سياسة

مؤتمر النهضة في تونس: هل يشهد خريف حزب الغنوشي؟


من تعدّد الخلافات الداخلية مرورًا بالمناورات، إلى انطلاق قطار محاسبة قيادات الإخوان. أسباب أرجأت عقد مؤتمر حركة النهضة، 4 سنوات، طوتها الأخيرة، بإعلانها إجراء تحضيرات لتنظيمه.

تلك التحضيرات التي تجري على قدم وساق، تأتي فيما تستعد حركة النهضة لـ”مرحلة ما بعد راشد الغنوشي وفق القانون، بقيادة جديدة”، بحسب تصريحاتٍ لرئيس حركة النهضة الإخوانية بالنيابة منذر الونيسي، أنهت 4 عقود من الزمن، تزعم فيها الغنوشي هذا الجسم الاخواني.

ويقبع الغنوشي الذي تزعم حركة النهضة منذ ثمانينات القرن الماضي، حاليا في السجن بتهم إرهابية وفساد مالي ليحاسب على سلسلة من الجرائم التي “ورطته فيها طموحاته السياسية”.

ورغم سجنه حاليًا، ونائبيه علي العريض ونور الدين البحيري، وعدد من قياداتها الأخرى، وتواصل الملاحقات بشأن عدد من الشخصيات. إضافة إلى منعها من دخول مقراتها بعد غلقها من قبل السلطات التونسية ومنع جميع اجتماعاتها، إلا أن حركة النهضة الإخوانية، أعلنت عزمها عقد مؤتمرها، المؤجل من 4 سنوات، مما طرح تساؤلات حول الأسباب وسر التوقيت.

ما أسباب اعتزام النهضة عقد مؤتمرها السنوي؟

يقول الناشط والمحلل السياسي التونسي نجيب البرهومي، إن إعلان حركة النهضة عزمها عقد المؤتمر بمثابة مناورة سياسية؛ مشيرًا إلى أنها تعلم أن هذا المؤتمر لن ينتظم بسبب غلق مقارها ومنع جميع اجتماعاتها.

ورغم أن المحلل السياسي التونسي أنه يمكن لحركة النهضة عقد هذا المؤتمر عن بعد مثلما قال رئيسها بالنيابة منذر الونيسي، أشار إلى أنه في ظل عدم المشروعية القانونية المنظمة للأحزاب في تونس، لن يكون لهذا المؤتمر قيمة قانونية.

وأوضح البرهومي، أنه بعد اعتقال قيادات حركة النهضة البارزة كراشد الغنوشي ونور الدين البحيري وعلي العريض والسيد الفرجاني ومحمد بن سالم، لم يعد لديها بدائل، سوى قيادات الصف الثاني، مضيفًا: “المرشح الوحيد لقيادة الحركة، هو منذر الونيسي الذي عينه راشد الغنوشي كرئيس لحركة النهضة بالنيابة، إبان اعتقاله يوم 17 أبريل الماضي”.

في السياق نفسه، قال أستاذ القانون التونسي زياد القاسمي إن غلق مقار الحركة يعد عائقا حقيقيا أمام عقد مؤتمر حركة النهضة؛ لأنه “سيتم فض أي اجتماعات من هذا النوع بالقوة وتحمل من عقدها التبعات القانونية، لمخالفته القانون.

القاسمي، أكد أن هناك رفضا من قبل عدد من قيادات النهضة التي تنتمي لشق الغنوشي داخل الحركة والتي تشكك في أخلاقية هذا الاتجاه، في ظل اعتقال القيادات، مشيرًا إلى أنهم يطالبون بعدم تغيير رئيس الحركة (الغنوشي) ونائبيه (العريض والبحيري).

إلا أن الجانب المؤيد لمنذر الونيسي يدعو إلى ضخ دماء جديدة في الحزب وتجديد القيادة، وإضفاء شرعية على القيادة التي تعتبر الآن قيادة انتقالية وغير منبثقة عن المؤتمر”، بحسب القاسمي.

لكن هل لحركة النهضة وجود في الشارع؟

يقول الناشط والمحلل السياسي التونسي نجيب البرهومي، إن حركة النهضة يجب أن تعي جيدا بأنها انتهت. مضيفا أنه “في سنة 2011 عندما عادوا إلى تونس من المنافي والسجون، كانت هناك آمال لدى الشعب التونسي، فانتخبهم مليون ونصف ناخب، إلا أنهم سرعان ما فقدوا حوالي مليون ناخب في استحقاق 2014، ليفقدوا المزيد في انتخابات 2019، بحضور خافت في البرلمان.

وتابع المحلل التونسي: “عقب اجراءات 25 يوليو 2021، وحل البرلمان، هرع أكثر من مائة قيادي بارز من النهضة واستقالوا من الحزب ورموا أنفسهم من تلك السفينة الغارقة خوفا من المحاسبة وعلقوا كل الأخطاء على أسلوب إدارة الغنوشي للحزب”. مشيرًا إلى أنهم لم يستطيعوا أن يقدموا أنفسهم بديلا “لأن الشعب لفظ كل من كان سببا في خراب البلاد.”

بدوره، قال أستاذ القانون التونسي زياد القاسمي إن حركة النهضة بدون الغنوشي الذي كان يمثل مصدر التمويل والعلاقات الخارجية، هي حزب ضعيف لا يمكن أن يعتد به كرقم سياسي أو أن تشكل رقما سياسيا ينوب أو يمثل الإخوان في تونس.

وكان رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي قال في تصريحات إعلامية، إن “التحضيرات لمؤتمر حركة النهضة جارية على قدم وساق. مضيفًا: “لم نحدد بعد موعد المؤتمر بدقة وكذلك مكانه، حيث ننتظر استعادة مقراتنا، وإذا تم منعنا سيتم عقد المؤتمر عن بعد”.

وفي مايو الماضي، أعلنت حركة النهضة في تونس تولي القيادي في الحركة منذر الونيسي تسيير شؤون الحركة، في غياب رئيسها راشد الغنوشي المعتقل في السجن.

من هو الونيسي؟

منذر الونيسي (56 عاما)، وُلد بمدينة الدهماني بمحافظة الكاف، شمال غربي تونس، وهو قيادي بارز في الإخوان وطبيب مختص في طب وزرع الكلى.

انضم الونيسي إلى الإخوان عام 1984 وظل ينشط داخلها، حتى انتخب عضوا بمجلس الشورى خلال المؤتمر العام العاشر الذي تم تنظيمه عام 2016. كما تقلّد عضوية المكتب التنفيذي للحركة منذ 2021-2022، وتم تعيينه في منصب نائب رئيس حركة النهضة، منذ أغسطس 2021.

وسبق لمنذر الونيسي أن تقلد منصب مستشار وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي بين عامي 2012 و2013، في حكومة حمادي الجبالي. وهي أول حكومة تشكلها النهضة بعد انتخابات 2011 عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي.

ويرتبط ماضي أغلب قيادات إخوان تونس بالإرهاب وبالقتل وسفك الدماء، فسبق واتهم الونيسي في قضية قتل رجل الأعمال التونسي والبرلماني. الأسبق في عهد زين العابدين بن علي، الجيلاني الدبوسي بتهمة “إعداد وفاق إجرامي من أجل القتل العمد”.

وتورط في هذه القضية وزير العدل الإخواني الأسبق نور الدين البحيري ووزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي ومستشاره منذر الونيسي، والقياديان مصطفى اليحياوي والسيد الفرجاني وطبيبة بسجن المرناقية ومدير سجن المرناقية حينها عماد الدريدي.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى