سياسة

كلمة السر في خطاب نصر الله الأخير

الشيخ ولد السالك


ما تنفك إيران وأذرعها في المنطقة تستغل الإعلام عبر خطاباتها الاستعراضية الموغلة في الشعبوية.

للعب دور الضحية المظلوم من الجميع لشحن وتجييش عواطف الأتباع باستحضار الظلم الذي وقع على الحسين -رضي الله عنه- ومحاولة تنزيله على واقع مختلف واستغلاله اليوم سياسيا بعد قرون من الزمن.

وعلى مدى عقود كان حسن نصر الله أبرز الممثلين على هذا المسرح بخطاب سنوي مجلجل بالمفرقعات الصوتية، إلا أن خطاب “نصر الله” الأخير جاء مختلفاً عن خطاباته السابقة، وذلك في اعتقادي لسببين أساسيين:

الأول هو أن المناسبة تأبين قاسم سليماني، مهندس الخراب والقتل الإيراني في الدول العربية، وأبو مهدي المهندس، ذراع قاسم سليماني في العراق، ولا يخفى على أحد أن ما بناه “سليماني” في لبنان وسوريا واليمن لم يكن مشروع حياة يستحق الإشادة، بل كان مشروع قتل ودمار خلف عشرات الآلاف من الأيتام والأرامل واللاجئين والمشردين، أما ذراعه المهندس فقد نبذه الشعب العراقي وصوّت ضد مشروعه في الانتخابات الأخيرة، والسبب الثاني هو الضربات الموجعة التي وجهت لمليشيا الحوثي في اليمن، حيث كان واضحاً أن ضربات التحالف العربي أوجعت معاقل “حزب الله” في اليمن، إن لم تكن نجحت في تدميرها جميعا.

معلوم أن “حزب الله” هو المركز الرئيسي لجميع أذرع إيران في المنطقة، والمتمعن في المقطع الأخير المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي للأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، الذي يتحدث فيه عن إيمانهم بولاية الفقيه بطريقة تختلف عن جميع أتباعها في العالم، حيث يقر بأن لديهم معرفة خاصة بمباني وأصول ومزاج المرشد، وكيف يفكر، وما يسعده وما يغضبه، كما قال “نصر الله” بالحرف، ويتمثل ذلك عند دراستهم لأي مسألة من المسائل في لبنان، حيث يرتبط القرار بمزاج المرشد، فإذا كان هناك أي احتمال أن هذا الأمر يرضي المرشد يقدمون عليه دون أي تردد، وكذلك العكس عندما يكون هذا الأمر يزعجه أو يغضبه يتجنبونه دون تردد!!

هكذا تكلم حسن نصر الله بالحرف وبكل صفاقة.. وهكذا كشف للجماعة ما يمثله لبنان لجماعة “حزب الله”، فهي تعمل لترضي مزاج المرشد في إيران فقط لا غير، وتعلن ذلك على رؤوس الأشهاد دونما مواربة أو خجل!

لبنان بات منذ أمد غرفة العمليات التي تدير منها إيران جميع أذرعها في المنطقة، فعن طريق “حزب الله” دعمت مليشيا الحوثي في اليمن وصنعت لهم الصواريخ والطائرات المسيرة، وأرسلت لهم المقاتلين والذخيرة وغير ذلك، لهدف واحد هو خوض الحرب بالوكالة مع المملكة العربية السعودية.

لقد كان الحوثي واثقاً من قوة الجدار الإيراني الذي أسند إليه ظهره، فرفض الحوثي بإيعاز من طهران -طبعاً- العرض الذي تقدمت به المملكة العربية السعودية لوقف إطلاق النار وبدء الحوار للتوصل إلى حل سياسي.. واستمرت مليشياته في إطلاق الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة على المدنيين في المملكة العربية السعودية، لكن ردة فعل التحالف العربي الأخيرة في اليمن جاءت ضربات موجعة يبدو أنها أضرت بفرق “حزب الله” في صنعاء، كما أن العمليات البرية التي تقوم بها ألوية العمالقة الجنوبية على الأرض كانت مؤلمة لقوات حسن نصر الله في شبوة وغيرها من المدن التي حررتها الألوية.. هذا ما يفسر سيل اتهامات حسن نصر الله في خطابه الأخير للمملكة العربية السعودية.

ولا شك أن خسائر المعارك العسكرية في اليمن، سواء منها الضربات الجوية أو المعارك التي تخوضها قوات العمالقة والجيش اليمني على الأرض، ستجبر مليشيا الحوثي على الجنوح للسلم، خصوصا إذا أثخنت في مقاتلي “حزب الله” اللبناني وخبراء تصنيع السلاح التابعين له، فتقليم مخالبه يعني بدء مسار تهدئة وسلام في المنطقة عموما وفي لبنان الذي يتصرف الحزب في قضايا أمنه ومستقبله ليرضي مزاج المرشد الإيراني.

نقلا عن عكاظ

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى