سياسة

ليبيا.. الحكومة تتخلى عن تركيا لهذه الأسباب


أسفرت حالة الفوضى التي عاشتها ليبيا على مدى عقد كامل، عن انتشار واسع للتنظيمات الإرهابية، ما سمح بتشكيل أكثر من ثلاثمائة ميليشيا مسلحة، تضم بين صفوفها عشرات الآلاف من الشباب الليبي، وأضحت البلاد ساحة كبيرة لحروب داخلية وخارجية، حيث انتهزت العديد من القوى الدولية والإقليمية الفرصة، وسمحوا لأنفسهم بالتدخل العسكري في ليبيا، تحت شعارات ومبررات مختلفة، تخفي حقيقة أطماعهم في الاستفادة من الثروة النفطية والموقع الجغرافي الذي جعلها صاحبة أحد أكبر السواحل المطلة على البحر المتوسط الغني بغاز الهيدروكربون، الذي تعتمد عليه أغلب الدول الأوروبية في توفير الطاقة.

تشكيل حكومة

وقطعت ليبيا أشواطا طويلة حتى تمكنت من تشكيل حكومة وحدة وطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والتي تواجه تحديا كبيرا يتمثل في توحيد الفصائل المتصارعة في البلاد، شرقاً وغرباً، وتجهيز البلاد لانتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية العام الجاري، أي في غضون أقل من سبعة أشهر، ويتطلب ذلك، وفق الجدول الزمني المتفق عليه مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إعداد نظام سياسي وتشريعي للانتخابات قبل حلول شهر يوليو، وهو الأمر الذي يتطلب الإسراع في نزع فتيل الصراعات العسكرية بين الميليشيات التي تعمل لصالح الفصائل السياسية المختلفة، وأيضاً إخراج كل القوات العسكرية الأجنبية الموجودة حالياً في البلاد، وعشرات الآلاف من المرتزقة التابعين لتركيا، والذين يشكلون العائق الأكبر أمام التحول السياسي المنشود.

تقديرات الأمم المتحدة

ويوجد داخل ليبيا، وفق تقديرات الأمم المتحدة، المعلنة في اتفاقية وقف إطلاق النار التي وقعت في أكتوبر الماضي، أكثر من عشرين ألف مرتزق، أغلبهم من سوريا، وأغلبهم يعملون تحت قيادة القوات التركية المتمركزة في طرابلس، منذ وقعت تركيا اتفاقية عسكرية مع الحكومة السابقة، حكومة الوفاق، في ديسمبر 2019.

وتجاوز عدد العسكريين الأتراك المبعوثين إلى ليبيا، على مدار العام 2020، أكثر من ثلاثة آلاف ضابط وخبير عسكري، تولوا قيادة المليشيات التابعة لحكومة الوفاق الوطني والمرتزقة الذين جندتهم تركيا، ويصل عددهم إلى حوالي ثمانية عشر ألف مقاتل، أغلبهم سوريين، وفقاً لبيانات صادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وكان من المفترض أن تغادر ليبيا جميع القوات الأجنبية وميليشيات المرتزقة التابعة لهم، قبل تاريخ 23 يناير الماضي، لكن لم تختر أي من القوى الأجنبية، بالأخص تركيا وروسيا، مغادرة ليبيا في الموعد المحدد. وفي شهر ديسمبر، صدق البرلمان التركي على قرار تمديد تواجد الجيش التركي في ليبيا لمدة ثمانية عشر شهراً تالية.

وجاء قرار مجلس الأمن الأخير، الصادر يوم 16 أبريل، بمثابة إعلان عن تجديد دعم المجتمع الدولي لحكومة الوحدة الوطنية في مهمتها الصعبة ضد ميليشيات الداخل ومرتزقة الخارج، حيث أعلن مجلس الأمن بالأمم المتحدة تبنيه بالإجماع قرار يدعم العملية السياسية في ليبيا، ويدعو كافة القوات الأجنبية والمرتزقة التابعين لهم للخروج فوراً من ليبيا، دون تراخي أو تأخير. كما قرر مجلس الأمن نشر فريق من ستين مفوض مدني لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل المتصارعة في ليبيا.

انسحاب المرتزقة

وكانت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، أكدت على ضرورة انسحاب المرتزقة الموالين لتركيا من ليبيا، مؤكدة أن هذا الأمر هو اشتراط لا تراجع عنه في المحادثات مع أنقرة لتطبيع العلاقات.

وقالت المنقوش أمام مجلس النواب الإيطالي، الجمعة الماضية، إن حكومة الوحدة الوطنية فتحت حوارا مع تركيا خلال الفترة الماضية، مؤكدة تصميمها على انسحابها من البلاد، حسب وكالة الأنباء الإيطالية آكي.

تصريحات المنقوش دعمها عبدالحميد دبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، حيث وجه صفعة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وجماعة الإخوان المسلمين، ذراعه السياسية في ليبيا، وذلك عقب إعلان موقفه من الأزمة الأخيرة جراء تصريحات وزيرة الخارجية الليبية بشأن الاحتلال التركي في ليبيا.

وأعلن الدبيبة، موقفه من الهجوم الشرس من المجلس الرئاسي الليبي على الوزيرة نجلاء المنقوش، بالإضافة للاتهامات الزائفة من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدًا دعمه للوزيرة، قاطعا بذلك الطريق أمام المخططات العبثية التركية في ليبيا.

تخلي أردوغان عن المساهمة في إعادة بناء ليبيا

وعقب زيارة الأخيرة إلى تركيا، بسبب تخلي أردوغان عن المساهمة في إعادة بناء ليبيا، كشفت مصادر صحفية، عن وجود خلافات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة، مؤكدة وجود دراسة لحكومة الوحدة، لإلغاء الاتفاقيات الموقعة بين نظام أردوغان وحكومة الوفاق المنتهية ولايتها، لإنهاء التدخلات التركية السافرة بالشؤون الداخلية في ليبيا.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى