مستوى التنمية والأمن”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى