إقتصاد

ما يجب معرفته حول العملات الرقمية


لم يعد حديث البنوك المركزية عن العملات الرقمية مجرد تصورات واقتراحات على الورق فقط، بل تحول إلى خطوات على أرض الواقع.

هناك بنوك مركزية بدأت لتهيئة الأسواق لاستقبال عملات مشفرة رسمية مضمونة مركزيا، من أجل عدم ترك الساحة للعملات المشفرة الصادرة عن الشركات والمؤسسات الخاصة.

قطار العملات الرقمية المركزية ينطلق

كمبوديا الدولة الصغيرة الواقعة جنوب شرق آسيا هي أول من قاد العالم في إطلاق العملاق الرقمية، تحت اسم “باكونج”.

وخلال شهر أبريل/نيسان الحالي أعلنت الصين عن إطلاق عملة رقمية مدعومة بتقنية البلوكتشي، مع خطة طموحة لتوسيع استخدام اليوان الرقمي وخفض كمية العملة المادية المتاحة في السوق.

قال بنك الشعب (البنك المركزي) الصيني، في أوائل هذا الشهر إنه يختبر إمكانية استخدام اليوان الرقمي للمدفوعات عبر الحدود، وتم تجريب اليوان الرقمي منذ العام الماضي في عدة مدن في الصين.

وهناك اقتصادات كبرى مثل الهند وباكستان تستعد لاستكشاف خطوة مماثلة، وبدأ بنك اليابان المركزي تجارب لدراسة جدوى إصدار عملته الرقمية الخاصة.

فيما أعلنت السلطات البريطانية عن احتمالية إصدارها عملة رقمية جديدة، وقال وزير الخزانة البريطاني، ريشي سوناك، إنها قد تسمى “بريتكوين”.

وأكد بنك إنجلترا أن العملة الجديدة، إذا تم تمريرها، ستكون شكلا جديدا من النقود الرقمية لتستخدمها الأسر والشركات جنبًا إلى جنب مع الودائع النقدية والمصرفية، بدلا من استبدالها.

وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، دعا وزير المالية الألماني أولاف شولتز لإطلاق عملة رقمية أوروبية مشتركة، وأن ألمانيا ستدعم بشكل بناء العمل الذي يقوم به البنك المركزي الأوروبي بهدف إنشاء عملة يورو رقمية.

وشدد على أن أوروبا تحتاج إلى حلول مبتكرة وتنافسية لعمليات الدفع.

وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، إن الفيدرالي يدرس إصدار دولار رقمي، مؤكدا أن هذا المشروع يعتبر من الأولويات بالنسبة للفيدرالي، لكنه بنفس الوقت لا يريد العجلة في المشروع بل سيكون حذرا.

وكانت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قالت سابقا إن العملات الرقمية قد تؤدي إلى مدفوعات أسرع وأرخص، ولكن هناك مسائل كثيرة لابد من دراستها، بينها حماية المستهلك وغسيل الأموال.

لماذا تتجه البنوك المركزية نحو العملات الرقمية؟

تسعى البنوك المركزية لتشكيل عملة رقمية تخضع لنفوذها وقوانينها المنظمة لسوق النقد، بدلا من العملات المشفرة غير المحكومة والتي يمكن أن تستخدم في أعمال مُجرمة مثل تمويل الإرهاب وغسيل الأموال.

وفي تقرير لـ”فينتش تايمز” قال عميد كنعان محلل أسواق المال، إنه البنوك المركزية تريد إصدار بعملات تخضع لسيطرتها لتجنب العملات المشفرة التي تكون مستويات المخاطرة فيها كبيرة جداً.

وأوضح أنه كسبت العملات الرقمية المركزية ثقة الجمهور وأثبتت فاعليتها، فستسحب البساط من تحت أقدام العملات المشفرة غير المنظمة وستخلق مساحة أكبر من التنظيم في عالم العملات الرقمية.

وهناك رأي آخر بأن العملات المركزية تعد بوابة لتنظيم العملات المشفرة المنتشرة.

ما هو مصير العملات المشفرة الخاصة؟

طرح توبياس أدريان المستشار المالي ومدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي، ووماسو مانسيني-جريفولي نائب رئيس قسم في إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية بالصندوق، في مذكرة بحثية تحت عنوان “النقود العامة والخاصة يمكن أن تتعايش في العصر الرقمي” تساؤلان مفادهما، هل ستحمل العملات الرقمية محل النقود الصادرة عن القطاع الخاص، أم سيسمح لها بالازدهار؟.

رجحت المذكرة أن تكون الهيمنة للعملات الرقمية المركزية عن طريق زيادة القواعد التنظيمية الصارمة، ولكنها أشارت أيضا إلى أن ازدهار العملات الخاصة لا يزال أمرا محتملا.

وأكد الخبيران أنه لا ينبغي أن تضطر البنوك المركزية للاختيار بين طرح عملة البنوك المركزية الرقمية، أو تشجيع القطاع الخاص على طرح عملته الرقمية البديلة.

وأضافا: “كلاهما يمكنهما التواجد في نفس الوقت وأن يكونا مكملين لبعضهما البعض، حيث تقوم البنوك المركزية، على سبيل المثال، باختيار تصميمات معينة وتحديث أطرها التنظيمية”.

كيف سيكون شكل البنوك المركزية رقميا؟

هناك تشابه كبير بين العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية من جهة وجهاز الهاتف الذكي ونظامه التشغيلي من جهة أخرى.

 فعلى المستوى الأساسي، هذه العملات هي عبارة عن تقنية لتسوية المدفوعات تسمح بتخزين الأموال وتحويلها، وتشبه إلى حد كبير وحدات البيانات الرقمية التي يتم إرسالها بين مشغل الهاتف والذاكرة والكاميرا.

وعلى مستوى آخر، هي شكل من النقود لها وظيفة ومظهر محددان، تشبه إلى حد كبير نظام تشغيل الهاتف.

ويقول الخبيران بصندوق النقد الدولي “من ثم سوف يتعين على البنوك المركزية أن تصبح أشبه بشركة آبل أو شركة مايكروسوفت حتى تتمكن من الإبقاء على عملاتها الرقمية في موقع الصدارة من التطور التكنولوجي وفي محافظ المستخدمين الرقمية باعتبارها الشكل الغالب والمفضل من النقود الرقمية”.

أين تقع النقود التقليدية في المعادلة؟

يرى عميد كنعان، أن تبني العملات الرقمية لن يحل محل العملات النقدية وأن استخدامها سيكون موازيا لاستخدام النقد.

ويؤكد أن العملة الرقمية لم تأخذ الوقت الكافي لكي تحل محل العملات النقدية.

وبحسب رأي خبير سوق المال، فإن البنوك المركزية ستشرف على العملات الرقمية وتسمح بتداولها إلى جانب نظيرتها النقدية.

تطور احتياجات المستهلكين

من المرجح أن تتطور احتياجات المستخدمين وتوقعاتهم في العصر الرقمي بسرعة أكبر وعلى نحو لا يمكن التنبؤ به، فقد تنتقل المعلومات والأصول إلى دفاتر الحسابات الرقمية الموزعة.

ويشير الخبيران بصندوق النقد الدولي إلى أنه قد يتم تحويل الأموال بطرق جديدة تماما، بما في ذلك عن طريق التحويل التلقائي عبر شرائح متضمنة في المنتجات المستخدمة بشكل يومي.

وتابعا : قد تتطلب تلبية هذه الاحتياجات إضافة خصائص جديدة إلى النقود ومن ثم القيام بعمليات متكررة لإعادة التصميم الهندسي، والتنوع في المنتجات، فنقود اليوم، وربما الغد أيضا، لن تلبي على الأرجح احتياجات اليوم التالي.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى