لبنان تحت النار: عام من الغارات الإسرائيلية وحصيلة ثقيلة لحزب الله
يطوي لبنان، الخميس، العام الأول منذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، لكنه لا يزال عالقًا بين آمال الهدوء ومخاوف التصعيد.
وبدخوله عامه الثاني، يبدو اتفاق وقف إطلاق النار، المُتعثر أصلاً بين إسرائيل ولبنان، أكثر هشاشةً من أي وقت مضى.
ولا يكاد يمر يوم في هذه الفترة، دون أن يهدد مسؤول إسرائيلي بعملية عسكرية واسعة أو محدودة في لبنان.
ولكن في حين لم تتعرض إسرائيل لأي هجوم منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، لا يكاد يمر يوم دون هجوم إسرائيلي في لبنان.
هذا الواقع عبر عنه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في جلسة للجنة الخارجية والأمن البرلمانية، الأربعاء، بقوله: “لم نشهد وضعًا أمنيًا أفضل على الحدود الشمالية منذ عشرين عامًا”.
قبل أن يضيف: “قُتل 360 عنصرا من حزب الله منذ وقف إطلاق النار”، ما يعني أن الجيش الإسرائيلي قتل تقريبا عنصرا واحدا من حزب الله كل يوم، منذ بداية الاتفاق.
بدورها، سجلت بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل”، أكثر من 10,000 انتهاك جوي وبري إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية خلال العام الأول لوقف إطلاق النار.
وكتبت على منصة “إكس”: “منذ اتفاق وقف الأعمال العدائية العام الماضي، سجلت اليونيفيل أكثر من 7500 انتهاك جوي، ونحو 2500 انتهاك بري شمال الخط الأزرق”.
وأدانت الحكومة اللبنانية مرارا الانتهاكات الإسرائيلية، فيما واصل حزب الله، التزام الصمت على نحو غير مسبوق.
فيما تجادل إسرائيل بأن جميع هجماتها العسكرية في لبنان، تستهدف جهود حزب الله لإعادة تسليح نفسه وإعادة تأهيل عناصره.
بنود غائبة
وجاء في اتفاق وقف إطلاق النار “إلى جانب وقف القتال، سيسحب لبنان جميع القوات والأصول العسكرية غير الحكومية بين نهر الليطاني والحدود مع إسرائيل، وسيبقى الجيش اللبناني وفروع أمن الدولة الأخرى القوات المسلحة الوحيدة في البلاد”.
في المقابل، كان من المفترض أن تنسحب إسرائيل تدريجيًا من المناطق التي احتلتها في جنوب لبنان في غضون 60 يومًا.
كما نص الاتفاق على أن تتوسط الولايات المتحدة في مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان للتوصل إلى ترسيم معترف به دوليًا لحدودهما البرية.
ولكن بعد مرور عام، لم يتحقق أي من هذه الأهداف، إذ لا تزال إسرائيل تحتل 5 مواقع حدودية داخل لبنان وتشن غارات يومية، بما في ذلك على الضاحية في العاصمة بيروت وحتى منطقة البقاع.
ويوم الأحد الماضي، قتلت إسرائيل القائد العسكري لحزب الله، هيثم الطبطبائي، بغارة جوية في قلب الضاحية الجنوبية.
بل تعهدت حكومة بنيامين نتنياهو بأنها لن تكون الغارة الأخيرة، ما لم تبذل الحكومة اللبنانية المزيد من الجهود لنزع سلاح حزب الله.
وفي سبتمبر/أيلول، طرح الجيش اللبناني خطة لنزع سلاح جميع المليشيات غير الحكومية، مع التركيز الضمني على حزب الله، لكن إسرائيل تقول إن الجيش اللبناني لم يمض قدما في تنفيذ الخطة.
بينما يقول مراقبون إن إحدى المشكلات التي تواجه الحكومة والجيش اللبنانيين هي وعدهما بتجنب الصراع المفتوح مع حزب الله، ويحاولان نزع سلاح الجماعة من خلال التفاوض والضغط السياسي.
هجمات يومية
ويقول معهد “ألما” الإسرائيلي للأبحاث “منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، نفّذ الجيش الإسرائيلي عمليات يومية ردًا على انتهاكات حزب الله وجهوده المستمرة لإعادة بناء نفسه”.
وأضاف: “خلال وقف إطلاق النار، نفذ الجيش الإسرائيلي 669 غارة جوية في أنحاء (لبنان) ضد إعادة بناء البنية التحتية العسكرية لحزب الله بشكل عام، وضد الجهود الأساسية لإعادة الإعمار بشكل خاص، مثل: تهريب الأسلحة، والإنتاج المستقل، وإصلاح الأسلحة وضد عناصر حزب الله”.
وتابع: “كما يستهدف جيش الدفاع الإسرائيلي بنى تحتية مدنية واقتصادية تُشكل قاعدة وغطاءً لإعادة بناء حزب الله العسكري، بما في ذلك المعدات الهندسية، والمحاجر، ومصانع الخرسانة، وعناصر حزب الله الذين، بحكم مهنهم المدنية، يُساهمون في إعادة بناء حزب الله”.
ومضى قائلا: “رغم التصريحات المتكررة للحكومة اللبنانية والجيش اللبناني بشأن نجاح عملية نزع سلاح حزب الله جنوب الليطاني، يبدو أن الوضع الميداني أبعد ما يكون عن ذلك”.
المعهد عاد وقال: “لا تملك الدولة اللبنانية القدرة وأحيانًا الرغبة على مواجهة حزب الله مواجهة حقيقية. فالجيش اللبناني، القوة الأساسية في لبنان، محدود للغاية في عملياته، وهو غير مهتم ولا قادر على مواجهة حزب الله”.
11 في بيروت
وذكر أن 47% من الهجمات الإسرائيلية كانت جنوب الليطاني و38.4 شمال الليطاني و13% في منطقة البقاع و1.6% في بيروت.
وأشار المعهد الإسرائيلي إلى أنه “بناءً على تحليل بيانات الضربات، مع التركيز على المناطق وعرضها في خريطة حرارية، فإن جنوب الليطاني، على طول منطقة خط التماس، ومنطقة قريتي عيترون (أكثر من 50 ضربة) وعيتا الشعب (أكثر من 40 ضربة)، هي المناطق الأكثر تعرضًا للقصف، إلى جانب منطقتي العديسة وحولا”.
وأضاف: “نُفِّذت معظم الضربات في الفترة الأولى من وقف إطلاق النار. أما اليوم، فقد انخفض عدد الضربات الجوية في منطقة خط التماس”.
وقال المعهد: “تزداد أهمية حجم ومعدل الضربات بشكل كبير فيما يتعلق بمنطقة بيروت (1.6% من إجمالي الضربات)”؛ أي 11 هجوما.
المتوسط الشهري
وبحسب المعهد الإسرائيلي، يبلغ المتوسط الإجمالي للضربات 51 ضربة شهريًا طوال فترة وقف إطلاق النار.
وذكر المعهد: “وقع ما يقرب من نصف عمليات التصفية المُستهدفة (49%) جنوب نهر الليطاني. وبشكل عام، شكّلت هذه العمليات المُستهدفة ما يقرب من ثلث إجمالي الغارات الجوية”.
قبل أن يضيف: “ينتمي 21٪ من عناصر حزب الله الذين تم القضاء عليهم، إلى وحدة الرضوان”، فيما بلغ عدد العناصر المنتمين لتنظيمات أخرى 28 عنصرًا، بينهم 18 من حماس.
وقع لبنان وقبرص، الأربعاء، اتفاقاً طال انتظاره لترسيم الحدود البحرية، مما يمهد الطريق أمام إمكانية التنقيب عن حقول الغاز البحرية والتعاون في مجال الطاقة في البحر المتوسط.
ووقع الرئيس اللبناني جوزيف عون ونظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس الاتفاقية في القصر الرئاسي اللبناني، وقالا للصحفيين إنها ستمهد لتعاون أكبر بين بيروت ونيقوسيا والاتحاد الأوروبي، الذي تحظى قبرص بعضويته.
وقال خريستودوليدس: “إنها اتفاقية تاريخية، تنهي قضية معلقة منذ سنوات عديدة، ونتطلع الآن إلى ما يمكن لبلدينا أن يصنعاه معاً”.
وتوصلت قبرص ولبنان إلى اتفاق مبدئي لترسيم مناطقهما البحرية في عام 2007، ولكن كان هناك تأخير في التصديق عليه من قبل البرلمان اللبناني.

- إثيوبيا تعين وزير خارجيتها رئيسا لمؤتمر المناخ COP32 بعد فوزها باستضافة قمة 2027
- الصين تتوغل في قناة بنما.. اهتمام بمرفأين جديدين رغم تحذيرات أمريكا
وزار وزير الطاقة اللبناني جوزيف صدّي قبرص الشهر الماضي لمناقشة التعاون في مجال الطاقة، بعد أن صدق مجلس الوزراء اللبناني على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
ووقع لبنان وإسرائيل اتفاقاً لترسيم حدودهما البحرية في عام 2022 بوساطة من الولايات المتحدة.
وبعد اتفاق الأربعاء، تصبح سوريا آخر دولة لم يرسم لبنان حدوده البحرية معها بعد.
ويأمل لبنان في أن تساعد اكتشافات الغاز والنفط البحرية في ضخ إيرادات للدولة وإنعاش نشاط اقتصادي يعكس مسار الانهيار المالي الذي شهده عام 2019 والذي أدى إلى تفاقم نقص طويل الأمد في الطاقة.
ولم يتم بعد التوصل إلى أي اكتشافات مجدية تجارياً في أي من المناطق البحرية اللبنانية.







