ماذا تعرف عن مرتفعات الجولان؟ إليك التاريخ وحقيقة الصراع حولها
خلال الأيام القليلة الماضية التي تلت إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة، اجتذبت هذه الأخيرة اهتماما إعلاميا كبيرا.
وقد رفض كل من الاتحاد الأوروبي والدول العربية وسوريا هذا الاعتراف بشأن مرتفعات الجولان، في حين اعتبرته أحزاب إسرائيلية تدخلا لصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الانتخابات المقبلة.
الأهمية الاستراتيجية
الجولان هضبة تضم الكثير من الموارد الطبيعية، فهي أرض زراعية خصبة، يشتهر أهلها من العرب السوريين، وأغلبيتهم من أفراد الطائفة الدرزية الذين يتمسكون بهوية الجولان السورية رافضين كل الرفض الجنسية الإسرائيلية، وذلك بزراعة التفاح، بينما تستغلها إسرائيل في زراعة العنب لإنتاج النبيذ.
وتكتسي هضبة الجولان أهمية استراتيجية بالنسبة للطرفين (سوريا وإسرائيل)، حيث من يسيطر عليها عسكريا يمكنه بذلك أن يصل إلى أي مكان في الدولتين، ولو بأبسط الأسلحة التقليدية.
وتضم الجولان حاليا أكثر من 30 مستوطنة يهودية يقيم فيها حوالي 20 ألف مستوطن، كما يوجد حوالي 20 ألف سوري في المنطقة، أغلبيتهم من الطائفة الدرزية.
وتعتبر المرتفعات موقعا ممتازا بالنسبة لإسرائيل لأنها تمكنها من مراقبة التحركات السورية، كما أن تضاريس التي تتمتع بها المرتفعات تشكل عازلا طبيعيا ضد أي قوة دفع عسكرية من سوريا.
هضبة الجولان تعد أيضا مصدرا رئيسيا للمياه لمنطقة قاحلة، حيث تتساقط مياه الأمطار من مرتفعات الجولان في نهر الأردن، وتوفر المنطقة ثلث إمدادات المياه الإسرائيلية.
الجولان في مفاوضات السلام
في عام 1991 وبعد مؤتمر مدريد للسلام، عرفت المفاوضات بين سوريا وإسرائيل مرحلة متقدمة، خاصة في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين.
وفي شهر أغسطس 1992، حققت المفاوضات تقدما واضحا، بعدم أن وافق الإسرائيليون على اعتبار القرار 242 ينطبق على المسار السوري، وبدأت محادثات المفاوضين الإسرائيليين عن الانسحاب من مرتفعات الجولان.
وبعد التقدم الملحوظ في المفاوضات، تم التوصل إلى مسألة مهمة مفادها هل يكون الانسحاب حتى حدود السابع من يونيو 1967 أم حسب الحدود الدولية.
أما بالنسبة إلى سوريا، كان الانسحاب حتى حدود يونيو 1967، لأن هذا الشرط يمنحها إمكانية الوصول إلى الشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا .
وبعدما تعطلت المفاوضات، جاء تسلم إيهود باراك لرئاسة وزراء إسرائيل، وتم فتح التفاوض من جديد، لكنه تعطل للمرة الثانية لأن باراك رفض ترسيم حدود يونيو67.
الموقف السوري من طبريا
تقع الحدود السورية على بعد 10 أمتار من الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا، حسب موجب الحدود الدولية التي رسمت في العام 1923، لكن اتفاقية ترسيم الحدود منحت سوريا الحق في استغلال البحيرة في مجالي الملاحة والصيد.
وقد ظلت سوريا تمارس هذا الحق إلى غاية الرابع من يونيو1967 عندما أنهت سيطرة إسرائيل على الجولان السيطرة السورية على هذا الجزء من بحيرة طبريا.
وفي المفاوضات السلمية، أصرت سوريا على انسحاب إسرائيل من مرتفعات الجولان إلى خطوط الرابع من يونيو 1967، لكن الموقف الإسرائيلي يعتبر أن الحدود الدولية لعام 1923، كان خارج الخلاف بشأن الجولان ورفضت إسرائيل إمكانية الانسحاب إلى خط غربي هذه الحدود.
الدروز يرفضون قرار ترامب
وردا على قرار ترامب الذي يدعو إلى الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، فقد تظاهر السبت أبناء الطائفة الدرزية في الجولان مؤكدين ومشددين على أن الهوية السورية للجولان.
وقد شهدت بلدة مجدل شمس، المطلة على خط الهدنة الفاصل بين سوريا وإسرائيل، احتجاجات شملت جميع سكان البلدة، رافعين الأعلام الدرزية والسورية وصورا للرئيس السوري بشار الأسد.
ووفقا لما ذكرته وكالة الأسوشيتد برس، فقد رفعوا لافتات كتب عليها بالعربية الجولان سوري رغم أنف الأعداء و نحن من يقرر هوية الجولان.
ما هي مرتفعات الجولان
تعد مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل خلال حرب يونيو 1967، منطقة استراتيجية حيث تطل على شمالي فلسطين التاريخية ومناطق في الأردن ولبنان، كما أنها لا تبعد كثيرا عن العاصمة السورية دمشق.
وتقدر مساحة مرتفعات الجولان بحوالي 1800 كيلومتر مربع، واحتلت إسرائيل ثلثاها.
وهي عبارة عن هضبة صخرية تطل على المستوطنات والمدن الإسرائيلية في الشمال الغربي.
وبعد أن احتلتها إسرائيل، سيطر الجيش الإسرائيلي على كل الأماكن التي تطل عليها الهضبة، وصولا إلى دمشق التي تبعد عنها 60 كيلومترا فقط.
وتعتبر الهضبة أرضا زراعية خصبة، وهي أيضا مورد مهم للمياه في المنطقة التي تعاني في الأساس نقصا كبيرا في المياه.
إسرائيل تعلن ضم الجولان
خلال حرب يونيو 1967، احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان، كما احتلت الضفة الغربية و قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.
وفي العام 1981، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن ضم إسرائيل رسميا للجولان
هذه القرار الإسرائيلي بضم الجولان لم تعترف به أي دولة في العالم، ولا حتى الولايات المتحدة، إلى أن جاء ترامب.
موقف سوريا من ضم الجولان
رفضت سوريا قطعا القرار الإسرائيلي، وقد حاولت بكل السبل استعادة الجولان، سواء حربا كما حدث في حرب أكتوبر 1973، أو سلما كما حدث خلال مفاوضات في تسعينيات القرن الماضي.
وفي التسعينيات، تأسست المفاوضات على مبدأ أن تعيد إسرائيل مرتفعات الجولان إلى
سوريا مقابل توقيع معاهدة سلام مع دمشق.
غير أن المفاوضات قد تعطلت مرارا بين إسرائيل وسوريا، ثم توقفت بشكل كامل بعد الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها سوريا عام 2011 والتي أدت إلى حرب أهلية.
من يعيش في الجولان ؟
تمتع هضبة الجولان بمساحة شاسعة 1800 كيلومتر مربع، ولكنها رغم ذلك تشهد تدني كبير للكثافة السكانية.
وقد فر أغلبية السكان الأصليين من بلداتهم ومدنهم بعد أن استولت عليها إسرائيل عام 1967، وتمسك عدد قليل من أبناء الجولان بقراهم وأراضيهم.
و حسب إحصائيات إسرائيلية، فيعتقد أن عدد سكان مرتفعات الجولان حاليا يبلغ حوالي 40 ألف نسمة، و هذا الرقم يمثل السكان الأصليين والمستوطنين الإسرائيليين.
يشكل العرب السوريين نصف إجمالي السكان، أي حوالي 20 ألف نسمة، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
لماذا الجولان الآن ؟
ذكر دونالد ترامب في تغريدة له، في الحادي والعشرين من مارس الجاري، أن الوقت قد حان لما دعاه اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
وقد جاءت هذا التغريدة بعد يوم على دعوة نتانياهو دول العالم للاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.
هذه التطورات ظهرت بالتزامن مع الوقت الذي يواجه فيه نتانياهو منافسة شرسة في الانتخابات الإسرائيلية والتي ستنظم يوم 9 أبريل المقبل.
وقد اعتبرت تغريدة ترامب دعما لنتانياهو في الانتخابات المقبلة، من طرف خصوم رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي.
بينما اعتبر بعض الخبراء أن موقف ترامب يعد محاولة للتخلص من قضية شائكة متعلقة بخطته للسلام في الشرق الأوسط.
في حين يعتبر محللون غربيون أن تحرك ترامب هو محاولة منه ليحصل على أصوات اليهود الأميركيين ودعمهم له.