سياسة

قطر بين المصلحة والمصالحة


لم تتوقف الدوحة خلال سنوات المقاطعة عن ذكر ما تسميه “فوائد” عزلتها – بحسب زعم قيادتها – في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

وأعلنت حكومة قطر رسمياً بأنها لا تريد العودة للحضن العربي الخليجي، و سخرت كل إمكانياتها لدعم أذرعها الإعلامية في الهجوم على الدول المقاطعة لها والافتراء عليها.

وما إن لاح في الأفق مجدداً الحديث عن بوادر المصالحة الخليجية حتى انقلب الخطاب الإعلامي والسياسي القطري رأساً على عقب، و بات المعنيون بهذا الخطاب يتكلمون عن حرص قطر على تحسين علاقتها بجوارها العربي، بل ذهبوا أكثر من ذلك حين أصبحوا يستشهدون بضرورة فتح الأجواء السعودية بوجه الطيران القطري.

ومع أن التناقض هو سيد المواقف القطرية، إلا أن المصالحة مع قطر في حال حصلت، لن تغني عن تذكير القريب والبعيد بمصلحة قطر من تلك المصالحة، ومصالح قطر العابرة لحدود الانتماء للعالم العربي و الإسلامي وفي مقدمة ذلك، البيت الخليجي الموحد والمتمثل بمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

فنظام الحكم القطري يرى مصالحه ومصلحته في كل أمر يضر بالأمن القومي لدول الخليج العربي وشعوبها، ويلهث هذا النظام خلف إيران التي لن يختلف اثنان على ممارساتها المزعزعة للأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، فضلاً عن المليشيات الإرهابية التي صدرتها لسوريا والعراق ولبنان واليمن.

كما أن الدعم المالي المستمر من قبل قطر لإرهاب إيران وأدواته موثق بشهادة الحليف الأمريكي نفسه، وهذا كله يتلاقى كما وكيفاً مع سعي نظام قطر خلف مصالحه وليس مصلحة شعبه، ولم تتوانى قطر سابقاً عن استضافة زعامات التطرف أو قيادات الإرهاب على أراضيها، وضربت وقتها وتضرب حتى يومنا هذا ببنود معاهدات مجلس التعاون الخليجي في هذا الصدد عرض الحائط.

ومن حق قطر أن يكون لها إعلام تموله وقنوات إخبارية تتبع لها و منصات تفاعلية تديرها، لكن من الجريمة بمكان أن تستعمل قطر ذلك الإعلام وتلك القنوات وهاتيك المنصات في الترويج للإرهاب والإرهابيين، وتشارك في العمليات الإرهابية بدول الخليج العربي، حين تبارك ما يقوم به الإرهابيون، كمحاولات الحوثي الانقلابية الفاشلة استهداف السعودية على سبيل المثال لا الحصر.

ومن البديهي القول بأن الوعي الجمعي الخليجي لدى مواطني دول المجلس عموماً في أحسن أحواله، إذ يدرك المواطنون حجم الكوارث السياسية والأمنية والإعلامية التي يقوم بها النظام القطري، لكن الشرخ المجتمعي الذي أحدثته قطر داخل تلك المجتمعات يطول شرحه، سيما وأنها استخدمت المرتزقة في إعلامها على الدوام للتطاول على قيادات الخليج العربي ومواطنيه.

ويستحيل على عاقل أن يُخضع هذه المعادلة القطرية لتحليل منطقي مفيد، فقطر الآن تتأمل المصالحة ولكن أي مصالحة تريدها قطر، إنها تبحث عن بقاء مصالحها داخل ظروف المصالحة، وبالتالي تعمد قطر إلى اختراع أكاذيب جديدة تتحدث فيها تارة عن خلافات مزعومة داخل الرباعي العربي، و خيارات منفردة لدول المقاطعة، وكل ذلك من أجل إرضاء الفهم القطري السقيم .

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى