ما هي أهداف تركيا في اليمن؟
إن أنقرة لا تظهر موقفاً علنياً واضحاً نحو اليمن غير أنها لا تخفي استياءها مما يجري وتتطلع إلى دور ما غير متاح لها في الأزمة، حيث ومع إعلان المجلس الانتقالي إدارة ذاتية في جنوب اليمن وانسحابه من الالتزامات السابقة التي ترتّبت على اتفاق الرياض والاعتراف بتحالف دعم الشرعية، عبّرت وسائل إعلام الحكومة التركية عمّا يدور في عقل صانع القرار في حكومة العدالة والتنمية.
ما قام موقع تي آر تي بنشره والذي يعبّر عن وجهة نظر الحكومة التركية كان ترقّبا خيالياً لإمكانية نشوب خلاف بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تحت عنوان اليمن.. هل يجدّد تمرد المجلس الانتقالي الخلاف بين السعودية والإمارات؟ نشر الموقع تقريرا مفصلا كرّسه بالتمنيات لنشوب خلاف إماراتي- سعودي على خلفية إعلان ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتيّة لجنوب اليمن.
وتابع التقرير: نجح المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً في إعلان الجنوب اليمني منطقة حكم ذاتي بعد محاولات سابقة وفاشلة له بالانقلاب على الحكومة اليمنية التي وصلت إلى عدن بعد اتفاق الرياض، الأمر الذي قد يصعّد الخلاف بين السعودية الراعية للاتفاق، وبين الإمارات.
وذكر أيضا: بعد محاولات انقلاب عدة نفّذها المجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات العربية، وقفت السعودية والحكومة الشرعية في وجهها، نجح المجلس ليل السبت-الأحد، في إعلان الجنوب اليمني منطقة حكم ذاتي، وكلّف القوات العسكرية والأمنية الجنوبية تنفيذ حالة الطوارئ والإدارة الذاتية في عدن وعموم محافظات الجنوب.
ويدل كل هذا على حقيقة ما تريده تركيا من اليمن، بأن ينشب خلاف أماراتي-سعودي على خلفية ما جرى في عدن يتطور إلى صراع بين إرادتي الدولتين مما يتيح فيما بعد تدخّلاً تركياً مباشراً في الشأن اليمني كما تدخلت تركيا في ليبيا وسوريا والعراق والصومال والسودان وقطر وغيرها.
غير أن بيان الخارجية التركية الذي صدر يوم أمس الأربعاء، يتوارى خلف أكثر العبارات الدبلوماسية حذراً من أجل إخفاء النوايا الحقيقية، حيث جاء في البيان الذي نشرته وكالة الأناضول، دعت تركيا، أطراف النزاع في اليمن، إلى تجنب الخطوات التي من شأنها انتهاك وحدة وسيادة بلادهم، والامتثال لوقف إطلاق النار، وجاء ذلك تعليقا على إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، ما سمي الحكم الذاتي وإعلان حالة الطوارئ.
هذا وقد أعرب البيان أيضا عن قلق أنقرة تجاه التطورات الأخيرة التي يشهدها اليمن، وأكد على ضرورة التركيز قبل كل شيء على الأزمة الإنسانية التي وصلت مستويات مقلقة مع ظهور فيروس كورونا.
وتضمن أيضا البيان: يجب على الأطراف خلال المرحلة الراهنة، التضامن والتعاون من أجل تخفيف آلام الشعب اليمني، وتجنب الخطوات التي من شأنها تعميق الأزمة الإنسانية والسياسية، وانتهاك وحدة وسيادة البلاد، والامتثال لوقف إطلاق النار، مؤكدا على مواصلة أنقرة دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل للأزمة من خلال حوار شامل بقيادة الأمم المتحدة، وتقديم مساعدات إنسانية إلى الشعب اليمني.
هذا الموقف التركي الحذر عن طريق بيان الخارجية لم يكن كذلك يوم الثلاثاء من خلال تقرير تي أر تي عندما وجه ما شاء من الاتهامات لدولة الإمارات بأنها عملت على ايجاد سلطات موازية مكونة من مجموعات عسكرية ومجلس انتقالي، وتقويض مؤسسات الدولة ومحاربة وتجريف كل رموز الشرعية ومكوناتها، وإبعاد وإزالة كل المناوئين لمطامعها الذين يمكن أن يكونوا حجر عثرة في طريقها، بالإضافة إلى تنفيذ اغتيالات واستئجار مرتزقة من شتى بقاع العالم وفتح السجون، لتبنّي مشروعها الخاص.
إن الموقف التركي يتجاهل تماما وبشكل مستغرب التطابق الكامل بين الموقفين الإماراتي والسعودي وكأنه لا يقرأ ولم يسمع عن سلسلة البيانات والمواقف الإماراتية والسعودية الرسمية على السواء التي تؤكد موقف البلدين من الأزمة اليمنية.
كما قامت الإمارات بتبني بيان تحالف دعم الشرعية يقيادة السعوديّة الذي شدّد على ضرورة عودة الأوضاع إلى سابق وضعها إثر إعلان حالة الطوارئ من جانب المجلس الانتقالي من خلال بيانه الأخير وما ترتّب عليه من تطوّرات للأحداث في العاصمة المؤقتة (عدن) وبعض المحافظات الجنوبية بالجمهوريّة اليمنيّة.