متابعات إخبارية

كيف تختار الجماعة مرشدهم العام؟


بعد مداولات سرية عاصفة وزيارات مكوكية بين جبهات الإخوان المتناحرة فمن جديد عاد الجدل مع اختيار تنظيم الإخوان الإرهابي، صلاح عبد الحق، قائما بأعمال المرشد العام، ما ينذر بمزيد من تشرذم وانقسام الجماعة في المستقبل القريب.

فالاختيار الذي جاء على نحو سري منذ أيام لـ”صلاح عبد الحق، كمرشد للإخوان نيابة عن المرشد المسجون منذ 213 محمد بديع، ولم يعلن عنه حتى الآن. أثار العديد من التساؤلات حول من يدير الجماعة وآلية هذا الترشيح. وهل إذا اختارت الجماعة مرشداً قطبي متشدداً، سيؤثر على مستقبل الجماعة ويسير بها إلى مزيد من الصدام؟.

بينما يقول محللون إن تعيين ” عبد الحق” مجرد واجهة يتخفى وراءها تنظيم دموي قاتل. يؤكد آخرون أنه “مجرد اسم مبهم غامض يأتي من الصفوف الخلفية ليدعم معنى الجماعة السرية التي لا يعرف أحد حدودها ولا قادتها”.

المرشد مجرد واجهة 

وعن كيفية اختيار المرشد العام للإخوان؟ يقول طارق البشبيشي، القيادي السابق والباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، إنه “حسب اللائحة ينتخب المرشد العام عن طريق مجلس الشورى العام ويجب أن يكون قد مضى على عمله بصفوف الإخوان كـ” أخ عامل” مدة لا تقل عن 15 سنة ولا يقل عمره عن أربعين سنةً هجرية، وبعد انتخابه يبايعه أعضاء الجماعة”.

وأضاف البشيبشي أنه :” غير أن انتخاب المرشد يتم أحيانا عن طريق أعضاء مكتب الإرشاد دون الرجوع لمجلس الشورى. ويرجع ذلك لتعذر التقاء أعضاء المجلس معًا، أو هكذا تبرر الجماعة “سلوكها الدكتاتوري”.

أما أحمد المسيري، القيادي السابق في الإخوان والعضو السابق بالهيئة التأسيسية لحزب العدالة والتنمية، الذراع السياسة للإخوان إن “الإخوان على مر تاريخها لم يتول قيادتها إلا اثنين من المرشدين فقط، الأول: حسن البنا المؤسس وبطبيعة الحال لم يكن ينازعه في المنصب أحد، والثاني: مصطفى مشهور، الرجل القوي في التنظيم والذي كان يدير الجماعة منذ فترة عمر التلمساني.

 أما الباقي – حسب المسيري – كانوا ستاراً لمجموعة متنفذة ومسيطرة تدير الجماعة من خلف المرشد”. مؤكدا أنه:” حضرت نقاشاً بين قادة الإخوان عقب تولي محمد حامد أبو النصر، منصب المرشد، بعد وفاة عمر التلمساني، أقر فيها أبو النصر أنهم اختاروه ليكون ستار لهم ولتقديم رأسه للمشنقة فقط”.

ومن جانبه يقول إبراهيم ربيع، القيادي السابق بالإخوان، إن “عملية اختيار المرشد يحطيها الأسرار فليس كل عضو يمكن أن يكون قائدًا أو يتم تصعيده لمجلس شورى الشعبة ولا المنطقة، ومن ثم لا يمكن أن يصبح مرشدًا حتى ولو كان عضوًا في مكتب الإرشاد”.

وأوضح أن:”التنظيم الذي أُسس على العمل ضد الوطن وتكفير المجتمع. لا بد أن يكون على رأسه شخص يؤمن بـ “طظ في مصر” الفكرة التي عبر عنها المرشد السابق مهدي عاكف في أحد الأيام”.

كما لابد– وفقا لربيع- أن: “يؤمن المرشد بأن أي عمل تخريبي هو عمل جهادي يتقربون به إلى الله وأنه يسمع ويطيع للمجموعة السرية التي تدير الجماعة”.

مضيفا:” ثم بعد ذلك تأتي معايير اختيار المرشد الجديد، والتي تتم في الغالب بين مجموعة مغلقة جدًا أشبه بتنظيم داخل التنظيم. حيث تعرف تلك المجموعة بعضها ولا ينضم إليهم أي عضو إلا بعد اختبارات قاسية تضمن الولاء للتنظيم السري”.

 الجماعة تختار ولا تنتخب 

وحول هل يتم اختيار المرشد الجديد للإخوان أو تتم تلك العملية عبر الاختيار وليس الانتخاب، يعود طارق البشبيشي. قائلا:”يعشق تنظيم الإخوان العمل السري وينسج حول قياداته هالات من السرية والغموض، فالأمور داخل التنظيم ليست معلنة عن قصد.

وتلك الجماعة بُنِيت على السرية، حتى أيام مؤسسها حسن البنا رغم أنها كانت مرخصة وليست محظورة، وذلك بهدف أن يكون هناك حرية في اختيار القادة من بعده ومعاونيه. وحتى لا تتحكم القاعدة في اختيار من يمثلها أو المرشد”.

واستشهد البشبيشي، باختيار المرشد الثاني للإخوان حسن الهضيبي، قائلا:” جاء من خارج القيادات المعروفة وتم اختياره بصورة عجيبة تحدث عنها الشيخ والمفكر محمد الغزالي في كتاب “قذائف الحق”. حيث اتهم الإخوان بالخضوع للماسونية وبأن “الهضيبي” ماسوني لم تختره كوادر الجماعة بل اختارته دوائر أخرى مثل الملك والإنجليز ليحقق أهدافهم”، وفق تعبيره.

وفي هذا المنحى، يتفق “المسيري” مع “البشبيشي” عن أن الجماعة تختار ولا تنتخب، مضيفا:” الحرية واستقلال الرأي مفقودان داخل التنظيم، فهو يختلف عن أي هيئة أخرى في اختيارها لقياداتها”.

وأوضح:” الهيئات الطبيعية والتي تعمل وفق القانون مثل الأحزاب والجمعيات تختار قياداتها عبر انتخابات علنية. وترشيح وبرامج انتخابية وفترة دعاية وجمعية عمومية. أما تنظيم الإخوان فلا يسمح لكل عضو بإبداء الرأي في المرشد القادم. ولا في سياسات الجماعة، فهل يمكن أن يكون له رأي في المرشد العام ذاته؟”.

ويستكمل” العنصر الاخواني لا ينضم أساسًا للجماعة بإرادته بل إذا اختارته شخصيات إخوانية بعينها. كما يتم ترقيته بتوصيات من قادته، ومن ثم كافة المناصب تتم بالاختيار. ولا حيق للأعضاء لأن عقب انضمامهم يتم تربيتهم على القولبة والتبعية والسمع والطاعة وعدم الجدل وتجريم النقد. ومن غير المسموح أبدا بأي مساحة من المعارضة ولو كانت ضئيلة”.

ويوضح ربيع أسباب لجوء الجماعة لمبدأ الاختيار بأن ” الجماعة مخلصة لأفكار مؤسسها حسن البنا الذي يعادي الديمقراطية أو تعدد الآراء ويؤمن بالشمولية والرأي الواحد. كما أن الجماعة تؤمن بأن الديمقراطية وحرية الرأي كفر، لهذا لا تمارسهما منذ نشأتها”.

ماهي شروط اختيار مرشد الإخوان؟

يقول البشبيشي ” من المفترض أن يتم الاختيار من بين الأعضاء الذين تتوفر فيهم شروط المرشد. وهناك شروط عامة كالتي حددتها اللائحة. وهناك شروط خاصة وسرية لا يعلمها إلا أعضاء مكتب الإرشاد وبعض أعضاء مجلس الشورى.

ويضيف:” يتعين أن يكون على الأقل من جيل النظام السري الخاص أو من “تنظيم 65″ الذي أسسه سيد قطب. كما يجب أن يسمح لعناصر التنظيم السري بالتوغل في المحافظات وتولي المناصب الحساسة. وهؤلاء فقط هم من يسمح لهم بتولي المناصب الهامة ومنها منصب المرشد”.

ويؤكد هذا الرأي “المسيري”، قائلًا :” الجماعة السرية داخل التنظيم هل التي تتحكم في اختيار المرشد بل هي التي تدير هذا الاختيار”. مضيفا:” اختيار محمد بديع مثلا جاء من “مجموعة “65 وكذلك نائبه محمود عزت والقائم بالأعمال إبراهيم منير والقيادي محمد البحيري. وأيضًا محمد عبد المعطي الجزار وغيرهم من قادة الجماعة. وحتى الاختيار الأخير لـ “صلاح عبد الحق” كان من نفس الجيل ومن نفس المجموعة”.

ويوضح ربيع هذا السلوك، مشيرا إلى أن ” الجماعة لا تهتم بتربية كوادر سياسية ولا علمية ولا فنية ولا حتى فقهية. بل تهتم بتربية كوادر إخوانية تنتمي وتهتم بالتنظيم. وبالتالي الشروط التي تضعها فيمن يقود الجماعة هي تنظيمية في المقام الأول”.

 

من يرسم سياسة الإخوان؟

وحول هل تتحكم طبيعة المرشد في سياسة الجماعة، يعود البشبيشي مجددا. مؤكداً أن “العكس صحيح، فطبيعة المرحلة هي التي تحدد شخصية المرشد القادم، ومن ثم يختلف فيها الاختيار. كما أن المرشد لا يملك في كثير من الوقت لإدارة الإخوان. بل يديرها رجال التنظيم المنتشرين في مفاصله على أن تكون وظيفة المرشد الظهور في الإعلام لتبرير هذا الاختيار سواء أمام الصف الأول بالإخوان أو للرأي العام المحلي والعالمي”.

أما أحمد المسيري، فيرى أن ” بريطانيا هي التي ترسم سياسات الإخوان وهي التي تقدم لهم الرعاية والحماية، منذ بداية النشأة وحتى اللحظة الحالية.

وبالتالي سياسة الإخوان سواء العصيان وحمل السلاح وممارسة الإرهاب. أو الكمون والاكتفاء بتخريب العقول وتشويه الانتماء للوطن جميعها مسارات تتم وفق رؤية الدولة الراعية ومتطلباتها”، وفق تعبيره.

أما إبراهيم ربيع، فيقول إن “المرشد لا يمكن يغير من طبيعة التنظيم، فالإخوان نشأت كجماعة سرية مريبة تخدم الغرب ولا تنتمي للوطن. وستظل كذلك حتى إقصائها من الشارع المصري والعربي بفضل فضح ممارساتها وتفكيك أفكارها”.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى