وصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اليوم الثلاثاء إلى الصين في زيارة هي الأولى له لبكين منذ توليه السلطة، ترسم ملامح تشكل جبهة أقوى بما يشمل روسيا في مواجهة عقوبات وضغوط أميركية تستهدف الدول الثلاث.
وعلى “قاعدة عدو عدوي صديقي” تتحرك الدول الثلاث على مسار براغماتي واحد الهدف منه تكثيف التعاون والتكتل في مواجهة الضغوط الأميركية، بينما تقف مساعي إيران وروسيا لاستحداث نظام مالي يقفز على نظام التحويلات الدولي ‘سويفت’ شاهدة على جهود ثنائية يبدو أنها في طريقها للتوسع لتشمل الصين ودولا في منظمة شنغهاي.
وتسعى الدول الثلاث (روسيا والصين وإيران) على ما يبدو لإعادة رسم الخريطة المالية العالمية بما يكسر أدوات الضغط التي تستخدمها واشنطن وبما يسمح بالقفز على نظام سويفت، لكن يبدو هذا المسار طويلا ويحتاج لترتيبات أكبر، إلا أن التقلبات الجيوسياسية التي تفاقمت بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا فرضت خارطة التحالفات التي تشكلت او هي في طور التشكل.
ويبحث رئيسي الذي زادت بلاده من وتيرة التعاون العسكري والاقتصادي مع روسيا، فتح المزيد من المنافذ في الدول المعادية للولايات المتحدة للالتفاف على العقوبات الغربية التي أثرت على اقتصاد بلاده بشكل كبير، بينما تعثرت في الوقت ذاته مفاوضات نووية غير مباشرة مع واشنطن كان من المؤمل أن تفضي لإحياء الاتفاق النووي للعام 2015 وبالتالي تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.
وقال الرئيس الصيني شي شين بينغ اليوم الثلاثاء إن بلاده تدعم إيران في ما يتعلق بحماية حقوقها المشروعة وتشجع التوصل إلى حل سريع ومناسب للقضية النووية الإيرانية.
وأضاف لنظيره الإيراني الزائر “ستواصل الصين المشاركة البناءة في المفاوضات بشأن استئناف الاتفاق النووي الإيراني”. ووصل رئيسي اليوم الثلاثاء إلى بكين في زيارة تستمر حتى 16 فبراير/شباط.
وكانت الصين قد وقعت في العام 2021 اتفاقية إستراتيجية واسعة النطاق لمدة 25 عاما مع إيران التي تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات قاسية تخنق اقتصادها.
ويجب أن تغطّي الشراكة الرئيسية مجالات متنوّعة مثل الطاقة والأمن والبنية التحتية والاتصالات.
وتتهم الدول الغربية طهران بتقديم الدعم لروسيا في غزوها لأوكرانيا الذي بدأ قبل حوالي عام، عبر تزويدها بطائرات بدون طيار مسلّحة، الأمر الذي تنفيه إيران بشدّة.
ووصل إبراهيم رئيسي إلى بكين في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، وفق صور التلفيزيون الحكومي الإيراني والتي ظهر فيها وهو ينزل من الطائرة.
زيارة إيران إلى الصين
وتأتي زيارة الرئيس الإيراني إلى الصين في الوقت الذي تشهد فيه بلاده حركة احتجاجية اندلعت إثر وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر، بعد أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
ولا يزال البرنامج الكامل للزيارة غير معروف، بينما كان الرئيسان قد التقيا للمرة الأولى في سبتمبر/أيلول خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي نُظمت في سمرقند في أوزباكستان.
ودعا الرئيس الإيراني خلال تلك القمة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع بكين، خصوصا في مجالات “النفط والطاقة والنقل والزراعة والتجارة والاستثمار”، فيما تسعى بكين منذ وقت طويل إلى تعزيز علاقاتها مع طهران.
وكان الرئيس شي جينبينغ قد وصف إيران بأنّها “الشريك الرئيسي للصين في الشرق الأوسط” خلال زيارة نادرة إلى البلاد في العام 2016.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين للصحافة الاثنين إنّ بكين تريد “لعب دور بنّاء في تعزيز الوحدة والتعاون مع دول في الشرق الأوسط وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة”.
ومن المقرر أن يلتقي إبراهيم رئيسي رجال أعمال صينيين ومواطنين إيرانيين يعيشون في الصين، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”.
وتعدّ الصين أكبر شريك تجاري لإيران. كما كانت أحد أكبر مشتري النفط الإيراني قبل أن يعيد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض العقوبات على طهران في العام 2018، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم في العام 2015.
وكانت طهران والدول الكبرى قد بدأت محادثات في أبريل 2021 في فيينا بهدف إحياء هذا الاتفاق الدولي الذي يضمن الطبيعة المدنية لبرنامج إيران النووي، في الوقت الذي تُتهم فيه طهران بالسعي إلى امتلاك سلاح نووي، الأمر الذي تنفيه. غير أنّ هذه المحادثات وصلت إلى طريق مسدود.
وبكين عضو في المجموعة الساعية إلى إعادة إحياء هذا الاتفاق بين طهران والدول الست الكبرى (الصين وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة).
ويرافق كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري الرئيس إبراهيم رئيسي إلى الصين كما يرافقه وزراء الخارجية والاقتصاد والمالية والنفط، وفقا للتلفزيون الحكومي الإيراني.
وتعود آخر زيارة لرئيس إيراني إلى الصين إلى يونيو 2018، حين شارك الرئيس حسن روحاني (2013-2021) في قمة لمنظمة شنغهاي للتعاون، فيما تعود آخر زيارة دولة لرئيس إيراني إلى الصين إلى العام 2000 خلال عهد محمد خاتمي (1997-2005).