سياسة

لماذا يستهدف حزب الإصلاح الإخواني مؤيدي الشرعية في اليمن؟


لم يعد مستغرباً، وفق محللين، ما يقوم به حزب الإصلاح الإخواني، المدعوم من تركيا وقطر، من دور تخريبي في اليمن، فبدلاً من الاتحاد مع باقي القوى اليمنية من أجل استعادة الشرعية وطرد ميليشيات الحوثي الانقلابية من العاصمة، نجده يدفع بالأحداث نحو حرب أهلية بين المكونات المؤيدة للشرعية، بداية من تحالفه مع الحوثيين وتخلّيه لهم عن مناطق استراتيجية كانت بحوزته، ثم تنفيذه للمخططات التركية والقطرية، ومؤخراً بالاشتباكات المسلّحة ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، حتى وصل الأمر بقيام حزب الإصلاح بإصدار الأوامر العسكرية للمجندين الجنوبيين في التشكيلات العسكرية التي تحت قيادته في الجيش اليمني، ليتقدموا الاشتباكات ضد أهاليهم، في موقف لا يمكن وصفه بأقل من افتعال الفتنة في صفوف الجنوبيين كما أنه منحى تخريبي غير مسبوق.

ففي تقرير لـ”وكالة الصحافة اليمنية” أكدت مصادر عسكرية “أنّ خلافات بين مجندين من أبناء المحافظات الجنوبية والشمالية، في معسكر سقم بمدينة شقرة الساحلية تطورت إلى اشتباكات مسلحة، هذه الاشتباكات جاءت على إثر إصرار القيادة الإخوانية بتوجيه الأمر العسكري لمجندين من المحافظات الجنوبية، بتقدم خطوط المواجهة ضد قوات المجلس الانتقالي، إلا أنّ تلك التوجيهات قوبلت بالرفض، وأضاف المصدر لوكالة الصحافة اليمنية أنّ القيادات الإخوانية قامت باحتجازهم، الأمر الذي أثار حفيظة باقي الجنود الجنوبيين، لتتطور من مشادات كلامية إلى اشتباكات مسلحة، خلفت قتلى وجرحى”.

والجدير بالذكر أنّ حزب الإصلاح يدفع بتعزيزات عسكرية نحو مدينة شقرة الساحلية في أبين، من مأرب وشبوة وحضرموت، لمواجهة “الانتقالي الجنوبي” ومحاولة للاستيلاء على عدن.

وحول الأسباب التي دعت الحزب لاختلاق هذه المشكلات بين صفوف الشرعية، قال الباحث في السياسة الدولية، الدكتور مصطفى صلاح، في تصريح لـ “حفريات”، إنّ هناك أسباباً مختلفة، السبب الأول “يتعلق بالبنية الفكرية لحزب الإصلاح، فهو فرع من أفرع جماعة الإخوان المسلمين التي تصنف في كثير من البلاد العربية بأنّها جماعة إرهابية، وتنظيم الإخوان الأم يعمل تحت مظلة قطر وتركيا، والتكوين النفسي والتربوي لأعضاء هذه الجماعة يقدّم الانتماء لها على الانتماء للوطن”.

أما السبب الثاني، وفق صلاح، فيتعلق بـ “تقدم جناح موالٍ لقطر في صفوف حزب الإصلاح؛  فقد اتجهت تركيا وقطر إلى إيجاد جناح “صقور” في حزب الإصلاح، يعمل وينشط بشكل علني ضد التحالف العربي، وتزايدت حركة التوغل التركي في اليمن عبر قوتها الناعمة والصلبة، والتي أسفرت في المجمل على تشكيل قيادات عسكرية عليا موالية للإصلاح بتعز، بينها نجل قائد محور تعز، القيادي في اللواء 145 مشاة جبلي، شكيب خالد فاصل، الذي تلقى أموالاً كبيرة من قطر وتركيا، لإنشاء معسكر خاص بالجناح التركي القطري في الحزب لمواجهة قوات التحالف العربي في مدينة تعز”.

ويضيف صلاح أنّ السبب الثالث يتعلق بالتقارب التركي الإيراني وأثره على التقارب الإخواني الحوثي؛ “وهو ما بدا جليّاً بخروج تظاهرات حوثية ضد المملكة العربية السعودية في إسطنبول معقل التنظيم الدولي للإخوان، وذلك بعد الانتصارات الأخيرة التي حققتها المقاومة اليمنية المشتركة في الحديدة، وكذلك الانشقاقات عن جماعة الحوثي”.

والسبب الرابع، كما يرى صلاح، يتعلق بتموضع حزب الإصلاح في صفوف الشرعية، “فقد بات من المشكوك فيه أن يستمر دعم التحالف العربي للإصلاح كأحد مكونات الشرعية نظراً لتزايد اتهامات التحالف وقوات دعم الشرعية للإخوان بعد تسليم بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها القوات الحكومية اليمنية؛ وهو ما تسبب في فرار العديد من القيادات من الحزب والجماعة إلى تركيا يحملون معهم ملايين الدولارات، والوثائق؛ حيث اتخذوا من المدن التركية (خاصة إسطنبول) مقراً لهم، وبعضهم نجح في الحصول على الجنسية التركية”.

ويضيف الدكتور مصطفى صلاح أنّ “محمد الحميقاني؛ وهو رجل أعمال يمني الأصل حصل على الجنسية التركية وشغل منصب رئيس نادي الأعمال اليمني التركي، حلقة الوصل التي شجعت الإخوان على الهروب بالأموال في تركيا، بالإضافة إلى ياسر الشيخ رئيس الجالية اليمنية في تركيا، الذي يعد أكبر رجال الأعمال اليمنيين ويمتلك سلسلة مطاعم وشركات استيراد وتصدير، وينشط في أنقرة منذ العام 2016، وكان يعمل قبل رحيله إلى تركيا مديراً للأكاديمية العربية للعلوم الديمقراطية لتدريب موظفي البنوك في اليمن، ويملك شركات صرافة وتوزيع جملة وهي “ياس” للتجارة والاستيراد.

وهذه الوفود استقبلها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالقبول وتوفير الملاذات الآمنة، بالإضافة إلى العديد من وسائل الدعم السياسي والعسكري والإعلامي خاصة المنابر الإعلامية مثل قناتي “بلقيس” و”يمن شباب”، التابعة للتنظيم الدولي للإخوان وتبثان من إسطنبول، ومن أبرز الأمثلة على هؤلاء الإعلامي محمد العامري، الذي ضخ استثمارات كبيرة في تركيا، تم تهريبها من اليمن، وحمود المخلافي الذي هرب إلى تركيا في العام 2016، بعد أن استولى الأموال المقدمة لمواجهة خطر التمدد الحوثي”.

وعلى الصعيد نفسه، أكد الباحث السياسي في الشأن اليمني، محمود أبو حوش أنّ “حزب الإصلاح اليمني لا يمكن فهم توجهاته بعيداً عن فهم طبيعة تنظيم الإخوان المسلمين، فتغيير الولاءات وتعدد الانتماءات وعدم الثبات على موقف واحد لفترات طويلة والبحث عن المكاسب السريعة والمغالبة لا المشاركة، هي أهم خصائص التشكيلات الإخوانية في العالم”.

وأوضح أبو حوش لـ “حفريات أنّ “الإصلاح هو حزب إخواني في النهاية؛ يتصف بهذه الخصائص كذلك، وتاريخياً عمل شريكاً لعلي عبدالله صالح في حكم اليمن، لكن وفق معطيات يمنية خالصة، لكنه منذ 2011 عمل كسائر أحزاب الإخوان المنتشرة في العالم العربي، فسعى للاستئثار بالسلطة، لكن حالت دون ذلك الأوضاع الإقليمية والظروف الداخلية فظل شريكاً قوياً في مكون الحكومة الجديدة برئاسة عبد ربه منصور هادي.

ويتابع أبو حوش: “ومع تطور الأوضاع على الأرض، وبعد أن قام الحوثي بالسيطرة على العاصمة صنعاء، شارك الإخوان بحزب الإصلاح كأحد مكونات الحكومة الشرعية، وكانوا مؤيدين للتحالف العربي وعاصفة الحزم، ثم حتمت الانتهازية السياسية وتعدد الولاءات للإصلاح الإخواني اتخاذ مواقف متناقضة ومتضاربة ليست في مصلحة الشعب اليمني، كالتحالف مع الحوثيين وتسليم مناطق مهمة كانت تحت سيطرتهم، واتصالهم بقطر وتركيا (حليفتي الجماعة الأم) اللتين قامتا بتحريضهم على افتعال الأزمات في وجه التحالف العربي، ثم كانت ثالثة الأثافي بتشكل المجلس الانتقالي الجنوبي وقيامه بدور ميداني عسكري هدّد تموضع الإصلاح الإخواني كمكون سياسي في القوات الشرعية وكأحد الفصائل المطروحة للمشاركة الفعلية في حكم اليمن”.

وحول الأسباب الحقيقية لاستهداف حزب الإصلاح الإخواني لجنوب اليمن بالعمليات العسكرية، والحشد والتهديد باحتلال العاصمة قال أبو حوش: “إن اتفاق الرياض أعطى شرعية للانتقالي وزاد من قوته دولياً، والانتقالي يتمركز في الجنوب، لهذا فإنّ كل التحركات العسكرية التي يقوم بها الإصلاح هناك، تستهدف إسقاط اتفاق الرياض؛ لأنّه ينص على دمج قوات الانتقالي ضمن قوات وزارة الدفاع اليمنية والاعتراف بها قوات شرعية، هذا الدمج لا يهدد من فرص الإخوان في الحصول على السلطة والحكم في اليمن منفرداً فحسب، بل يهدد مكانة الإصلاح كمكون قوي في قوات الشرعية، فضلاً عن أنّه يمنع اقتسام السلطة مع الإخوان مستقبلاً، وربما كان سبباً في ضعف اعتماد التحالف العربي عليهم، لهذا تفرغ الإخوان لمحاربة الانتقالي بدلاً من الحوثيين

نقلا عن حفريات

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى