تأتي نسخة هذا العام من معرض فارنبره للطيران في بريطانيا (18-22 يوليو الجاري) في ظروف استغلال شديد لمصائب أقوام، وإن كان تلميحاً، في ظل التعافي المتقطع للطيران المدني بسبب بقايا الجائحة وحرب أوكرانيا وتضخم الأسعار، وظروف موازية للطيران العسكري في تطور إمكانيات المقاتلات والصواريخ والرادارات، وظروف مشابهة يتم فيها استعراض نماذج محركات بالطاقة البديلة وأنواع مستحدثة من الوقود الحيوي.
تقوم شركات الطيران الحكومية، المنضوية تحت التحالفات الكبرى لتبادل أجزاء من الرحلات، بعقد مفاوضات وإبرام اتفاقات لتسليم ركابها لشركات حكومية أخرى في الرحلات الطويلة، بهدف اقتسام الأرباح وتقليل المصروفات، وأيضاً كجزء من الدبلوماسية المؤسسية المربحة للدولة، في تمهيد لشراكات أخرى في قطاعات مختلفة تكون نواتها المرجعية في اقتسام كعكة الطيران.
وتجنباً للمبالغة في التأويلات، تكفي متابعة عناوين الشراكات في مسارات الأجواء بين دولتين لتخمين حركة المواد والبضائع والشحن والمستثمرين والعمال، ومنها وضع فكرة عامة عن احتياجات الدولتين وحاجة إحداهما إلى الأخرى في الفترة الحالية والقادمة.
أما الشركات العسكرية فتقدم لمحة لنقاط التطور الذي طرأ على أحدث طرازات المقاتلات والصواريخ والرادارات، مقارنةً بذات الجوانب في نسخ أو طرازات سابقة، أمام ممثلين عن وزارات دفاع دول كثيرة، تليها اجتماعات ثنائية لمعرفة أوجه قلق واهتمام كل سلاح طيران وطني حيال محيطه الجوي ومجاله السيادي.
وهنا تبرع مصانع الطيران العسكري والدفاع الجوي في الاستشهاد ببيانات أداء مناورات أجيزت جزئياً للإفصاح عنها، أو دراسات أثر هجومي أو دفاعي في ميدان قتالي محتدم ونجاح الذخيرة والذخيرة المضادة في الإصابة أو التصدي.
عند إتمام الصفقات، تستبشر المصانع والشركات العاملة في سلاسل الإنتاج الأفقية (خطوط الإنتاج) والعمودية (المكونات الخارجية)، وتمتد البشرى لتعلنها الإدارة التنفيذية للمساهمين كتوقعات إيجابية تبنى عليها معاملات وتكهنات ومضاربات أسهم، ويعلنها محافظو وحكام المناطق التي تضم المصانع كأرقام أعلى للأرباح الخاضعة للضريبة، مع خطط لما ستحققه الأرباح للمصانع والشركات من جهة، وما ستحققه الضريبة المرتفعة بارتفاع الربحية للخدمات في المناطق التي تضم مقار المصانع والشركات وانعكاس ذلك على جودة الحياة.
على خلفية عمل طرفي الطيران المدني والعسكري، يجتهد منتجو الوقود البديل أو الحيوي، وصنّاع محركات الطيران الكهربائية، ومعهم وكالات تقييم الأثر البيئي – الذي تخلفه عمليات تشغيل أساطيل خطوط الطيران، وأسراب طائرات الشحن، ومؤخراً المقاتلات والقاذفات – لعرض جهودهم الواعدة في الابتكار، وتقديم أسماء الأطراف المموّلة والداعمة لهم، والجدوى الاستهلاكية والبيئية لتبنّي حلولهم مقارنةً بما تقدمه الحلول التقليدية، وكذلك التطابق مع التشريعات البيئية المستجدة والقابلة للاستحداث، وما يوفره التطابق المسبق الذي يتم تضمينه في مرحلة البحث والتطوير أو التحديث من القبول السياسي والشعبي طالما استطاعت الدول تسخير العتاد للدفاع عن أنفسها وتقليل الضرر البيئي في آنٍ واحد.
كل ما سبق يجري والسُوّاح وهواة الطيران يحتشدون لمراقبة استعراض الطائرات بأنواعها، والتفرج عن قرب على نماذجها المعدّة للعرض، في إحدى أوضح الاحتفاليات الهجينة الجامعة بين المتعة الجماهيرية والمصالح الجيو-استراتيجية.