سياسة

لماذا يسعى حزب الإصلاح الإخواني لشق اليمن لصالح أردوغان؟


تسعى تركيا لتعزيز تواجدها في اليمن بتطويع كافة أذرعها في الخارج، وتقديم الدعم المادي واللوجيتسي لحلفائها، لسببين رئيسيين؛ يتعلق الأول بالتقارب مؤخراً بين أنقرة وطهران لاستهداف عدة دول عربية في مقدمتها السعودية، بينما يتعلق الثاني بالتوترات التي يشهدها نظام رجب طيب أردوغان، داخلياً وخارجياً، مع تراجع اقتصاد بلاده وشعبيته لحد غير مسبوق، فضلاً عن فشل كافة المحاولات الرامية لبسط النفوذ التركي في المنطقة العربية سواء بسوريا وليبيا، أو حتى في المساحات الجغرافية المتماسة مع الحدود التركية مثل؛ قبرص ومنطقة شرق المتوسط.

ويؤكد مراقبون أنّ إخفاقات الرئيس التركي المتكررة على مدار الأعوام الماضية، وكشف أوراق “المخطط العثماني” بالمنطقة، جعله يقتحم مساحات كانت محرمة على السياسات التركية التي اتسمت بالتوازن لعدة عقود أملاً في كسب تعاطف الاتحاد الأوروبي، أو تحسين العلاقات مع دول تمثل علامة مهمة في ميزان القوة الاقتصادية العالمية، وأهمها الدعم العسكري العلني للأحزاب والجماعات بل والميليشيات الموالية له بعدة دول عربية، كمحاولة يائسة للهرب من مصيره المحتوم.

التحالف التركي القطري في اليمن

في اليمن يستغل أردوغان حزب الإصلاح الإخواني الذي يدعمه عسكرياً،  في محاولة تحقيق آخر ما تبقى من أهداف المشروع التركي التصادمي، إلى حد كبير، في المنطقة.

ويقول المحلل السياسي اليمني ماجد الداعري، إنّ “تركيا وقطر الداعمتان الرئيسيتان لحزب الإصلاح الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين باليمن سواء بالسلاح أو المال أو الإعلام، منذ فترة طويلة، ما قبل عاصفة الحزم”.

ويوضح الداعري في حديثه لـ حفريات أنّه “مع انطلاق عاصفة الحزم، كانت قطر تمول الحزب رسمياً تحت غطاء الحرب والتحالف العربي السعودي ضد ميليشا الحوثي المدعومة من إيران، ولكن تلك السياسة تغيرت فيما بعد لتتقاسم اسطنبول والدوحة دعمهما للإخوان والإصلاح من خلال إنشاء واستضافة وتمويل عدة قنوات فضائية يمنية تبث من تركيا أبرزها قناة “بلقيس” التابعة للناشطة الإخوانية توكل كرمان، وقناة “يمن شباب” التابعة لنشطاء بحزب الإصلاح ممن استثمروا بدماء وتضحيات شباب ثورة سبتمبر، فضلاً عن إنشاء قناة “المهرية” قبل عدة أيام برئاسة الإخواني مختار الرحبي، إلى جانب استضافة مواقع وعشرات الناشطين والإعلاميين، واستقطاب السياسيين اليمنيين المحايدين واستغلال ظروفهم مع الحرب وتداعياتها وإيقاف مرتباتهم وتهجيرهم من بيوتهم ووطنهم”.

ويرى الداعري أنّ هذا الدعم “يأتي في إطار سعي البلدين إلى تحقيق أهداف جماعة الإخوان في التحكم بالدولة اليمنية، وبسط قبضتهما على البلد ومقوماته، وتمكينهما من استثمار الأهمية الجيواستراتيجية لليمن، وتوسيع نفوذهما ومصالحهما في المنطقة، واستعادة تركيا لأمجاد إمبراطوريتها العثمانية الغابرة التي تمثل مشروع أردوغان العدائي في الشرق الأوسط”.

توسيع التدخل العسكري تحت مظلة العمل الإنساني

وفق تقرير نشره موقع “أحوال تركية” فإنّ “أردوغان شرع في طور جديد من التدخل العدواني في اليمن بهدف إثارة القلاقل، حيث أرسل العشرات من ضباط الاستخبارات، مطلع العام الجاري تحت لافتة “هيئة الإغاثة الإنسانية” التركية، ووصل بعضهم إلى مأرب وشبوة عن طريق منفذ “شحن” الحدودي في محافظة المهرة، بعد أن حصلوا على تسهيلات من وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري ومحافظ المهرة السابق راجح باكريت”.

وتقول المعلومات، التي حصل عليها الموقع التركي، إنّ الزيارات التي يقوم بها الضباط الأتراك لبعض المحافظات المحرَّرة التي يهيمن عليها إخوان اليمن، تتناغم مع تصريحات أطلقها بعض المسؤولين في “الشرعية” الموالين لقطر، والذين عبّروا صراحة عن انحيازهم لصالح إنشاء تحالف جديد في اليمن مناهض للتحالف العربي بقيادة السعودية، والتلويح بتمكين أنقرة من بعض القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل؛ الموانئ والمطارات والنفط والغاز.

ويقول تقرير صحفي نشرته جريدة “اليوم الثامن” اليمنية، إنّ وزارة الداخلية اليمنية أرسلت المئات من عناصر حزب التجمع اليمني للإصلاح أغلبهم من مأرب وذمار إلى أنقرة لتأهيل في الجانب الأمني والمخابراتي.

ويضيف التقرير: عمد الأحمر الزعيم العسكري لإخوان اليمن، إلى ترسيخ العلاقة مع أنقرة مع اشتداد الأزمة بين تركيا والسعودية، فعلى الرغم من أنّ نائب الرئيس اليمني يحظى برعاية الرياض، إلا أنّه ذهب وفق خطة استراتيجية نحو الأتراك الذي لم يمانعوا في الكشف عن مشروعهم في اليمن والجنوب.

زعيل يكشف من أنقرة مخطط تلغيم اليمن

التواجد العسكري التركي الممتد في اليمن يحدث بالتوازي مع محاولات حثيثة من أنصار الجماعة داخل الحكومة لتبريره وإيجاد أرض خصبة لنموه، وذلك ما يمكن الاستدلال عليه بتصريحات الملحق العسكري اليمني في تركيا العميد عسكر زعيل، وهو أحد أهم القيادات الإخوانية البارزة، في محفل أقيم داخل السفارة اليمينة بأنقرة، حيث قال إنّ “الجيش السابع العثماني الموجود في صنعاء كان هو الحامي الأساسي للحرمين الشريفين من البوابة الجنوبية”.

الكلمات فسرها محللون باعتبارها تمهيداً لعودة الاحتلال التركي لليمن، وتلاعباً واضحاً بثوابت التاريخ والجغرافيا، لصالح المشروع التركي الذي يستهدف السيطرة على منافذ مهمة في اليمن أبرزها ميناء الحديدة على بحر العرب، لتطويع المنطقة، وتحقيق مكاسب اقتصادية وجغرافية لدولة أردوغان.

ووفق مصادر دبلوماسية يمنية تحدثت لصحيفة “اليوم الثامن” فإنّ زعيل قام خلال الثلاثة أعوام الماضية بدور كبير في التمهيد للتدخل التركي في اليمن، ونسق زيارات تركية رفيعة إلى عدن للقاء أحمد الميسري قبيل تعيينه وزيراً للداخلية.

وموّلت قطر مؤتمراً إخوانياً عقد بتركيا مؤخراً تحت عنوان “يمن ما بعد الحرب.. رؤية استشرافية”، بحضور شخصيات عربية إخوانية بارزة تتقدمهم الناشطة الإخوانية المقيمة بتركيا منذ أعوام، توكل كرمان، نتج عنه عدة قرارات أبرزها الدعوة إلى مواجهة الدول العربية “السعودية والإمارات” وتحريك الأحداث لإشعال ثورة جديدة في اليمن، وهو ما وصفه مراقبون بمحاولة تصعييد الأحداث وإشعال فتنة لصالح المشروع التركي الممتد على الصراعات في اليمن.

وفي تصريح لموقع “كيوبوست” قال نزار هيثم، المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، إنّ اجتماعات حزب الإصلاح الإخواني مع الأتراك تتم منذ فترة طويلة وتشهد نشاطاً كبيراً مؤخراً؛ بهدف استهداف التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن من أجل هدم هذا المشروع لصالح المشروع التركي المتآمر ضد المنطقة العربية، والذي يقوده المحور الثلاثي المكوَّن من تركيا وقطر وإيران.

يقول باحث ومحلل سياسي يمني لـ حفريات، طلب عدم ذكر اسمه لأنّه يقيم بإحدى المدن التي يسيطر عليها الإخوان، إنّ “العلاقة بين تركيا وحزب الإصلاح ممتدة وعميقة في إطار التنظيم الدولي للإخوان، وهناك علاقة خاصة بالإصلاح عبر توكل كرمان ومجموعة من قيادات الحزب أبرزهم البرلماني الإصلاحي شوقي القاضي والشيخ حمود المخلافي وغيرهما، وجميع الإعلاميين والسياسيين المحسوبين على التنظيم المتواجدين بتركيا منذ اندلاع الحرب”.

وأوضح أنّه “من تركيا تبث ثلاث قنوات تلفزيونية تابعة للإصلاح ومدعومة من قطر هي: بلقيس وتملكها وتديرها توكل كرمان، يمن شباب ويديرها الدكتور وسيم القرشي وهو عضو الدائرة الاعلامية للإصلاح، وحديثاً قناة المهرية ويديرها مستشار وزارة الإعلام مختار الرحبي، كذلك رئيس مكتب وكالة الأناضول في اليمن راجح بادي، وهو نفسه الناطق الرسمي للحكومة اليمنية منذ العام 2013 تقريباً، وهذا أمر مخالف للقانون والعرف أيضاً”.

 وتابع: “كذلك تركيا تستضيف مجموعة من الحقوقيين الإصلاحيين المدعومين من قطر وأبرزهم خالد الأنسي وتوفيق الحميري، والأخير هو رئيس منظمة سام الحقوقية التي تستهدف بتقاريرها دول التحالف بالدرجة الأولى”.

وأكد الباحث والمحلل اليمني أنّ الدعم العسكري التركي لحزب الإصلاح لم يعد أمراً خفياً “إذ كشفته عدة تقارير أمنية منذ العام 2013، حيث تم الإعلان عن مئات الشحنات من الأسلحة التركية أو المهربة عن طريق تركيا إلى اليمن”.

سرطان في الجسد اليمني

يصف السياسي اليمني، محمد يحيى، الفقيه القيادي بحزب المؤتمر الشعبي والسكرتير السابق للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، جماعة الإخوان بذراعها السياسي “حزب الإصلاح” بأنّها “سرطان في الجسد اليمني، يحاول التغلغل في كل مدينة وقرية وبيت، وإشعال الفتن واستغلال الأحداث لخدمة مصالحه وأجندات الدول التي يعمل لصالحها وفي مقدمتها قطر وتركيا”.

ويتابع الفقيه في حديثه لـ”حفريات”: “استغل الحزب بشكل كبير أزمة العام 2011، بمطالبتهم بإسقاط النظام وتصوير أنفسهم بأنّهم البديل الأفضل، وساعدهم نظام أردوغان كما ساعد الإخوان في تونس ومصر على خلق حالة من الفوضى نتج عنها وصولهم للحكم، لكن سرعان ما تكشفت حقيقتهم للشعوب العربية وأسقطوهم، لكن الأزمة في اليمن ظلت ممتدة بفعل عدة عوامل أهمها حال عدم الاستقرار السياسي”.

وأكد الفقيه أنّ “أردوغان قدّم كافة أشكال الدعم العسكري واللوجيتسي للإخوان في اليمن ومنها إرسال شحنة أسلحة عبارة عن 6000 مسدس مزود بكاتم للصوت ومخصصة للاغتيالات عبر الإخواني حميد الأحمر القيادي بحزب الإصلاح”.

وتابع السياسي اليمني أنّ “تركيا التي تحلم باستعادة الخلافة العثمانية وجدت ضالتها في حزب الإصلاح، وكما هو معروف أنّ الإخوان وطنهم الجماعة، فقدمت تركيا كافة أشكال الدعم العسكري والسياسي والمادي في محاولة مستميتة بالعودة إلى اليمن عبر الإصلاح”.

وأكد الفقيه أنّ “أطماع أردوغان الاستعمارية لم تجد لها أي صدى، وخاصة في اليمن، وتحاول في الوقت الراهن الإساءة إلى السعودية ومصر والإمارات عبر هذه القيادات التي فرّت إليها من الرياض بعد اليمن”.

نقلا عن حفريات

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى