سياسة

مأساة إنسانية في غزة.. البرد القارس يحصد أرواح الأطفال


في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة، تتفاقم الكوارث الإنسانية يومًا بعد يوم، وكان آخرها وفاة ستة أطفال حديثي الولادة نتيجة البرد القارس وانعدام وسائل التدفئة، وفقًا لما أعلنته حركة حماس الثلاثاء.

الفاجعة تضاف إلى سلسلة طويلة من المعاناة التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزًا أمام هذه المأساة خاصة في ظل محاولات أممية لهدنة طويلة الآمد بعد الهدنة الحالية. 

المأساة تتكرر.. أطفال غزة يموتون من البرد

أفاد سعيد صلاح، مدير مستشفى أصدقاء المريض الخيري بغزة، أن المستشفى استقبل مؤخرًا ثمانية أطفال حديثي الولادة يعانون من انخفاض حاد في حرارة الجسم بسبب البرد الشديد، مشيرًا أن “ثلاثة منهم فارقوا الحياة بعد ساعات من وصولهم، في حين خرج اثنان بحالة مستقرة، بينما ما تزال ثلاث حالات تحت العناية المركزة في وضع حرج”، قبل أن يعلن لاحقًا عن وفاتهم.

وأضاف صلاح: أن الأطفال الذين نقلوا إلى المستشفى “كانوا في حالة تجمد، حيث بدت أجسادهم باردة جدًا وأظهرت أعراضًا خطيرة ناتجة عن انخفاض الدورة الدموية؛ مما أدى إلى فشل في وظائف القلب والتنفس والكلى والدماغ”.

وأوضح، أن هؤلاء الأطفال كانوا يعيشون في خيام مؤقتة تفتقر إلى وسائل التدفئة، محذرًا من احتمال ارتفاع عدد الوفيات بين الرضع مع استمرار موجة البرد القارس.

عاصفة شتوية تفاقم الأزمة

شهد قطاع غزة – خلال الأيام الماضية- عاصفة شتوية قوية مصحوبة بانخفاض شديد في درجات الحرارة ورياح عاتية؛ مما أدى إلى اقتلاع مئات الخيام وغرق أجزاء واسعة من المخيمات بفعل الأمطار الغزيرة. 

وفي ظل نقص حاد في الوقود ووسائل التدفئة، تعيش العائلات النازحة أوضاعًا مأساوية، خاصةً مع استمرار القيود الإسرائيلية التي تمنع إدخال المساعدات الإنسانية ومواد الإيواء.

وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” قد حذرت مؤخرًا من تفاقم معاناة الأطفال حديثي الولادة في غزة، مشيرة أن نحو 7700 رضيع يفتقرون إلى الرعاية الطبية اللازمة وسط تدهور الأوضاع المعيشية ونقص الإمدادات الأساسية.

أطفال غزة بين الموت والجوع

أرقام الوفيات ليست سوى جزء صغير من تداعيات الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، حيث قتلت إسرائيل أكثر من 13 ألف طفل، بينما أصيب آلاف آخرون بجروح خطيرة وإعاقات دائمة؛ مما أدى إلى تحطم حياتهم على جميع المستويات الاجتماعية والنفسية والتعليمية والصحية.

وقد بلغ عدد الأيتام في غزة 19 ألف طفل فقدوا والديهم، وفقًا ليونيسف، بينما يعاني جميع الأطفال في القطاع من صدمات نفسية حادة تستوجب دعمًا مكثفًا في مجال الصحة النفسية، ومع استمرار الأوضاع المتدهورة، حذرت الأمم المتحدة من أن غزة باتت “أخطر مكان في العالم على حياة الأطفال”، حيث يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء والدواء والرعاية الصحية، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض معدية يمكن الوقاية منها عبر اللقاحات.

جهود إغاثية محدودة وسط حصار خانق

في ظل استمرار المأساة، تكافح وكالات الإغاثة الدولية لإيصال المساعدات إلى غزة عبر ممرات إنسانية ضيقة، لكن الوضع ما يزال كارثيًا، وتشير تقديرات المؤسسات الدولية أن أكثر من 130 ألف طفل دون سن العامين يعانون من سوء التغذية الحاد بسبب نقص الغذاء والتغذية التكميلية.

ورغم جهود منظمة الصحة العالمية لتطعيم 548 ألف طفل في القطاع بلقاح شلل الأطفال ضمن حملات التطعيم الأخيرة، إلا أن الأوضاع المعيشية المتدهورة وانعدام الأمن الغذائي يهددان مستقبل الأجيال القادمة في غزة.

ويقول الباحث السياسي الفلسطيني أيمن لرقب: إن ما يحدث حالياً في قطاع غزة هو نتيجة مباشرة للحصار الإسرائيلي المفروض منذ سنوات، والذي يعيق وصول المساعدات الإنسانية ويمنع إعادة الإعمار؛ مما يفاقم معاناة المدنيين، خاصة الأطفال حديثي الولادة الذين لا حول لهم ولا قوة، نتاج الحرب. 

ويضيف الرقب أن المجتمع الدولي يقف متفرجًا على هذه الكارثة، رغم أن حماية المدنيين، وخاصة الأطفال، مسؤولية قانونية وأخلاقية، يجب أن يكون هناك ضغط دولي حقيقي لإنهاء هذه المعاناة وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقوانين الإنسانية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى