لبنان…الاحتجاجات تتواصل و اتفاق حكومي على قرارات إصلاحية لتهدئة الأوضاع
لا تزال التظاهرات في مختلف أنحاء لبنان متواصلة وذلك لليوم الرابع على التوالي، احتجاجا على الفساد وسوء أوضاع المعيشة، والاقتصاد المتردي الذي تشهده البلاد، بالرغم من اتفاق بين الشركاء بالحكومة على عدد من القرارات الإصلاحية لتهدئة الأوضاع.
ويوم الأحد، شهدت احتجاجات مشاركة كبيرة من اللبنانيين في مختلف أنحاء البلاد، رغما عن محاولات الحكومة احتواء الأزمة. حيث خرج المحتجون في الشوارع، في مسيرات قد غلب عليها الطابع الاحتفالي. وتعالت مكبرات الصوت بالأغاني الوطنية، بينما ردد المتظاهرون هتافات تطالب بإسقاط الحكومة.
وقد خرج أيضا عشرات الآلاف من اللبنانيين في زحلة في البقاع اللبناني، بالإضافة إلى التظاهرات الحاشدة في العاصمة بيروت وغيرها من المدن.
قرارات إصلاحية مزمعة
ومن جهتهم، فقد قال مسؤولون لبنانيون يومه الأحد، بأن الحريري قد اتفق مع شركائه في الحكومة على حزمة من القرارات الإصلاحية، تشمل بذلك خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين، بنسبة 50 بالمئة. وتشمل أيضا مساهمة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية بنحو 5 آلاف مليار ليرة لبنانية، أي ما يعادل 3.3 مليار دولار، وذلك وفق ما أفادت به وكالة رويترز.
كما تتضمن الخطة أيضا خصخصة قطاعة الاتصالات وإصلاح شامل لقطاع الكهرباء المهترئ، وهذا مطلب حاسم من المانحين الأجانب للإفراج 11 مليار دولار. وقد ذكرت وكالة رويترز، بأن هناك اجتماعا مرتقبا للحكومة اللبنانية، يوم الاثنين، من أجل إقرار الإجراءات الإصلاحية.
في حين قد ذكر مصدر في رئاسة الحكومة لوكالة فرانس برس، بأن القوى السياسية الرئيسية قد أبلغت يوم الأحد، رئيس الحكومة سعد الحريري موافقتها على الخطة الإنقاذية.
وقال أيضا المصدر الذي لم يرد ذكر اسمه، بأن الحريري اقترح ورقة على القوى السياسية للقبول بها كاملة أو رفضها، وأرسلها إلى الفرقاء كافة، وأضاف أيضا: تلقى اليوم موافقة عليها، تحديدا من التيار الوطني الحر وحزب الله، على أن يذهب غدا (الاثنين) إلى مجلس الوزراء لإقرارها.
وقد أظهرت قوى سياسية حليفة للحريري تحفظها عن هذه الورقة، في حين قدم وزراء القوات اللبنانية الأربعة استقالتهم من الحكومة. ويذكر بأن مجلس الوزراء سيعقد اجتماعا في القصر الرئاسي قبل ظهر الاثنين برئاسة عون لبحث هذه الخطة.
وقد ذكر أيضا المصدر بأن هدف الورقة المقترحة ليس إخراج الناس من الشارع، لكنها عبارة عن خطة إنقاذية تتضمن رؤية الحريري لحل الأزمة الاقتصادية، إلا أن ما حدث في الشارع سرّع إقرارها.
ما جاء في المسودة
وقد حصلت سكاي نيوز عربية يوم الأحد، على مسودة الورقة الإصلاحية، والتي قد اتفق عليها الحريري مع الرئيس اللبناني ميشال عون، حيث تتضمن خفض رواتب جميع الوزراء، وإلغاء كل المخصصات المالية للنواب اللبنانيين. كما شملت الورقة خفض رواتب المدراء العامين بما لا يتجاوز 8 ملايين ليرة، ورفع رواتب القضاة إلى 15 مليون ليرة كحد أقصى.
مسودة الورقة الإصلاحية نصت أيضا على فرض ضريبة على المصارف وشركات التأمين بنسبة 25 بالمائة، ووضع حد أقصى لمخصصات السفر إلى الخارج بمعدل 3 آلاف دولار مع موافقة مسبقة من مجلس الوزراء.
بالإضافة إلى أنه قد تم الاتفاق على وضع سقف لرواتب العسكريين لا يتجاوز رواتب الوزراء، إلى جانب دعم الصناعات المحلية ورفع الضريبة على الواردات التي لها بديل محلي وتفعيل هيئة الرقابة الاقتصادية، وكذا إلغاء جميع ما تم خفضه من معاشات التقاعد للجيش والقوى الأمنية، وأيضا مساهمة المصارف لإنشاء معامل الكهرباء ومعامل فرز النفايات والمحارق الصحية.
ويوم الخميس، انفجرت موجة احتجاجات في لبنان بعدم أن أعلنت الحكومة اللبنانية عزمها فرض رسوم على المكالمات التي تتم عبر التطبيقات في الأجهزة الذكية مثل واتساب.
ومن جهته، فقد أعلن وزير الاتصالات اللبناني محمد شقير يوم الجمعة، على خلفية المظاهرات، التراجع عن فرض هذه الرسوم بناء على طلب من رئيس الحكومة. وذلك بعد أن كانت الاحتجاجات تطالب في بدايتها بوقف الضريبة الجديدة، وأصبحت الآن تطالب بإسقاط الحكم بمن فيه الرئيس والحكومة.
وللرد على الورقة، فقد أعرب متظاهرون لمراسل سكاي نيوز عربية، عن رفضهم لها، حيث اعتبروا بأنها مماطلة ومحاولة لكسب الوقت.
في حين قد طالبت مبادرة لحقي اللبنانية، بالاستقالة الفورية لحكومة الضرائب الجائرة والمحاصصة الطائفية، وتشكيل حكومة إنقاذ مصغرة من اختصاصيين مستقلين لا ينتمون للمنظومة الحاكمة، على أن تتبنى مجموعة من الخطوات.
وقد شملت أيضا تلك الخطوات، إجراء انتخابات نيابية مبكرة بناء على قانون انتخابي عادل يضمن صحة التمثيل، وإدارة الأزمة الاقتصادية، وإقرار نظام ضريبي عادل، وتحصين القضاء وتجريم تدخل القوى السياسية فيه. في حين قد أكدت المبادرة على المضي قدما في التظاهرات والإضراب، حتى إسقاط الحكومة وتحقيق مطالب المتظاهرين.
ومن جهتها، فقد أصدرت جمعية المصارف بيانا إذ تضمن: مع استمرار التحركات الشعبية في أنحاء عدة من البلاد، وحرصا على أمن العملاء والموظفين وسلامتهم، ومن أجل إزالة آثار الأضرار التي أصابت بعض المراكز والفروع المصرفية، تعلن الجمعية أن أبواب المصارف ستبقى مقفلة يوم الاثنين.
وقد أشارت إلى أن الإغلاق جاء على أمل أن تستتب الأوضاع العامة سريعا، في ضوء المساعي الحميدة والدؤوبة التي تبذلها مختلف السلطات، لإشاعة الطمأنينة والاستقرار، ولاستئناف الحياة الطبيعية في البلاد. بينما قررت الجامعة اللبنانية تعليق الدروس وتأجيل الامتحانات، حتى موعد لاحق، بسبب التظاهرات التي تشهدها البلاد.