كيف شكل اللاجئين السوريين الجزء الأكبر من الاقتصاد غير الرسمي لتركيا؟
مع تفاقم الأزمات الاقتصادية العالمية والتي لم تكن تركيا بعيدة عنها، بدأ اللاجئون السوريون في البحث عن أعمال يدوية ليشكلوا ما يسمى بـ “الاقتصاد الأسود أو غير الرسمي” في مدينة غازي عنتاب التركية. حيث البعض لديه أعمال غير مرخصة ، بينما يعمل معظمهم كعمال.
اقتصاد غير رسمي
وبحسب صحيفة “ناشونال” الدولية، فقد كان يوسف حميدي مدافعًا مركزيًا في فريق كرة القدم بجامعة حلب قبل أن يضطر إلى الفرار من سوريا إلى تركيا قبل عقد من الزمان. وبعد ذلك تحولت معظم مدينته إلى أنقاض، ساعدته لياقته البدنية على التعامل مع متطلبات الوظيفة التي وجدها ككوي ملابس في خط إنتاج للملابس الجاهزة في مدينة غازي عنتاب بجنوب تركيا.
وتابعت أن العمل الجاد كان هو الخطوة الأولى في تحوله من طالب هندسة غير قادر على إكمال شهادته، إلى صاحب مصنع ملابس غير مسجل تحت الأرض، يقول حميدي من مصنعه الواقع خارج المركز القديم لمدينة غازي عنتاب: “التكلفة المنخفضة هي سبب رئيسي لكوني أتقاضى رسومًا أقل وتلقي طلبات كافية. حيث كانت المدينة، إحدى المراكز الصناعية في تركيا، وتاريخيًا جزءًا من المناطق النائية لمدينة حلب الشهيرة على طريق الحرير”.
وتابع: “لا يمكنني الاستثمار لتبسيط الأعمال في هذه الظروف، لقد كانت خطوة إلى الأمام، وخطوتين إلى الوراء”. يقوم مصنع حميدي بشكل أساسي بأعمال التعاقد من الباطن لمصانع تركية كبيرة ويعمل به 30 سوريًا، لكن الافتقار إلى الأوراق الرسمية حد من إمكانية التوسع وحرم العمال من المزايا.
عدم اليقين
وأشارت الصحيفة الدولية، إلى أن حالة عدم اليقين السياسي بشأن مصير اللاجئين ازدادت بقوة منذ أن ضرب زلزال جنوب تركيا في فبراير وأثار الاستياء المتزايد ضدهم مع تصاعد الضغوط الاقتصادية وتراجع قيمة الليرة. وتوقفت تركيا عن السماح للاجئين الجدد من سوريا في عام 2016، بعد أن استقبلت 3.5 مليون، ويمكن للشركات توظيف اللاجئين السوريين، إذا تم الحفاظ على النسبة مع العمال الأتراك.
وتابعت أنه بعد فوزه في الانتخابات في مايو، كرر الرئيس رجب طيب أردوغان وعده بإعادة مليون لاجئ سوري إلى المناطق التي يسيطر عليها خصوم الأسد على الحدود مع تركيا. ويقول حميدي إنه يشعر بأنه عالق، بعد أن تعلم اللغة التركية وأنشأ شبكة يمكن أن تساعده في تنمية أعماله.
وأضافت أنه حتى لو تم تسجيل مصنعه، فإن قيود العمل لن تسمح له بالاحتفاظ بجميع موظفيه السوريين، الذين يقول إنهم يخشون الكشف عن هويتهم رسميًا. كما يقول إن الضرائب والمساهمات التي سيتعين عليه دفعها نيابة عن العمال ستحرمه أيضًا من ميزة التكلفة الحاسمة، ويقول حميدي: “الحكومة التركية تعرف عنا وتتركنا، لا أعرف حتى متى”.
وأوضحت الصحيفة أنه لمدة عام تقريبًا بعد وصوله إلى تركيا، عمل حميدي على كي الملابس الجاهزة قبل مرحلة التعبئة والتغليف في خط الإنتاج، وتقدم للعمل بشفرة كهربائية تقطع القماش بكميات كبيرة، ويمكن أن تلحق إصابات خطيرة للشخص الذي يقوم بتشغيلها عند أدنى انزلاق.
عمل جديد
أظهرت أرقام منظمة العمل الدولية أن حوالي نصف اللاجئين السوريين في سن العمل البالغ عددهم 2.2 مليون في تركيا العام الماضي كان لديهم شكل من أشكال العمل، معظمهم بشكل غير رسمي في وظائف وضيعة، ومع ذلك، فقد ذهب بعض اللاجئين إلى المزيد من الأعمال التجارية عالية التقنية.
ومن بينهم أحمد هيكل، الذي كان من المفترض أن يخوض امتحان الثانوية عام 2013، عندما سقط نصف المدينة التي يعيش فيها في أيدي الثوار، وفر إلى تركيا، فأثناء نشأته في حلب، اعتاد السيد هيكل على الذهاب إلى ورشة عمل مملوكة لعائلته وكان يعبث بمحولات كبيرة ومعدات كهربائية أخرى، حيث اعتاد والده الراحل على استيراد الأجزاء الكهربائية للبنية التحتية الصناعية كخردة من المصانع التي توقفت عن العمل في أوروبا وإعادة بيعها بعد إصلاح المعدات وإصلاحها، وافتتح شركة مماثلة بعد تشكيل شبكة من الكشافة لتحديد المصانع المهجورة في تركيا أو تلك التي على وشك الإغلاق.
يقول هيكل، في متجره في شارع مزدحم في غازي عنتاب: “لا أعتقد أن مثل هذا النموذج التجاري كان موجودًا قبل مجيئي إلى تركيا، جزء واحد يكلف 3 آلاف دولار جديد، ولكن أبيعه بمبلغ 300 دولار”، وبصرف النظر عن إغراء السعر، يقول هيكل إن الأجزاء القديمة مصنوعة بشكل أفضل، ويريد الحصول على الجنسية التركية لأنها ستمكنه من السفر إلى أوروبا لشراء الأسهم على غرار والده، لكنه يقول إن الحصول على جنسية ثانية أصبح حلما بعيد المنال، مع تزايد خطر الترحيل.