ما الذي يجعل فيروس كورونا لا ينتشر في إفريقيا مثل ما حدث في دول العالم؟


أصيب خبراء الصحة بالحيرة، فيما يخص العدد القليل من الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وبحالة وفاة وحيدة، أفريقيا لاسيما مع تراجع مستوى الرعاية الصحية في العديد من دول القارة.

في حين لم تسجل أفريقيا سوى حالات إصابة محدودة، لاسيما في دول أفريقيا الجنوبية والغربية، والتي لم تسجل غير 11 حالة، في كل من دول توغو ونيجيريا والكاميرون والسنغال وجنوب إفريقيا، إلى جانب حالات متفرقة في الدول العربية.

وإنه لرقم قليل إذا ما تمت مقارنته بعدد سكان القارة، والذي يزيد على 1.3 مليار نسمة، وهي حالات تعتبر إذا صح القول قطرة في بحر الإصابات بالفيروس في أنحاء العالم والتي تجاوزت 105 ألف حالة يومه الأحد. والجدير بالذكر أن مصر سجلت الاثنين أول حالة وفاة في القارة، لشخص من الجنسية الألمانية.

وبمجرد ظهور الفيروس في نهاية العام الماضي، فقد حذر المتخصصون من مخاطر تفشيه في إفريقيا، نظرا للروابط التجارية الوثيقة للقارة مع بكين، وأيضا هشاشة الخدمات الطبية في عدة  دول من القارة السمراء.

وقد نشرت دراسة في دورية لانسيت الطبية بخصوص مدى تأهب الدول الإفريقية للتعامل مع كوفيد 19،  حيث حدد فريق دولي من العلماء من أن كلا من الجزائر ومصر وجنوب إفريقيا هي الدول الأكثر استعدادا للتعامل مع الفيروس في حال وصوله.

لا أحد يعلم

ويقول من جانبه البروفيسور ثومبي ندونغو، من المعهد الإفريقي للبحوث الصحية في ديربان بجنوب إفريقيا: لماذا لا ينتشر الوباء في القارة؟ لا أحد يعلم. ربما لا توجد الكثير من رحلات السفر بين إفريقيا والصين.

غير أن الخطوط الجوية الإثيوبية، والتي تعتبر أكبر شركة طيران إفريقية، لم توقف رحلاتها إلى الصين منذ انتشار الوباء، إذ استأنفت شركة طيران جنوب الصين يوم الأربعاء رحلاتها إلى كينيا، حسب ما ذكر موقع فرانس 24.

في حين رشح البعض بأن المناخ الإفريقي قد يكون سببا رئيسيا في ابتعاد الفيروس عن القارة. حيث قال البروفيسور يزدان يزدانبا، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى بيشات في باريس، ربما لا ينتشر الفيروس في النظام البيئي الإفريقي، لا نعرف. غير أن هذه الفرضية قد دحضت من طرف البروفيسور رودني آد، والذي يترأس فرقة العمل لمكافحة العدوى في مستشفى جامعة الآغاخان في نيروبي بكينيا.

وقد قال آد في هذا الخصوص: لا يوجد دليل حالي يشير إلى أن المناخ يؤثر على انتقال العدوى. وفي حين أنه من الصحيح أنه بعض الفيروسات لا تؤثر على تركيبات جينية معينة، لا يوجد دليل حالي على أن كوفيد 19 هو من بين هذه الفيروسات، وفق ما أوضح موقع فرانس 24.

التعلم من الأمراض المنتشرة

لقد أظهرت دراسة أجريت في لانسيت بأن نيجيريا، والتي تعد البلد المعرض لخطر التلوث بشكل مرتقع، يعد أيضا واحدا من أفضل الدول استعدادا في القارة للتعامل مع المرض، حيث لم يتوقع العلماء بأن تكون الحالة الأولى المسجلة في نيجيريا لإيطالي يعمل في البلاد، وليس واحدا من مواطني البلاد الذين يزيد عددهم عن 190 مليون.

غير أن الإيطالي الذي تأكدت إصابته بفيروس كورونا في لاغوس قد وصل من ميلانو في 24 فبراير، ولم تظهر عليه أي أعراض في الوقت الذي هبطت طائرته. وقد تم وضعه في الحجر الصحي بعد 4 أيام في مستشفى الأمراض المعدية في يابا، وجرى الاتصال بالعديد من الأشخاص من الشركة التي يعمل بها ويحاول المسؤولون تعقب الأشخاص الآخرين الذين ربما يكون قد اتصل بهم.

أما بخصوص ماتيوس ألتمان، وهو خبير في الأمراض المعدية في البلدان النامية، فإن حقيقة أن الفيروس قد دخل إفريقيا عبر نيجيريا يعتبر خبرا جيدا بالفعل، نظرا لأن البلد يبدو مهيئا نسبيا لمواجهة هذا الوضع. وفي قارة نالت نصيبها من الأوبئة، تمتلك بلدانها بالتالي معرفة كبيرة بالمجال وكفاءة حقيقية للرد على هذا الوضع، حسب ما ذكر ألتمان.

إن الخبير الصحي أوضح بأن البلاد قد عرفت شهرة فعلا بـالنجاح في احتواء وباء الإيبولا سريعا في عام 2014، إذ أن الأمر قد استغرق من السلطات النيجيرية 3 أشهر لا غير للقضاء على المرض في البلاد.

هذا وقد هنأت من جهتها منظمة الصحة العالمية والمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها في ذلك الوقت، نيجيريا على تفاعلها وعملها التحري الوبائي ذي المستوى العالمي. وبالرغم من نقاط القوة في نيجيريا، فإن مسببات فيروس كورونا تمثل تحديا خاصا، إذ تصعب عليها اكتشاف الحالات.

وذكر أيضا ألتمان بأن الفيروس قد يكون موجودا عند شخص يعاني أعراضا قليلة أو معدومة، الأمر الذي يسمح له بالانتشار بهدوء في البلاد، ومثله مثل أي مكان في إفريقيا، وبنهاية الأمر، هناك نقص في المعدات مقارنة بالدول الغربية، وخاصة في أدوات التشخيص.

 

Exit mobile version