لماذا ينشر الرئيس الألماني كتابا؟
أشهر طويلة من الخطابات والتحذيرات القوية والواضحة من “اليمين المتطرف“، والدعوات لـ”التماسك الاجتماعي”، عكست قلقا خاصا لرئيس ألمانيا.
لكن الرئيس لم يكتف بالخطابات والتحذيرات العامة، ولجأ على ما يبدو بدافع القلق من صعود اليمين المتطرف، إلى كتابة كتاب جديد، في تصرف نادر لشاغل مقعد الرئاسة الألمانية.
إذ ظل الرئيس فرانك فالتر شتاينماير يحذر منذ أشهر من الشعبوية وتضاؤل الثقة السياسية، ويركز أيضا على التماسك الاجتماعي في الكتاب المنتظر.
ومن غير المعتاد أن ينشر رئيس اتحادي كتابًا متعلقًا بقضايا آنية وعامة، خلال فترة ولايته. يبدو الأمر أكثر إلحاحًا بالنسبة لفرانك فالتر شتاينماير: وفقًا لمجلة دير شبيجل ذائعة الصيت.
وستنشر دار سوهركامب فيرلاغ الألمانية الكتاب في أبريل/نيسان، ويضم 100 صفحة.
في الكتاب الذي يحمل عنوان “نحن”، يسعى رئيس البلاد الثاني عشر، إلى اكتشاف ما يجمع الألمان معًا. ويتساءل شتاينماير عما يعنيه أن تكون مواطنًا في ألمانيا في عام 2024.
وفي الأشهر الأخيرة، ناشد شتاينماير مرارا وتكرارا الأحزاب والنقابات وجمعيات الأعمال أن يظلوا معا في مواجهة التهديدات من الداخل والخارج.
ويقول الرئيس في الكتاب “تحتفل الجمهورية الاتحادية ذكرى سنوية مزدوجة في عام 2024، ومع ذلك لا يمكنها الاحتفال بها بهدوء ورضا عن النفس”، ويشير بذلك إلى صدور القانون الأساسي (الدستور) قبل 75 عامًا وسقوط جدار برلين قبل 35 عامًا.
ويتابع “إن الأزمات الدولية ومهام التحول الاقتصادي تضع مجتمعنا تحت الضغط، والثقة في السياسة تتراجع، واللهجة أصبحت أكثر قسوة”.
ويمضى قائلا “الشعبويون المتطرفون يشككون في الديمقراطية”.
وينتظر أن يركز الرئيس في المقام الأول على تطور جمهورية ألمانيا الاتحادية على مدى السنوات الخمس والثلاثين الماضية – ثم يحول انتباهه إلى الذكرى السنوية للقانون الأساسي.
لكن هناك فائزا غير متوقع من هذا الكتاب، وهو وزير المالية كريستيان ليندنر (الحزب الديمقراطي الحر)، إذ ينص القانون على أن يدخل الدخل من هذا الكتاب إلى الميزانية الحكومية.
ويرتبط الكتاب بحالة من القلق تخيم على السياسة الألمانية من صعود اليمين المتطرف. وخاصة حزب البديل لأجل ألمانيا، إلى المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي، وتوسع نفوذه في البلاد.
واندلعت شرارة الغضب ضد حزب البديل لأجل ألمانيا. بعد تقرير أصدرته، في 10 يناير/كانون الثاني، منظمة «كوريكتيف» الاستقصائية. كشف أن أعضاء الحزب ناقشوا خلال اجتماع طرد المهاجرين و«المواطنين الألمان غير المندمجين».
ومن المشاركين في ذلك الاجتماع مارتن سيلنر زعيم الحركة القومية النمساوية. التي تتبنى نظرية «الاستبدال العظيم» للسكان الأوروبيين «الأصليين» بمهاجرين من غير البيض.
وأحدثت أصداء الاجتماع صدمة في ألمانيا مع ارتفاع رصيد حزب البديل من أجل ألمانيا في استطلاعات الرأي. قبل أشهر فقط من ثلاثة انتخابات إقليمية كبرى في شرق البلاد حيث يحظى الحزب بتأييد قوي.