لقد تغيرت المنطقة إلى الأبد
بعد فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن انقسم كثير من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بين نادب على الرئيس السابق ترامب،ومرحب ومهلل ببايدن، وآخر متوعد العرب بالرئيس الجديد.
وبعيداً عن الاعتبارات النفسية في رؤية وتحليل الواقع، فإن كلا الطرفين يسوق حججاً وبراهين لتأييد رأيه وطريقته، فهل سيكون بايدن فعلاً وبالاً على الشرق الأوسط أم سيكون نعمة إلى منطقة لم تشهد استقراراً منذ أمد بعيد؟!
لا ريب أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يحمل معه مشاريعه الخاصة بعد إرث ثقيل من ترامب، وواحد من تلك الملفات هو الشرق الأوسط، وعلاقة القطب الأوحد بهذه المنطقة مهمة، لا سيما بعد أن مرت بتجربة يراها الكثيرون سيئة مع الديمقراطيين أيام باراك أوباما، الذي تسبب تردده في الكثير من التداعيات، وعلى رأسها ما عرف بالربيع العربي.
لا يمكن أن نحدد شكل ومصير العلاقات الأمريكية بالشرق الأوسط خلال العهد الجديد، لكن يمكن أن نحدد علاقة العرب الجديدة بالولايات المتحدة -من دون مبالغة- فمنطقة الشرق الأوسط مختلفة عما كانت عليه قبل عقد من اليوم، وموازين القوى تغيرت بعد التحالفات الجديدة العربية وغير العربية بشكل لا يمكن التغاضي عنه، لقد تغيرت المنطقة إلى الأبد، ولن تعود إلى سالف عهدها بعد أن تعلمت جميع الدول تقريباً الدرس بأن وعي الشعوب، وتوحد المواقف السياسية، أساس التصدي للأخطار.
إن الشرق الأوسط ليس جزءا من مؤامرة عالمية لكنه جزء من فراغ عالمي يجب أن يملأ، وقد قرر العرب هذه المرة أن يكونوا هم صناع الحدث، لبعث أمل جديد بالموقف العربي والمصير المشترك لحفظ الأمن القومي العربي.
منذ عقدين من الزمن، وبالتحديد سقوط بغداد، عاشت المنطقة العربية حالة من الفرقة وتراجعت الأحلام الوردية بوحدة المواقف العربية، وفقدت دول مشاريعها الداخلية، فأصبحت ضمن مشاريع الآخرين، لكن مع ازدياد القوة والمنعة الداخلية للشعوب العربية اليوم، فإن اختراقها يكاد يكون مستحيلاً، إضافة إلى التعاون ووضوح الأهداف والتحرك على خط سياسي واحد أمام القوى العالمية لدرء الأخطار.
في الختام.. يجب أن يؤمن المواطن العربي أن بلاده ليست “تابعاً” لا حول له ولا قوة، بل “حليف” تحتاجه الدول كما يحتاجها، رغم تفاوت القوة.. والولايات المتحدة الأمريكية شأنها كشأن الدول العظمى تقدر حلفاءها الذين يعززون الاستقرار في بلادهم وفي محيطهم بتحقيق التنمية والسلام، ويسعون في إطفاء الحرائق لا إشعالها، ويعملون بصدق في منع انتشار التطرف والإرهاب.