مأزق القوافل التضامنية: قافلة الصمود تثير مخاوف أمنية في مصر بلا فائدة إنسانية

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، ترحيبها بالجهود الدولية والإقليمية، الرسمية والشعبية، الداعمة للقضية الفلسطينية، والمنددة بالحصار الإسرائيلي والانتهاكات الممنهجة ضد سكان غزة، غير أن “قافلة الصمود” المغاربية المتجهة نحو غزة تضع تحديات أمنية كبيرة على مصر بسبب عدم التنسيق مع السلطات والحصول على تصاريح مسبقة كما جرت العادة، بينما يجري الحديث عن توقيف 37 جزائرياً وسط إجراءات أمنية مشددة.
وبدأت القافلة مرحلتها الثانية بعد دخول الأراضي الليبية محملة بنحو 165 سيارة وحافلة تضم قرابة 2000 شخص شاركوا في الحملة حتى الآن من الجنسيتين التونسية والجزائرية، في مسعى للوصول إلى الحدود الليبية – المصرية، ومنها إلى معبر رفح، الأحد المقبل، بحسب المنظمين.
وبينما تتجه الأنظار الى القاهرة، لمعرفة موقفها بشأن القافلة، أكدت مصادر مطلعة أن هذه القافلة تضع تحديات أمام السلطات المصرية، لأن دخول الأشخاص من خارج البلاد يستلزم تأشيرات مسبقة، فضلاً عن أن العدد الكبير من الأشخاص المشاركين فيها غير المعروفة انتماءاتهم ولا توجهاتهم، يصعّب الموقف الأمني، وكذلك فإن مسألة السماح لهم بالدخول وعبور مصر من غربها إلى شرقها لمسافة تتخطى 700 كلم تضع أعباء ضخمة أمام أجهزة الأمن.
ومع الحديث عن وصول دفعات من الناشطين إلى القاهرة للمشاركة في القافلة دون تنسيق مسبق أو إخطار الحكومة المصرية، قالت المحامية الجزائرية فتيحة رويبي، في تصريح خاص لموقع “أوراس” المحلية، أن “السلطات المصرية أوقفت 37 مواطناً جزائرياً كانوا ضمن قافلة الصمود الإنسانية، التي انطلقت من تونس في إطار مبادرة جزائرية لدعم غزة”.
وأضافت رويبي أن “القافلة المكونة من متطوعين وناشطين ومحامين، حاولت الوصول إلى معبر رفح، لكنها واجهت إجراءات أمنية مشددة من الجانب المصري، الذي فتح تحقيقات مع المشاركين دون تنسيق مسبق”.
وأشارت المحامية إلى تدخل السفارة الجزائرية في القاهرة لضمان الإفراج عن المحتجزين، حيث تولى السفير الجزائري التنسيق مع السلطات المصرية لإعادتهم إلى الجزائر برفقة محامين، مع ضمان حقوقهم القانونية.
وتسببت القافلة في حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي حيث حذر برلمانيون وإعلاميون من تداعيات “مغامرة غير محسوبة العواقب”، كما أن القافلة لا تضم أية نوع من المساعدات أو مواد الإغاثة من طعام أو أدوية ومن المؤكد أنها لن تستطيع المرور عبر معبر رفح بسبب إغلاقه من قبل الجيش الإسرائيلي وفرض إجراءات أمنية مشددة.
وقال ناشط أن المصريين يدعمون أهل غزة والقضية الفلسطينية، متسائلا عن الجدوى العملية من قافلة لا تحمل أية مساعدات:
الفنان #صبري_فواز تعليقًا على #قافلة_الصمود المتجهة إلى #مصر pic.twitter.com/Sj7x8DsRRt
— اسكندرية – Alexandria (@Alexandria_egy1) June 11, 2025
وأكد العديد من الناشطين أن الضجة التي أثيرت بشأن القافلة يقف وراءها الاخوان الذين يسعون لركوب الحدث والمتاجرة بالقضية الفلسطينية واحراج السلطة المصرية التي تبذل جهودا واسعا للمساهمة في التوصل الى وقف اطلاق النار، غير أن الإخوان يحاولون تشويه هذه الجهود بإطلاق مبادرة دون مراعاة للأوضاع الأمنية التي تواجهها مصر.
كما جرى الحديث عن وجود أشخاص ضمن القافلة من مخيمات تندوف طردتهم الجزائر وتحاول التخلص منهم عبر توزيعهم في عدة دول، غير أنه لم يتم اثبات صحة هذه الادعاءات، وجاء في تعليق:
وأوضحت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، أنه في ظل الطلبات والاستفسارات المتعلقة بزيارة وفود أجنبية للمنطقة الحدودية المحاذية لغزة (مدينة العريش ومعبر رفح) خلال الفترة الأخيرة، وذلك للتعبير عن دعم الحقوق الفلسطينية.
وأكدت الوزارة ضرورة الحصول على موافقات مسبقة لإتمام تلك الزيارات، مضيفة أن السبيل الوحيد لمواصلة السلطات المصرية النظر في تلك الطلبات هو من خلال اتباع الضوابط التنظيمية والآلية المتبعة منذ بدء الحرب على غزة، وهي التقدم بطلب رسمي للسفارات المصرية في الخارج، أو من خلال الطلبات المقدمة من السفارات الأجنبية بالقاهرة، أو ممثلي المنظمات، إلى وزارة الخارجية، علمًا بأنه سبق وأن تم ترتيب العديد من الزيارات لوفود أجنبية، سواءً حكومية أو من منظمات حقوقية غير حكومية.
وشددت مصر على أهمية الالتزام بتلك الضوابط التنظيمية التي تم وضعها، وذلك لضمان أمن الوفود الزائرة نتيجة لدقة الأوضاع في تلك المنطقة الحدودية منذ بداية الأزمة في غزة، وأكدت أنه لن يتم النظر في أي طلبات أو التجاوب مع أي دعوات ترد خارج الإطار المحدد بالضوابط التنظيمية والآلية المتبعة في هذا الخصوص.
من جهتها، أكدت “تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين” التي تنظم القافلة، أن الهدف من هذا التحرك هو “خلق جسر بشري لمد العون للفلسطينيين في القطاع، وتوجيه رسالة إلى العالم للتحرك من أجل دعم الحق الفلسطيني”.
وقال المنظمون إن القافلة لا تحمل مساعدات إلى غزة، لكنها تهدف إلى القيام بعمل “رمزي” في القطاع الفلسطيني الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه أكثر الأماكن جوعاً على الأرض، بينما سمحت إسرائيل مؤخراً بدخول مساعدات محدودة بعد حصار برّي لنحو ثلاثة أشهر.
وتوزع المساعدات القليلة التي سمحت بها السلطات الإسرائيلية من خلال مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي تواجه انتقادات واسعة بسبب آلية التوزيع التي تتبعها.
وتأتي قافلة “الصمود” في حين اعترضت السلطات الإسرائيلية السفينة “مادلين” التي كان على متنها 12 ناشطاً دولياً، وذلك ضمن تحرك مدني دولي يضم أكثر من ثلاثين دولة بالشراكة مع المسِيرة العالمية إلى غزة وتحالف أسطول الحرية وتنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين.