سياسة

ماذا بعد استهداف رأس تنورة؟


أطلقت مليشيا الحوثي الإيرانية الأحد الماضي 12 طائرة مسيّرة وصاروخين باليستيين باتجاه السعودية.

كان أخطرها تلك التي استهدفت ميناء رأس تنورة ومرافق شركة أرامكو، لتعود بنا الذاكرة إلى الهجوم الذي استهدف معامل بقيق عام 2019، وكاد يتسبب في كارثة عالمية لولا خبرة وحسن أداء شركة أرامكو السعودية بإخماد الحريق في وقت قياسي. صحيح أن هذه الهجمات انتهت بالفشل كسائر الهجمات السابقة، ولكن هذا التصعيد الحوثي الكثيف لم يأتِ إلا بعد رفع واشنطن جماعة الحوثي من قوائم المنظمات الإرهابية، كأحد أفدح أخطاء إدارة الرئيس بايدن.

استهداف ميناء رأس تنورة وأرامكو بالظهران هو رسالة توجّهها إيران إلى العالم أجمع بأنها مستمرة في تهديد أمن الطاقة العالمي. وأيضاً ردٌّ صريح على مواقف إدارة بايدن وأوروبا الرخوة تجاه النظام الإيراني وأذرعه الإرهابية في المنطقة واستجداء التفاوض مع هذا النظام الإرهابي.

السعودية لديها القدرة والإرادة على التعامل مع مثل هذا الهجوم، وستواصل عملياتها النوعية لردع العبث الحوثي، غير أن مسؤولية إيقاف السلوكيات العدوانية الإيرانية وأمن الطاقة العالمي يتحملها المجتمع الدولي بأسره.

أمرُ غير منطقي أن ينتقدون السعودية على مواجهة التدخلات الإيرانية في اليمن وفي نفس الوقت يرغبون في استمرار الإمدادات النفطية وأيضا بسعر عادل! إيقاف خطر التهديد الإيراني للاقتصاد العالمي أصبح مرهوناً بأفعال أكثر من الأقوال. وكما أن السعودية تقوم بدورها في الحفاظ على إمدادات النفط العالمية وهو ما يساعد على استمرار أمن العالم واستقراره فإن دول العالم صغيرها وكبيرها عليها مسؤولية أيضاً في إيقاف أي دولة أو مليشيا مسلحة تتسبب في هز ذلك الاستقرار.

صحيح أنها هجمات فاشلة أمام قوة الردع السعودي، ولكن السيطرة على حالة العبث والهمجية التي يمارسها الوكيل الحوثي بأوامر من نظام الإرهاب في إيران تتطلب ما هو أكثر من مجرد إدانات إنشائية لا تردع ولا تعاقب المعتدي، إذْ لا يمكن التعايش مع هذا الوضع والتسليم به كواقع دون وضع نهاية له. لابد من تحرك خليجي وعربي فعّال لتصعيد ملف الإرهاب الحوثي الإيراني إلى أعلى المستويات في المنظمات الدولية ومنها مجلس الأمن. يجب علينا استخدام كل أوراق الضغط المتاحة لتغيير مواقف الدول التي تتعامل بتراخٍ مع أزمة خطيرة تهدد أمن وسلام المنطقة وإمدادات الطاقة العالمية، وممرات التجارة العالمية، وتمهد لواقع تحكمه الفوضى العارمة لو استمر الحال على ما هو عليه.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى