ماذا سيحدث لو فاز أردوغان بولاية ثالثة؟
قبل أسبوعين فقط على الانتخابات الرئاسية في الداخل مراقبون من أقصى اليمين لأقصى اليسار. دون مساحة تذكر في المنتصف، أبدوا قناعتهم بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إما سيفوز بكل تأكيد وإما أنه سيخسر بهامش كبير.
ويستشهد كلا الجانبين بروايات مقنعة نسبيا لمواقفهم بناء على عدد لا يحصى من العوامل التفسيرية.. خبرتهم كصحفيين أو باحثين، أو الوضع الاقتصادي لتركيا، بناء على الإشارات في استطلاعات الرأي.
وظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمرة الأولى بعد وعكته الصحية شخصيا السبت في اسطنبول، وفق صور بثتها محطات التلفزيون.
صنابير نقدية
لكن أبرز تلك الآراء ما قاله سنان سيدي زميل غير مقيم بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في مقال منشور بمجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأمريكية، إنه في هذه المرحلة فإن الأمر عبارة عن لعبة تخمين. متوقعا وجود فرصة أكبر لأردوغان في التمسك بالسلطة لولاية ثالثة تمتد لخمسة أعوام مقارنة بفوز مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغو.
سيدي أكد أنه في حالة تحقيق أردوغان لنصر مشروع، يمكن أن يعزى كثير من ذلك إلى مطالب الناخبين؛ حيث إن غالبية الأتراك الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع في 14 مايو. لن تكون أولويتهم سيادة القانون والديمقراطية وغيرها من مسائل الحكم، وبدلا من ذلك، سيكونون مدفوعين في الأساس برغبتهم في التحوط: “في التصويت، من الذي أعتقد أنه سيهتم بمصالحي الاقتصادية”.
ولتناول هذا الدافع، عمل أردوغان على “الصنابير النقدية” خلال الأسابيع القليلة الماضية، من خلال مكافآت المتقاعدين، والغاز الطبيعي للمنازل، وزيادة الحد الأدنى للأجور.
ورأى أن مشكلة كليجدار أوغلو هنا أنه ليس في موقف يسمح له بإقناع الناخبين بأنه يمكنه تحقيق إنجاز أفضل من أردوغان فيما يتعلق بمسائل الموارد المالية – حيث إن الأخير في وضع يسمح له بذلك وبالتالي إغراء الناخبين إذ إنه يتحكم في موارد الدولة.
وأشار إلى “تحالف الأمة” الذي يرتبط بمطالب الناخبين، والمكون من ستة أحزاب معارضة قررت اختيار كليجدار أوغلو ليكون مرشحهم.
وقال إنه يمكن الملاحظة، منذ البداية، أن هذا التكتل المعارض للأسف لم يعط الأولوية قط لسيادة القانون وقضايا الحكم الديمقراطي بشكل يتخطى الكلام، وبدلا من ذلك، ركز على تقسيم الغنائم السياسية.
وأوضح أن عملية اتخاذ القرار بشأن مرشح التحالف للرئاسة، على سبيل المثال، تحولت إلى خلاف وكادت أن تؤدي إلى تفككه.
وبالنظر إلى أن الوعد الرئيسي للحملة الانتخابية للتحالف هو إعادة تركيا إلى نظام الحكم البرلماني، يمكن التساؤل عن سبب قتال القادة بشدة حول من سيكون المرشح الرئاسي، بحسب سيدي.
ولفت إلى أنه إذا كان الهدف هو هزيمة أردوغان وإعادة إرساء سيادة القانون والحكم الديمقراطي في تركيا، ترجح الأرقام أن ترشيح عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو كان الخيار الأفضل.
أما إصرار كليجدار أوغلو على أن يكون المرشح فإنه يوضح حدود الأولويات الديمقراطية للمعارضة، وفقا للباحث التركي.
وانعكس التنافس الشديد على نيل مرشح الرئاسة في المناظرات بشأن تحديد قائمة المرشحين البرلمانيين. وحتى الموعد النهائي في 12 أبريل/نيسان (عندما تعين على جميع الأحزاب إرسال قائمة مرشحيها البرلمانيين)، كانت المساومة بشأن أي حزب في التحالف سيقتطع عدد مقاعد آمنة، محل التركيز.
وأرسل ذلك في الأساس إشارات إلى الناخبين بشيء اعتادوه، ألا وهو أن الساسة والأحزاب مهتمون فقط بتأمين مناصبهم في الحكومة.
ورأى سيدي أن فترة ولاية ثالثة لأردوغان ستؤدي على الأرجح إلى تقليص المتبقي من ديمقراطية تركيا المتعثرة، حيث “سيستخدم على الأرجح هذه الفرصة لقمع ما تبقى من الأصوات الناقدة في وسائل الإعلام والمساحات العامة، بينما يحاول في الوقت نفسه فتح صفحة جديدة مع تحالفات البلد في الغرب”.