كيف استخدمت بريطانيا الإخوان لتشويه الإسلام
أوضحت صحيفة الغارديان في تقرير حديث لها كيف شنت الحكومة البريطانية حملة “دعاية سوداء” سرية على مدى عقود.
حيث استهدفت إفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا بمنشورات وتقارير من مصادر مزيفة تهدف إلى زعزعة استقرار أعدائها من خلال تشجيع التوترات العرقية. وبث الفوضى، والتحريض على العنف وتعزيز مناهضة أفكار الشيوعية، استنادا لوثائق رُفعت عنها السرية حديثا.
دعاية سوداء
وركزت الجهود، التي استمرت من منتصف الخمسينيات وحتى أواخر السبعينيات من قبل وحدة في لندن كانت جزءا من وزارة الخارجية. على أعداء بريطانيا مثل الاتحاد السوفيتي والصين، وجماعات التحرير اليسارية والقادة الذين رأتهم المملكة المتحدة يشكلون تهديدا لمصالحها.
ووفق الصحيفة فقد سعت الحملة إلى حشد المسلمين ضد موسكو، وتشجيع المزيد من المحافظة الدينية والأفكار المتطرفة، كما استخدمت تنظيم الإخوان الإرهابي.
كما أكد التقرير الذي نشرته الصحيفة أن المملكة المتحدة شاركت في دعاية سوداء أكثر مما يفترض المؤرخون، وكانت تزيد في دعايتها المتعلقة بالشرق الأوسط من التشجيع على كراهية إسرائيل لكي تظهر الدعاية على أنها أصلية.
وسوّق الدعاية البريطانية المضللة حينها قسم أبحاث المعلومات (IRD) الذي أنشأته حكومة العمال بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك كان يهدف لمواجهة هجمات الدعاية السوفيتية على بريطانيا.
تقول الغارديان إن الحكومة البريطانية اعتمدت عدة وسائل في الترويج لدعايتها كان أحدها إصدار “تقارير” تُرسل لتحذير الحكومات الأخرى، يكتبها صحفيون مختارون بعناية.
تتابع الصحيفة بأن التقارير تضمنت حقائق وتحليلات منتقاة غالبا ما تم الحصول عليها من المعلومات الاستخباراتية المقدمة من أجهزة الأمن البريطانية.
ماعة الإخوان الإرهابية
بينما كان التكتيك الآخر هو تزوير تصريحات من قبل المؤسسات والوكالات السوفيتية الرسمية، مثلما جرى بين عامي 1965 و1972، عندما قامت IRD بتزوير 11 بيانا على الأقل من وكالة نوفوستي، وهي وكالة الأنباء السوفيتية التي تديرها الدولة. وكان أحد تلك البيانات جاء عقب هزيمة مصر في حرب 1967 التي استمرت ستة أيام. حيث زورت بيانا عن نوفوستي لإذكاء الفتنة والسخط في مصر ضد روسيا، وكان يتحدث البيان المزور عن الغضب السوفيتي من إهدار مصر الكثير من الأسلحة والعتاد التي زودتها بها موسكو.
وبحسب الصحيفة، قامت إدارة أبحاث المعلومات بتزوير الأدبيات الدينية عن طريق استخدام جماعة الإخوان الإرهابية، واتهمت أحد الكتيبات موسكو بتشجيع حرب عام 1967. وانتقدت جودة المعدات العسكرية السوفيتية، ووصفت السوفييت بـ”الملحدين القذرين الألسنة” الذين رأوا المصريين أكثر بقليل من “الفلاحين الذين عاشوا طوال حياتهم وهم يعالجون الخرافات الإسلامية الرجعية”.
وقد أطلق قسم أبحاث المعلومات IDR في فبراير بيانا مزورا عن جماعة الإخوان المسلمين، وحرضهم على مهاجمة مصر بزعم استخدامها الأسلحة الكيماوية في معركتها ضد تحالف من المحافظين والقبائل الدينية في اليمن.
ورددت منشورات IRD مزاعم أخرى أطلقها إسلاميون متطرفون، بحجة أنه لا ينبغي إلقاء اللوم في الجرائم العسكرية على “الملحدين أو الإمبرياليين أو اليهود الصهاينة” بل على “المصريين الذين من المفترض أن يكونوا مؤمنين”.
وجاء في منشور يسأل: “هؤلاء القتلة المصريون ذهبوا بعيدا في نفاقهم دون عقاب، لكنهم لم يعودوا قادرين على التظاهر بالإيمان بالله وبرسوله وفي كتابه المقدس”. ويقاتلون “فلماذا لا يوجهون جيوشهم ضد اليهود؟”.
وفي هذا السياق قال روري كورماك أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نوتنغهام إنه “كما هو الحال مع الكثير من مخرجات IRD، فقد صُمم للتضليل” وكانت تهدف المنشورات حول اليمن إلى الضغط على القيادة المصرية لقبول وقف إطلاق النار.
ولم يتوقف نشاط قسم أبحاث المعلومات حول نشر المعلومات المضللة والتحريضية بل أنشأ أيضا منظمات إسلامية متطرفة مثل منظمة “رابطة المؤمنين” والتي هاجمت الروس باعتبارهم كفار. واعتبرت أن الهزائم العربية كانت بسبب الافتقار إلى الإيمان الديني.
وتقول الصحيفة إنه على الرغم من إغلاق قسم أبحاث المعلومات في العام 1977 إلا أن الباحثون يقولون بأن جهودا مماثلة للدعاية السوداء التي ساقها، استمرت لعقد آخر من الزمن.