سياسة

لبنان يعيش مرحلة سياسية جديدة في تاريخه بعد استقالة دياب


بعد استقالة الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب، ستبدأ مرحلة سياسية جديدة من تاريخ لبنان بعد الانفجار الكبير الذي حدث في مرفأ بيروت والذي فرض عودة المجتمع الدولي إلى البلاد من باب فرنسا.

وكان الرئيس الفرنسي قد قام بزيارة إلى لبنان خلال الأسبوع الماضي، حيث دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومنح الفرقاء اللبنانيين 3 أسابيع للاتفاق، ويتوقع أن تسير الأمور في طريقها الدستوري وذلك تمهيدا لتشكيل حكومة جديدة، تزامنا مع تحركات قوى المعارضة اللبنانية التي قامت بطرح ما يشبه خارطة الطريق للمرحلة المقبلة، من خلال تشكيل حكومة حيادية وانتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد، للحد من هيمنة حزب الله.

وجاء ذلك التحرك في مقابل صمت حزب الله وحلفائه، وأهمهم فريق العهد برئاسة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون وحزبه التيار الوطني الحر برئاسة صهره النائب جبران باسيل.

وفي نفس الصدد، قال المرجع القانوني اللبناني الدكتور بول مرقص للعين الإخبارية بأنه وفق الدستور على رئيس الجمهورية ان يدعو إلى مشاورات نيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة.

وبخصوص المهلة المطلوبة لدعوة رئيس الجمهورية اللبنانية لهذه المشاورات، قال مرقص بأن الدستور لم ينص على مهلة محددة، إنما مهلة مقبولة، خصوصا في الظروف الدقيقة والاستثنائية التي يعيشها لبنان، ما يفرض الإسراع بتكليف شخصية جديدة لرئاسة الحكومة، أما بعد دعوة الرئيس لبدء المشاورات النيابية، فيفترض أن تجهز الكتل النيابية أسماء مرشحيها وترسلها إلى الرئيس اللبناني، الذي عليه أن يلتزم بنتائجها ويطلع عليها رئيس البرلمان، ومن ثم يدعو الشخصية التي تم الاستقرار عليها إلى القصر الرئاسي ويطلب منه البدء بمسار تأليف الحكومة.

ووفق المرجع القانوني اللبناني، فإن دستور البلاد ينص على ضرورة إطلاع رئيس الجمهورية على أسماء الوزراء المقترحة وله الحق بالموافقة عليها أو رفضها.

وفيما يتعلق بالصعيد السياسي ومع بدء المعارضة اللبنانية، خاصة تلك التي تجمع تيار المستقبل برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وحزب القوات برئاسة سمير جعجع والحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب السابق وليد جنبلاط، فإن وضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة، تبدو ضرورية لمراقبة موقف الفريق الآخر المتمثل بحزب الله وحلفائه، والذين أرادوا وحتى اللحظات الأخيرة عدم إسقاط حكومة دياب التي تعتبر محسوبة عليهم.

ومنذ أن تم قبول استقالة الحكومة، بدأ النقاش في أروقة السياسة في لبنان عن احتمالية عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، وهذا ما يرفض فريق المعارضة التعليق عليه، داعين فقط إلى انتظار ماذا سيقع بعد مشاورات الأيام المقبلة، بينما يؤكد مسؤولون في المستقبل بأن عودة الحريري لن تحدث في حال بقى حزب الله والنائب جبران باسيل ممثلين في السلطة.

ويشار إلى أن الحريري وقبل تسمية دياب قبل سبعة أشهر، أي بعد استقالة حكومته على خلفية احتجاجات الشارع، قام بفرض شروط للعودة إلى رئاسة الحكومة وتتمثل في تأليف مجلس وزراء حيادي من شخصيات مستقلة وهذا ما رفضه، حزب الله وباسيل.

وحاليا، وفيما طرح البعض اسم السفير السابق نواف سلام ليكون رئيس حكومة، رجعت شخصيات سياسية وازنة لتبحث جديا إمكانية العمل على عودة الحريري، وفق ما كشفت عنه مصادر سياسية في المعارضة، للعين الاخبارية، والتي ربطت هذا الأمر بعودة المجتمع الدولي إلى لبنان وأهمية أن يكون الحريري في هذه المرحلة على رأس الحكومة، إلى جانب بعض التراجع الذي قد يقدم عليه حزب الله ودعم من حليفه السياسي رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري.

ومن جهته، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط في حديث تلفزيوني بعد استقالة حسان دياب، إنه لا نستطيع أن نتكهن بما سيحدث، واعتبر في الوقت نفسه بأن استقالة الحكومة انتصار سياسي كبير، في حين تحدث مستشاره رامي الريس للعين الإخبارية عن اجتماعات واتصالات سياسية مكثفة تعقد بينهم وبين الفرقاء اللبنانيين، حيث كان آخرها لقاء جمع بينهم وبين جعجع والحريري لمناقشة الخطوات المقبلة.

كما أشار إلى أنه لم يتبلور تفاهم سياسي نهائي بين هذه القوى السياسية، حيث قال: نحن مطلبنا تشكيل حكومة حيادية وإقرار قانون انتخابي لا طائفي والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة.

وبشأن إمكانية إعادة الدفع باتجاه عودة رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري إلى رئاسة الوزراء لاسيما مع عودة المجتمع الدولي إلى الانفتاح على لبنان، ذكر الريس الموضوع لم يطرح حتى الآن ولا أستطيع التعليق بانتظار اتضاح الصورة خلال الأيام المقبلة.

فيما طالب النائب اللبناني في التقدمي الاشتراكي أكرم شهيب، يوم أمس الاثنين، بانتخابات نيابية مبكرة لإعادة انتاج سلطة جديدة في البلاد، وتابع بأن البلد مخطوف وأصبح رهينة المحاور الإقليمية ولم يعد بإمكان البلد تحمل نتائج سلطة قائمة على محور محدد، مشيرا إلى أنه قد تم التوافق مع جعجع على معظم النقاط، وسنتواصل مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على أمل تبلور موقف في أقرب وقت ممكن ليكون بخدمة الانتخابات النيابية المبكرة.

إن موقف تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية لا يختلف كثيرا عن موقف الاشتراكي في ظل وجود بعض التباين في مقاربات معينة، إذ ناقشا معا في الساعات الأخيرة إمكانية الاستقالة من البرلمان اللبناني، وإنه الأمر الذي من المتوقع أن يتغير مع استقالة الحكومة، مع الإبقاء على الدفع باتجاه إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

وقال مسؤول الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور للعين الإخبارية: بالنسبة إلينا حكومة الوحدة الوطنية غير مطروحة وشروطها غير متوافرة شعبيا ولا سياسيا ومطلبنا هو تشكيل حكومة حيادية، بانتظار ما ستكون عليها وما ستنتجه المباحثات السياسية في الفترة المقبلة.

وبخصوص الاسم المطروح لرئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة وهويته، فقد أشار إلى أن هذا الأمر سيكون موضع بحث في تكتل الجمهورية القوية (اي حزب القوات) في اجتماعه الثلاثاء.

ويظهر جليا بأن تركيز المعارضة على الانتخابات النيابية المبكرة وفق قانون انتخابي جديد، يهدف إلى تبديل صورة البرلمان الحالية حيث سيطرة حزب الله وحلفائه، وهذا ما عبّر عنه النائب اللبناني في تيار المستقبل هادي حبيش في حديث تلفزيوني حيث قال: ندعو لانتخابات نيابية مبكرة تعيد تغيير التوازنات السياسية.

ويؤكد أيضا النائب اللبناني في تيار المستقبل محمد الحجار للعين الإخبارية على ضرورة إجراء انتخابات نيابية مبكرة، حيث اعتبر بأن الدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لن تجدي نفعا في هذه المرحلة، في حال بقي رئيس الجمهورية وصهره النائب جبران باسيل وحزب الله متمسكين بالقرارات في لبنان، وأكد أيضا بأن الحريري لم يقبل العودة إلى رئاسة الحكومة وسط استمرار سيطرة هذه الأطراف على السلطة.

ومساء أمس الاثنين، أعلن دياب استقالة حكومته على خلفية انفجار مرفأ بيروت، في الوقت الذي يتصاعد غضب اللبنانيين الذين يحاولون لملمة جراحهم ومتمسكين بمحاسبة المسؤولين وإسقاط كل التركيبة السياسية، وبعد أن مرت ستة أيام على الانفجار الضخم الذي تسبب بمقتل 160 شخصاً وإصابة أكثر من ستة آلاف بجروح، مع مواصلة فقدان قرابة عشرين شخصاً، لم يصدر التقرير حتى اللحظة الذي وعدت به السلطات بخصوص ما وقع، وقد جاءت استقالة دياب بعد 3 أيام من تظاهرات تطالب بمحاسبة المسؤولين ورحيل الطبقة السياسية بالكامل.

غير أن الاستقالة لم ترض المتظاهرين الذين يطالبون بإسقاط كل الطبقة السياسية والتي يتهمونها، إلى جانب الفساد والعجز عن حل مشاكلهم المزمنة، بالاستهتار بحياة الناس بعد الانفجار الهائل.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى