سياسة

كيف تسببت الضغوط الإقليمية في تدهور جماعة الإخوان المسلمين؟


تشير حالة التراجع العام التي تشهدها جماعة الإخوان منذ سقوط حكمهم في مصر، وما تلا ذلك من سنوات إلى أن الجماعة، وعلى عكس كافة المراحل السابقة التي شهدت فيها صعوداً وهبوطاً، في طريقها إلى بداية النهاية، ولاسيما مع تشرذُم قيادتها المصرية وعدم قدرتها على التعبئة والحشد واستمرار عزل عناصر التنظيم مجتمعياً في مصر، وذلك وفقا لما أكده مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.

وقد تحدث الصحفي المرصي ضياء رشوان رئيس مجلس إدارة “جائزة الإعلام العربي، عن المشهد المتعلق بجماعة الإخوان المسلمين، بين الماضي والحاضر والمستقبل، معتبرا أن الفارق الجوهري بين الإخوان وغيرهم من القوى السابقة عليهم وضح منذ نشأتهم، فبينما انتهجت الجماعة إطاراً عابراً للوطنية من مدخل عالمية الإسلام وأستاذية العالم، كانت الوطنية المصرية فقط هي المرجعية الأساسية لحزب الوفد والأحزاب اليسارية ولم يكن لهم أي انتماءات قومية أو عالمية.

وقال إن الجماعة رأت بعد عشر سنوات فقط من تأسيسها أن تخوض العمل السياسي بعد تأسيسها على مبدأ العمل الدعوي؛ ما يشير إلى حقيقة أهداف الجماعة، فهي تستخدم الدعوي لصالح السياسي طوال الوقت.

كما أكد أن جماعة الإخوان المسلمين وجدت نفسها في ظروف مهيأة وفرصة تاريخية لتحقيق الحلم الرئيسي، بالسيطرة على الحكم بعد ثورة  25 يناير 2011، على الرغم من أن الشواهد أشارت إلى أن الإخوان قد لحقوا متأخرين بالاحتجاجات الشعبية حينذاك، ثم سيطر الإخوان بعد الثورة على المجالس المحلية والنيابية والرئاسة نتيجةً لتشرذم المعارضة المدنية المصرية.

رشوان لفت أيضا إلى أن الجماعة مرَّت على مدار تاريخها بحالات تمرُد داخلي وانقسامات، وإن بشكل محدود، فقد شهدت الجماعة أول حركة تمرُد داخلي في عاميْ 1937 و1938، عندما ظهرت جماعة سُميت بـ”شباب سيدنا محمد”، وكانت أقرب إلى السلفية الجهادية في وقتنا الحالي؛ وتم إخمادها سريعاً.

وقد أدى اغتيال حسن البنا، في ديسمبر 1949؛ إلى فشل جماعة الإخوان في اختيار خليفة له طيلة ثلاث سنوات؛ نظراً للخلافات الموجودة بين قادة الجماعة داخل مكتب الإرشاد، رغم كونهم الجيل المؤسِّس للجماعة.

ويلفت النظر في الحالة الأخيرة أن الجماعة تحمل في أفكارها بذور العنف والتطرف، فحينما دخل بعض شباب وقيادات الجماعة السجن في محاكمات 1965، ومنهم شكري أحمد مصطفى، الطالب في كلية الزراعة بجامعة أسيوط بمصر، أسفرت الحوارات داخل السجن بين الطلاب وقيادات الإخوان إلى ما يُسمَّى بـ”منهج التكفير والهجرة”، والذي جسدته بعد ذلك ما سُمِّيت “جماعة المسلمين”، التي تزعمها شكري مصطفى.

ولعل الملمح الأبرز بعد الأحداث التي تلت 30 يونيو 2013 في مصر، ودخول أغلب قيادات الإخوان إلى السجون، وسفر البعض الآخر إلى خارج مصر، أن الإخوان كتنظيم فقد أهم ميزة له، وهي القدرة على التعبئة والحشد.

هذا وأدى سقوط الإخوان في مصر إلى تراجع مشروعهم وشعبيتهم في كافة الدول الأخرى؛ فقد تم عزلهم من حُكم السودان، وتراجعوا في ليبيا وتونس والمغرب وغيرها من الدول التي كانوا قد حققوا فيها نتائج انتخابية جيدة. 

وفقاً لما سبق، قال رشوان إن هذه المرحلة تشبه بداية النهاية بالنسبة لتنظيم الإخوان كما عرفناه لقرابة 90 سنة، ولكن هذا لا ينفي احتمالية أن تكون الجماعة موجودة مستقبلاً، ولكن ربما مع اختلاف اسمها وبعض أفكارها؛ أي أننا نشهد مرحلة بداية النهاية للإخوان.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى