ليبيا.. السراج يخدع المليشيات بإيعاز من قطر وضمانات من تركيا
قام خبراء ومحللون سياسيون ليبيون بالتأكيد على أن رئيس حكومة المليشيات في ليبيا، فايز السراج، أصبح يعلم أنه لا وجود له في مستقبل البلاد، ورغم ذلك فإنه يقوم بخداع المسلحين بهدف الاستمرار في القتال بإيعاز من قطر وتركيا.
وجاءت أحاديث الخبراء بعد تصريحات صحفية صرح بها السراج لصحيفة لاريبوبليكا الإيطالية، حيث قال فيها بأنه يقوم بالتفاوض مجددا مع الطرف الآخر، مشيرا إلى قائد الجيش الليبي خليفة حفتر.
بينما أوضح الخبراء للعين الإخبارية بأن السراج يوهم مليشياته بضرورة البقاء في المشهد طول الفترة المقبلة وبأنهم قادرون على صد تقدمات الجيش الليبي ليمنعهم بذلك من الانسحاب من المحاور.
ومن جانبه، يقول ناصر الزياني المحلل السياسي الليبي بأن تشبث السراج بالسلطة قد جاء بإيعاز وإملاءات قطرية وأيضا ضمانات تركية تعده بالحسم العسكري بالرغم من أنه في الحقيقة لا يملك الرفض أو القبول، مضيفا بأن تصريحات السراج كانت بعد خطاب أردوغان الأخير والذي تطرق فيه إلى أخبار سارة ستأتيه من ليبيا، مما يدل على أن السراج مجرد ببغاء يعيد ما يقوله أردوغان المتحكم في الأمور فعليا.
وأشار أيضا الزياني بأن السراج لا يملك أي فكرة أو اطلاع على الأوضاع الميدانية وعما واجهته ميلشياته في الأيام الماضية على أغلب خطوط المواجهة، وقال في الأخير بأن الشعب الليبي يعيش أياما حزينة بسبب سيطرة المليشيات على مراكز السلطة في العاصمة طرابلس وأهمها مصرف ليبيا المركزي الذي يمول الجماعات نفسها منه.
ومن جهة أخرى، فقد وصف الخبير العسكري الليبي المقدم جبريل محمد للعين الإخبارية تصريحات السراج بأمل وهمي يقوم ببثه في صفوف المليشيات من أجل إظهار نفسه القوي القادر على حسم الصراع أمام داعميه، مؤكدا على ضرورة استمرار الجيش الليبي في ضرب المواقع التركية في ليبيا وبأن يركز على مدينة الزاوية وغريان خطوط العدو المرنة المتحركة في الغرب الليبي.
كما لفت جبريل إلى أن إيقاف الهجمات الجوية التركية بالطيران المسير يعد من أولى خطوات الانتصار على المشروع التركي، مؤكدا بأن الجيش الليبي يركز العمليات الجوية على الجانب الغربي نظرا لأن مليشيات المنطقة الغربية هي التي تتولى القيادة الميدانية في محاور قاعدة الوطية الجوية ويجب تدمير طليعتها وإجبارها على التراجع عن مخططها.
وفي نفس الصدد، قال مصطفى العبيدي، المحلل السياسي الليبي، بأن السراج يريد تشويه الجيش الليبي بزعم أنه يقوض الجهود الدولية الرامية لإحلال السلام بينما مليشياته هي من أفشلت مؤتمر برلين، مضيفا بأن السراج سيختفي من مستقبل وذاكرة الليبيين، وربما ينتهي به المطاف بطلب اللجوء السياسي في تركيا.
وقال أيضا المحلل السياسي الليبي بأن أردوغان أدرك بالفعل على أنه فشل في ليبيا بعد إطلاق الاتحاد الأوروبي عملية إيرني التي تسعى لإيقاف خروقات حظر التسليح على البلاد، كما أشار إلى أن إمداد السراج من تركيا ربما يتوقف مما سيتسبب في شل حركته العسكرية وسيحرجه سياسيا أمام الدول الداعمة له، مرجحا بأن تقوم تركيا بتغيير خطة الإمداد عن طريق دول الجوار الليبي أو عن طريق مافيا التهريب العالمي.
وكان السراج قد دعا في 5 مايو الجاري إلى تشكيل مجلس رئاسي جديد في مناورة سياسية جديدة له بعد هزيمة قواته على تخوم قاعدة الوطية الجوية، في حين تصدت قوات الجيش الليبي لهجوم من مليشيا حكومة الوفاق غير الشرعية، والذي استهدف قاعدة الوطية الجوية غربي البلاد، وجرى إلقاء القبض على عدد من أفراد القوة المهاجمة، كما ألحقت بالمليشيات هزيمة على حدود القاعدة.
ويعتبر هذا الهجوم على معقل رئيسي للجيش الليبي غربي البلاد هو الثاني من نوعه بعد هجومها على مدينة ترهونة، إذ فشلت مليشيات السراج في تحقيق أهدافها، وتكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
وقرر المجتمعون في مؤتمر برلين بشأن الأزمة الليبية، في الـ19 من يناير، 3 مسارات أمنية وسياسية واقتصادية من أجل حل الأزمة، حيث تمثل الحل الأمني في تشكيل اللجنة الأمنية العسكرية 5+5 من عسكريين نظاميين من طرفي الصراع الليبي الجيش الوطني وحكومة فايز السراج، وتشرف اللجنة على وقف إطلاق النار وإخراج المرتزقة الأجانب، وقد بدأت في عقد اجتماعاتها بجنيف في وقت سابق غير أنها لم تتوصل إلى اتفاق نهائي.
إن المبادرات تتابع من طرف الجهات المختلفة في ليبيا بهدف الوصول إلى حل للأزمة بعد الانتهاكات المستمرة التي ارتكبها المرتزقة الأجانب والإرهابيين في ليبيا والخرق المتزايد لقرارات وقف إطلاق النار والهدنة التي تم إعلانها مع بداية شهر رمضان وكذا تجديد الهدنتين السابقتين المعلنتين 12 يناير الماضي قبل مؤتمر برلين، والهدنة الإنسانية لتوحيد الجهود في مواجهة وباء كورونا.